الصومال تتألم..فهل من مغيث؟!

منذ 2011-12-31


الصومال ذاك القطر العربي المنسي الذي يسبح فوق بركة من الدماء، الصومال ذاك القطر العربي الذي تخلى عنه العرب رغم احتياجه الشديد لهم، الصومال الذي نخر الفقر في عموده الفقري من جهة فأصبح هزيلاً على شفى الهاوية إن لم يكن قد هوى إلى مالا نهاية، ومن جهة أخرى يتناحر أبنائه فيقتل بعضهم بعضاَ في حرب لم تبقى ولا تذر، طالت وتعرضت منذ أكثر من 20 عاماً وسفك الدماء وتدمير البُنى التحتية التي أصبحت أطلال والأسلحة المنتشرة لدى كل فرد تعد المشهد المعتاد في حياة المواطن الصومالي، الصومال التي أصبحت هيروشيما القرن الأفريقي ولكن الفرق بين هيروشيما الصومال وهيروشيما اليابان شاسع، فالأولى: تهدم بأيدي أبنائها المتناحرين، والثانية: هدمت بيد عدو أجنبي واليد اليابانية إعادة أعمارها.

وبما أن العقل لا يُحكم بين أبناء القطر الصومالي الشقيق الذي يقتل الأخ أخاه والجار جاره، وجب تدخل العقلاء وبما أن الصومال قطر عربي مسلم كان لابد للدول العربية الالتفاف إلى هذا البلد والأخذ بيده للخروج من أزمته التي طال بها الأمد وإلا فما الفائدة من جامعة الدول العربية ومنظمة العمل الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي إن لم تقف مع بلد عربي مسلم يستغيث من أكثر من عقدين من الزمن، لاشك بأن هناك خلاف سياسي وفراغ أمني كبير في الصومال نتيجة لعدم الوصول إلى أرضية مشتركة تجمع القوى السياسية المتناحرة من شانها أن توقف إراقة الدماء والتوصل إلى شراكة سياسية توحد من خلالها وجهات النظر وتتقاسم السلطة بحيث تسهم في بدء خطوة جديدة للمصالحة وبناء صومال جديد، ولكن هذه القوى لم تجد من يأخذ بيدها ويدفع بعجلة المصالحة الصومالية للخروج من هذه الأزمة التي لم تبقي في الصومال سمة واحدة من سمات الحياة الطبيعية.

والبعض يتساءل لماذا همشت جامعة الدول العربية نفسها بالنظر إلى قضايا المواطن العربي والسعي في حلها؟! لماذا نأت بنفسها عن هموم المواطن العربي ولم تسهم في درء الفتن التي باتت تجتاح الوطن العربي قطر بعد أخر؟! ربما جميعنا يدرك بأن الفساد الذي عاث بهذه المنظومة العربية سبب رئيسي في تردي الوضع العربي، والسكوت عما كان يمارس من قبل القيادات العربية الفاسدة أسهم في فساد مساعيها التي لم تتجاوز عتبات مقر الجامعة العربية، واليوم وبعد رحيل قادة الفساد العربي والدكتاتوريات التي قوقعت عمل الجامعة لمصالحها الشخصية وجعلتها حكراً لها وسخرتها للدفاع عن وجهات نظرها بتنا على عتبات حقبة جديدة وربما كان الدور الذي تلعبه الجامعة العربية اليوم في حماية الشعب السوري من القمع والقتل الذي يمارسه نظام الطاغية بشار الأسد الذي مازال يعاني من دكتاتورية لم تعد متواجدة سوى في سوريا وحدها فقط، هذا الدور يعيد إلى ذاكرتنا ما أنشأت لأجله جامعة الدول العربية وهذه خطوة غير مسبوقة في قرارات الجامعة ولعلنا نستبشر خيراً في المستقبل ولكننا في نفس الوقت نؤكد على ضرورة إزالة بقايا أثار القيادات العربية السابقة التي تم إزاحتها عن سدة الحكم وبدء مرحلة جديدة لا تحكمها قيادات ولا تؤثر في قراراتها مصالح شخصية وأن تكون الحيادية سمة أصيلة في عمل الجامعة.

بالعودة إلى القرن الأفريقي المتناحر مرت على الصومال مجاعة ربما كانت الأشد فتكاً بالمواطن الصومالي ومع ذلك كان هناك تخاذل وتباطأ في إغاثة منكوبي الصومال من قبل الدول العربية على وجه الخصوص، ورأينا بادرة طيبة من بلد إسلامي تمثل في زيارة رئيس وزراءه وعدد من مسئولية للوقوف مع هذا الشعب الذي له علينا حق كونه عربي مسلم، رأينا تركيا تقود حملة مع هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التابعة لرابطة العالم الإسلامي في الوقت الذي كان على الدول العربية أن تكون هي السباقة لمثل هذا الدور المحوري لحل القضايا العربية، مع أن الاستجابة العربية جاءت متأخرة ولكنها افتقرت إلى استشعار المسئولية تجاه هذا القطر العربي الذي يستغيث ليس من مجاعة فقط ولكن من وضع متردي منذ أكثر من قرنين من الألم والجوع والفقر والحرب الأهلية التي أهلكت الحرث والنسل؟!!

الكـاتب : عبد الهادي الخلاقي
المختار الإسلامي

  • 1
  • 0
  • 1,714

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً