إذا لا يضيعنا (من دروس الحج)
إن أعظم هذه الدروس قضية التوكل والاعتماد على الله، والثقة به، وما أحوجنا إلى هذه العقيدة في زمن ضعُف فيه الإيمان، وتبدَّلت فيه القِيَمُ، وكثُرت فيه الأمراض الاجتماعية والنفسية...
مكث إبراهيم عليه السلام يدعو ربه أن يرزقه الولد الصالح طوال حياته، فلطالما اشتاقت نفسه إلى هذا الولد، فيُداعبه ويُلاعبه ويُضاحكه، ويستعين به على تبليغ رسالة ربه، ويكون برًّا به عند كِبَرِ سنِّه، وظل هكذا يدعو: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 100]، واستمرَّ في الدعاء وقد بلغ به العمر عتيًّا، وكبِرت سنُّه، ورقَّ عظمه، فاستجاب الله له ورزقه بغلام حليم، ثم أنعم الله عليه بعد فترة من الزمن بغلام آخر؛ عندها قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39]،
وعندما رُزِقَ بالولد الأول – وهو إسماعيل عليه السلام - أمَرَهُ ربُّه بأن يهاجر من فلسطين مع زوجته هاجر وابنه الرضيع إلى وادٍ مترامي الأطراف، لا ماء فيه ولا طعام، ولا شجر، ولا يوجد فيه أحد من البشر، حتى إذا وصل إلى ذلك المكان، ترك زوجته وابنَه الرضيع، وترك لهما قليلًا من الماء، وبعض حبات من التمر، وعاد بأمر ربه إلى فلسطين، فتَبِعَتْهُ أمُّ إسماعيل فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي، الذي ليس فيه أحدٌ ولا شيء فيه؟ قالت ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها؛ حتى لا يتأثر بالعاطفة، ويحن عليهما، وينسى أمر ربه، فقالت له: آللهُ الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يُضيِّعنا...
يا لها من كلمة عظيمة تنبئ عن إيمان عميق، وتوكُّلٍ عظيم، وثقة لا حدود لها بخالق الأرض والسماوات، إذا كان الله أمرك بهذا، فلن يضيعنا، ثم انطلق إبراهيم عليه السلام، حتى إذا كان عند الثَّنِيَّة حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت؛ ثم دعا بهؤلاء الدعوات وهو على ثقة بأن الله لن يضيع زوجته وابنه: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]، وهل يُعقَل من إبراهيم عليه السلام الذي كان يتمنى طوال حياته هذا الولدَ، أن يتركه في هذا الوادي بدون طعام أو شراب؟ إنه التوكل على الله، والثقة به، والاعتماد عليه، وتلك والله عقيدة السعداء، وطريق الأولياء، وبها سعادة الدنيا والآخرة، وجعلت أم إسماعيل ترضع ولدها إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفِدَ ما في السِّقاء، عطِشت وعطِش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوَّى، فانطلقت كراهيةَ أن تنظر إليه، فقامت على الصفا ثم استقبلت الوادي؛ تنظر هل ترى أحدًا، فلم تَرَ أحدًا، ثم أتت المروة فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا فقالت: صَهٍ، ثم تسمَّعت فسمِعت أيضًا، فإذا هي بالْمَلَكِ عند موضع زمزم، فبحث بعَقِبِهِ حتى ظهر الماء، فجعلت تَحُوضه - تجمعه - بيدها، فشربت وأرضعت؛ فقال لها الْمَلَكُ: «لا تخافوا الضَّيعة؛ فإن هذا البيت يبنيه هذا الغلام وأبوه»؛ [ (رواه البخاري) ]،
ومرَّت قبيلة جُرْهُم اليمنية قريبًا من ذلك المكان، فرأوا الطير في السماء حول ذلك المكان، فأدركوا وجود الماء، ولما أتَوا إليه، وجدوا امرأة ضعيفة وغلامًا رضيعًا، فقالوا لها: تعطينا من الماء، ونعطيك الطعام، ونحفظك وابنك، فعاشت تلك القبيلة في ذلك المكان، وترعرع فيه إسماعيل، وتزوج من تلك القبيلة، وقام مع والده ببناء البيت الحرام؛ قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]، وأمَرَ اللهُ خليلَه إبراهيم عليه السلام بأن يؤذِّن في الناس بالحج؛ قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]، فقال إبراهيم: يا رب كيف أبلِّغ الناس وصوتي لا ينفذ إليهم؟ فقال: نادِ، وعلينا البلاغ، فقام على مقامه، وقيل: على الصفا، وقيل: على جبل أبي قُبَيس، وقال: يا أيها الناس، إن ربكم قد اتخذ بيتًا فحُجُّوه، فيُقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأجابه كل شيء سمعه من حَجَرٍ وشجر، ومن كَتَبَ الله أنه يحُجُّ إلى يوم القيامة.
أيها المسلمون: إنه لَدرسٌ عظيم نتعلمه من دروس الحج، ومن هذه الحادثة، وإن أعظم هذه الدروس قضية التوكل والاعتماد على الله، والثقة به، وما أحوجنا إلى هذه العقيدة في زمن ضعُف فيه الإيمان، وتبدَّلت فيه القِيَمُ، وكثُرت فيه الأمراض الاجتماعية والنفسية؛ كالقلق والاضطراب، والخوف من المجهول، ومن فوات الرزق، وتسلُّط العدو، بل وارتُكِبت كثير من المحرمات بسبب ضعف عقيدة التوكل على الله، وظهر اليأس عند كثير من الناس، وضعُف الأمل، وقلَّ التفاؤل؛ فقد كثُرَ المتوكلون على الملوك والأمراء، والوُجهاء والوزراء في قضاء حوائجهم، وكثر المتوكلون على الأطباء في شفاء مرضاهم، كما كثر المتوكلون على الموتى والأولياء في تلبية مطالبهم ورغباتهم، كما يحصل من عُبَّاد القبور في طول العالم الإسلامي وعرضه، وكثر المتوكلون على حِنْكتهم وذكائهم وأموالهم؛ والله سبحانه وتعالى يقول: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: 3]، ويقول تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58]، بل إن الله تعالى جعل التوكل شرطًا لصحة الإيمان؛ فقال سبحانه: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]، وفي الترمذي عن عمر رضي الله عنه مرفوعًا: «لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّلِهِ، لَرَزَقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خِماصًا، وتَرُوح بِطانًا»، ومعنى (خماصًا)؛ أي: فارغة البطون.
وفي السنن عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال - يعني إذا خرج من بيته - بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يُقال له: هُدِيتَ ووُقِيتَ وكُفيتَ، فيقول الشيطان لشيطان آخر: كيف لك برجلٍ قد هُدِيَ وكُفِيَ ووُقِيَ» ؟، والتوكل هو الاعتماد على الله، والثقة به في نيل المطلوب، وتحقيق المرغوب، بعد بذل المستطاع من الأسباب، وأن يعتقد العبد بأنه لا ينفع ولا يضر إلا الله، وأن بيده مَقالِيدَ كل شيء، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، دخل أحد الصحابة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير وقت صلاة، فوجد غلامًا لم يبلغ العاشرة من عمره قائمًا يصلي بخشوع، فانتظر حتى انتهى من صلاته، فجاء إليه وسلم عليه، وقال له: ابنُ من أنت؟ فطأطأ الغلام رأسه، وانحدرت دمعة على خده، ثم رفع رأسه، وقال: يا عم إني يتيم الأب والأم، فرقَّ له الصحابي، وقال له: يا بني أترضى أن تكون ابنًا لي؟ فقال الغلام: هل إذا جُعْتُ تُطعمني؟ فقال: نعم، فقال الغلام: هل إذا مرضتُ تَشفيني؟ قال الصحابي: ليس إلى ذلك من سبيل يا بني، قال الغلام: هل إذا متُّ تُحييني؟ قال الصحابي: ليس إلى ذلك من سبيل، فقال الغلام: فدعني يا عم للذي خلقني؛ فهو يهدين، والذي هو يطعمني ويسقيني، وإذا مرضت فهو يشفيني، والذي يميتني ثم يحييني، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين، سكت الصحابي ومضى لحاله، وهو يقول: آمنت بالله، من توكل على الله كفاه.
عبـــــــاد الله: في التوكل يجد العبد راحة البال، واستقرارًا في الحال، وطمأنينة في النفس، فلا يخاف من فوات رزق؛ لأن الله وكيله وهو القائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر: 3]، وفي التوكل يجد العبد الأمن والنصرة، والعناية والتأييد من الله؛ قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51].
لما وَلِيَ الحَجَّاج بن يوسف الثقفي العراقَ، وزاد طغيانه وتجبُّره، وقف الحسن البصري أمام طغيانه وظلمه، فقال الحجاج لحاشيته ومقربيه: من ينكر عليَّ؟ قالوا: الحسن البصري، فقال الحجاج، وهو يتميز من الغيظ لجلسائه: تبًّا لكم وسحقًا، يقوم عبد من عبيد أهل البصرة، ويقول فينا ما شاء أن يقول، ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه، والله لأسقينكم من دمه يا معشر الجبناء، ثم أمر بالسيف والنِّطع فأُحضرا، ودعا بالجلَّاد فمثل واقفًا بين يديه، ثم أمر الشرطة أن يأتوا به، فجاؤوا بالحسن فارتجفت له القلوب خوفًا عليه، فلما رأى الحسن السيف والنطع والجلاد تحركت شفتاه، ثم توجَّه إلى الحَجَّاج في عزة المؤمن الواثق بربه، المتوكل عليه، الذي يخشاه ولا يخشى أحدًا إلا إياه، وما أن رآه الحجاج حتى هابه ووقَّره، وقال: ها هنا يا أبا سعيد، ها هنا، ثم ما زال يُوسِّع له ويقول: ها هنا، والناس يندهشون للموقف، حتى أجلسه على فراشه وأخذ يسأله عن بعض أمور الدين، ويجيبه الحسن بعلمه الفيَّاض، ومنطقه العذب، وهو ثابت صلب، فقال له الحجاج: أنت سيد العلماء يا أبا سعيد، ثم طيَّب له لحيته بأغلى أنواع الطيب، وودَّعه، ولما خرج تبِعَه حاجب الحجاج، وقال له: يا أبا سعيد، لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك، وإني رأيتك عندما أقبلت، ورأيت السيف والنطع، حركت شفتيك، فأسألك بالله إلا أخبرتني، ماذا قلت؟ قال الحسن: لقد قلت: يا وليَّ نعمتي، وملاذي عند كربتي، اجعل نقمته بردًا وسلامًا عليَّ، كما جعلت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم؛ وصدق الله إذ يقول: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3].
فإن المرء لَيعجب عندما يرى هذه الفريضة في هذه الأمة ما تزال تُنْبِئ الدنيا كلها على أن هذه الأمة لا تتحرك ولا تبذل ولا تضحِّي إلا لله عز وجل، وهي أمة واحدة، في قِيَمِها ومبادئها وأخلاقها، وكم حاول الأعداء تمزيق الأمة! كم اصطنعوا من فواصل! وكم افتعلوا من الحواجز جغرافيًّا، وقوميًّا، وحزبيًّا، وسياسيًّا، ومذهبيًّا، وطائفيًّا! لقد حاولوا إطفاء جذوة الدين الموحَّد، وقتل اللغة المشتركة، وطمس التاريخ المجيد، ولقد قطعوا - أخزاهم الله - في تحقيق مآربهم شوطًا بعيدًا، ولكن شعائر الإسلام تأتي لتوحِّد القلوب، وتذكِّر النفوس، وتبيِّن الحقائق، وتقوي الوشائج والروابط بين المسلمين، وانظروا إلى من يأتي من أقاصي الصين، ومن يأتي من أعماق إفريقيا السوداء، ومن يأتي من أواسط أوروبا البيضاء، ومن يأتي من شرق الدنيا وغربها، وشمالها وجنوبها، وانظروا إلى فقير ربما جمع نفقة الحج عبر سنوات طوال، وانظروا إلى عجوز قد أحنى الزمان ظهرها، وأناخت الدنيا عليها بزمانها وأيامها وسنواتها، وانظروا إلى هذه الجموع في اختلافها وتنوعها، ما الذي حركها؟ ما الذي هيَّجها؟ ما الذي دفعها؟ إنه: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]، يأتون مشيًا على الأقدام، ركوبًا على الجبال، عبر البحار، وفي السماء، وعلى الأرض، بكل وسيلة تُحركهم، قلوب تتعلق بالله عز وجل، وتتحرك شوقًا إلى لقائه، وتتوكل عليه، وتثق به، وتهفو إلى رؤية بيته المحرم، وتهفو إلى هذه الأماكن المقدسة، وإلى هذه الفرائض المعظَّمة، ينبغي أن ندرك وتدرك الأمة أن الدرس الأعظم هو أنه لا جماع لها، ولا وحدة لِما تفرَّق من أوصالها، إلا بهذا الدين، وعلى منهج هذا الدين، وعلى خطى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وأنها أمة واحدة ذات رسالة خالدة.
فاللهم ألِّف بين قلوبنا، واجمع ما تفرق من شملنا، واهدنا سبل السلام، ووفِّقنا لخدمة دينك، والعمل بكتابك وسنة نبيك، وانصر إخواننا المستضعفين والمظلومين والمضطهدين في كل مكان، هـــذا، وصلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير؛ حيث أمركم بذلك العليم الخبير؛ فقال في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذل أعداءك أعداء الدين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أحوالنا، ورُدَّنا إلى دينك ردًّا جميلًا.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، واجمع على الحق كلمتهم.
ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا، وارحمهما كما ربَّونا صغارًا.
ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا ووالدينا عذاب القبر والنار.
_________________________________________________________
الكاتب: حسان أحمد العماري
- التصنيف: