منغصات الدنيا

منذ 2024-06-12

فمن طبيعة هذه الدنيا أنها طُبِعت على كدرٍ، فكم من إنسانٍ أذاقته الدنيا من مرارتها بعد أن ذاق حلاوتها، وظن أن المقام فيها يطول فتفاجأ بصفعتها...

فمن طبيعة هذه الدنيا أنها طُبِعت على كدرٍ، فكم من إنسانٍ أذاقته الدنيا من مرارتها بعد أن ذاق حلاوتها، وظن أن المقام فيها يطول فتفاجأ بصفعتها، فاستفاق من غيبوبته؛ حتى أيقن أنها ليست بدار قرار، وإنما دار عبور إلى الدار التي لا موت فيها، فإما إلى نعيم، وإما إلى جحيم، والعياذ بالله.

 

ومن منغصات هذه الدنيا التي يتجرعها سكانها مرارة الفراق، وأصعب الفراق فراق شخصٍ كان كظِلِّك إذا مشيت، وهوائك إذا تنفَّست، وإذا بك قد أصبحت وحيدًا حزينًا، قد فقدت من تحب في لحظة، واسودَّت عليك الدنيا بأرجائها، فكم من موقفٍ لشخص قد فقدته يتراءى بين ناظريك لا تمحوه عجلة النسيان من خاطرك ووجدانك؟! وكم من موقف بينك وبينه قد هبَّ على روحك كعطر النسيم على قلب العليل؟!

 

إن حزن الفقد إذا تمكَّن من النفسِ أحدث فيها جرحًا لا يلتئم، وعطشت معه الروح عطشًا لا ترويها كل مياه الدنيا على غزارتها عندها تعلم أن الدنيا كأحلام نائم، وأن الجميع فيها هائم إلا من اتبع شرع الله، فطوبى لمن أحسن في الدنيا العمل، ويا بؤسًا لمن أطاع الهوى، فجنى الخيبة والندم.

 

قال الشاعر:

لا تركنن إلى الفــــــرا   **   ق فإنه مُرُّ المـــــذاق 

والشمس عند غروبها   **   تصفرُّ من ألم الفراق 

 

وقال الآخر:

ثمانية تجري على الناس كلهمُ   **   ولا بدَّ أن تجري عليك الثمانية 

سرورٌ وحزنٌ واجتماعٌ وفرقـةٌ   **   وعسرٌ ويسرٌ ثم سقمٌ وعافيــة 

 

وقال الآخر:

وهذه الدَّار لا تبقي على أحدٍ   **   ولا يدوم على حال لها شانُ 

_____________________________
الكاتب: د. صهيب هاني محمد عبود

  • 1
  • 0
  • 278

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً