علمنا سيدنا يوسف الصديق

منذ 2024-06-10

علَّمنا سيدنا يوسف أن نخبِّئ خططنا، وألَّا نبوح بكل ما حبانا الله به، فعَينٌ تحب وعشرة تكره: {يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}

علَّمنا سيدنا يوسف أن نخبِّئ خططنا، وألَّا نبوح بكل ما حبانا الله به، فعَينٌ تحب وعشرة تكره: {يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: 5].

 

علَّمنا سيدنا يوسفُ الصِّدِّيق أن أقرب الأقرباء يتسرَّب إليهم الحسد، ويتأتَّى منهم الغدر والمكيدة: {وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: 15].

 

علَّمنا إخوة سيدنا يوسفَ بأن كما الخير درجات فإن الشر دركات: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [يوسف: 10].

 

تعلمنا من سيدنا يعقوب ألَّا تلقن ولدك فيكذبَ؛ فلما قال الأب: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} [يوسف: 13]، قالوا لأبيهم في المساء: {يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} [يوسف: 17].

 

علَّمنا سيدنا يوسف أن الحقد والحسد إذا تسرَّب للنفوس، فقد يوصلها إلى القتل: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} [يوسف: 9].

 

علمنا سيدنا يوسف أن قيمة الإنسان تنبع من داخله، لا ما يثمِّنه الآخرون: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20].

 

علمنا سيدنا يوسف أن الله يجازي المحسنين بجميل إحسانهم: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 22]، {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].

 

علمنا سيدنا يوسف استحضارَ مخافة الله في حياتنا كلها: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23].

 

علمنا سيدنا يوسف أن العدالة حينما تغيب، فإن العقاب يُستثنى منه عِلْيَةُ القوم: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف: 29].

 

علمنا سيدنا يوسف أن المجتمعات الأرستقراطية حينما تتملكهم الرفاهية، تسيطر عليهم سفاسف الأمور، وتتغلب عليهم شهواتهم: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يوسف: 31].

 

علمنا سيدنا يوسف أن الإنسان المسحوب من شهوته كالحيوان لا يوقفه شيء، ويعلو تبجحه: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف: 32].

 

علمنا سيدنا يوسف أن الصالحين يُستَدَلُّ عليهم حتى من اللصوص؛ فقد قال له من في السجن: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 36]، وقال له إخوته قبل أن يعرفوا أنه أخوهم: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 78].

 

علمنا سيدنا يوسف أن الهداية من الله، وأنها من أعظم النِّعَمِ التي يمن بها على عباده: {مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ} [يوسف: 38].

 

علمنا سيدنا يوسف أن الله معنا بقدر اعتمادنا عليه: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42].

 

علمنا سيدنا يوسف أن الطغاة لا ينفكُّون يلتمسون كل الطرق التي توصلهم لغاياتهم، فلما عجزوا عن تأويل رؤى الملك وفسرها يوسف: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} [يوسف: 50].

 

علمنا سيدنا يوسف أن الحق سيظهر على الباطل مهما طال الزمان: {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: 51].

 

علمنا سيدنا يوسف أن طلب الولاية ممكن لمن يقدر على تَبِعاتها؛ خبرة وأمانة: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55].

 

علمنا سيدنا يوسف أن المظلوم لا ينسى ظالميه وإن سامحهم، بينما قد يُنسي طولُ الزمان الظالمين جُرْمَهم: {فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [يوسف: 58].

 

علمنا سيدنا يعقوب أخْذَ الأسباب للحيطة من العين والحسد؛ {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [يوسف: 67].

 

علمنا سيدنا يوسف كيف نتغافل ولا نبدي كل ما في نفوسنا: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} [يوسف: 77].

 

علمنا سيدنا يوسف أنه لا أرق من قلوب الوالدين: {قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ} [يوسف: 94]، {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} [يوسف: 96].

 

علمنا سيدنا يعقوب بأن الحزن طبيعة بشرية، لا خجل منها: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84]، {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86].

 

علمنا سيدنا يعقوب أن الأمل يظل باقيًا ما بَقِيَتِ الحياة: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف: 83]، {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].

 

علمنا إخوة سيدنا يوسف أن الاعتراف بالحق فضيلة، وأنه يساعد على قبول الاعتذار ولَمْلَمَةِ الجراح:  {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: 91]، {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف: 97].

 

علمنا سيدنا يوسف كيف يكون الصفح الجميل، بلا تَعْيِيرٍ ولا تأنيب: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92].

 

علمنا سيدنا يوسف كيف يكون العتاب رقيقًا؛ حيث جَعَلَ وسوسة الشيطان له ولإخوته، وفي حقيقة الأمر ما وسوس الشيطان إلا لإخوته، لكنه النُّبْل: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف: 100].

 

علمنا سيدنا يوسف كيف يكون بر الوالدين: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يوسف: 100].

 

علمنا سيدنا يوسف أن الدنيا لا تستقر على حال؛ فيوسف أُلْقِيَ في البئر، ثم نجا، ثم تربَّى في بيت الملك وعاش حياة القصور، ثم امتُحِن في شرفه، ثم سُجِن، ثم بُرِّئ، ثم صار وزيرًا!

_________________________________________________
الكاتب: أ. د. زكريا محمد هيبة

  • 4
  • 0
  • 322

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً