مجمل صفات المنافقين في القرآن الكريم

منذ 2024-06-22

من دراسة آيات المنافقين وتاريخهم في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم يتبين لنا من مجمل أوصافهم البارزة ما يأتي:

(لما كان خطر هذه الطائفة على دولة الاسلام عظيمًا، وبلاؤهم على المؤمنين جسيمًا، مع خفاء حقيقتهم، حيث يتسترون بالإيمان فيكيدون للمؤمنين من مأمنهم، ويغدرون بهم بعدما يظهرون لهم الأخوة والمودة، جلَّا الله سبحانه أمرهم في القرآن في آيات كثيرة، وكشف أسرارهم، وهتك أستارهم، وأوضح للأمة الإسلامية خطرهم حتى يكونوا منهم على حذر) هذه أحد العبارات التي ذكرها أ.د.عبدالعزيز عبدالله الحميدي (الاستاذ بكلية الدعوة وأصول الدين جامعة أم القرى مكة المكرمة) في مقدمة كتابه الموسوم بـ: المنافقون في القرآن الكريم، وهو كتاب ضخم يقع 657 صفحة ومن منشورات دار كنوز إشبيليا، ومن أراد التوسع في شأن هذه الطائفة فليرجع للكتاب فقد أجاد فيه المنصف وأفاد، واستطرد وتوسع، وهنا تم اقتطاف موضوع (مجمل صفات المنافقين) من ثنايا الكتاب لعلَّ الله أن ينفع به، والآن مع المادة المختارة:

من دراسة آيات المنافقين وتاريخهم في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم يتبين لنا من مجمل أوصافهم البارزة ما يأتي:

  • أنهم قوم لم يرتضوا الإسلام دينا، ولا الكفر الصريح مبدأ، فكانوا مذبذبين بين الكفار والمؤمنين، غير أنهم يبغضون المؤمنين، ويتولون الكافرين {(بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)} الآيات [النساء: ١٣٨ - ١٤٧].
  • يأخذون من الدين ما سهُل عليهم، ويتقاعسون عن تنفيذ ما يشق عليهم تنفيذه، کشهود صلاة العشاء والفجر في المسجد، وإذا أدوا شيئًا من العبادات فإنما يستكرهون أنفسهم عليه، ويؤدونه بكسل وتثاقل: {(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)} [النساء : ١٤٢].
  • يقولون ما لا يفعلون، فينطقون بالكلام المعسول بينما يضمرون الكيد والمكر: {(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)} الآيات [البقرة: 204] {( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)} الآية [الفتح: ١١].
  • قلوبهم قاسية، وعقولهم قاصرة؛ فلا يتأثرون بالقيم الإنسانية النبيلة والمثل العليا، ولا يُقدِّرون مكارم الأخلاق: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ) [محمد: ١٦].
  • أفُقُهم ضيِّق، ونظراتهم محدودة، فهم يكرهون المهاجرين إلى بلادهم من المؤمنين، ويكرهون من يحبهم من أبناء بلدهم: {(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ)} [المنافقون: ۷].
  • فصحاء شجعان في السِّلْم، فإذا جدَّ الجد وجاء دور العمل استخفوا بأنفسهم ولاذوا بغيرهم: {(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)} [الأحزاب: ١٩].
  • يتحاكمون إلى الطواغيت الذين يحققون لهم رغباتهم في ظلم الآخرين، ولا يتحاكمون إلى ما أنزله الله مقررًا للحق والعدل بين الناس: {(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا)} [النساء: ٦٠].
  • يخدمون الكفار ويتجسسون لهم ضد المؤمنين: {(يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) } الآية [المائدة: ٤١] فالمسارعة في الكفر هي في تقديم المنافقين الخدمات للكفار.
  • يخذِّلون المؤمنين عن الجهاد في سبيل الله، وإذا اشتركوا معهم أحدثوا الخلل والاضطراب في صفوفهم وعملوا على تفكيك وحدتهم، وتفتيت قوتهم: {(لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)} [التوبة: ٤٧].
  • ييأسون من رحمة الله وينقطع أملهم في نصره، ويلجأون في طلب النصر إلى أعداء الله ويعتمدون على القوى الحسية وحدها في وزن القوى المتقابلة في الميدان {(إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) } [الأنفال: ٤٩].
  • يلاحظون في موقفهم من الجهاد المكاسب الدنيوية، فإذا أمَّلوا بها أقدموا عليه وإذا يئسوا منها تثاقلوا عنه: { (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا) } [النساء: ۷۲ -٧٣]
  • يغتنمون الفرص المناسبة للطعن في دعاة الإسلام المخلصين، وتشويه سمعتهم عن طريق الكذب وتغيير الحقائق { (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) } [النور: ۱۱].
  • يغتنمون الفرص لإثارة الشبهات حول الإسلام؛ ليزعزعوا إيمان المؤمنين به، ويصدوا الناس عن الدخول فيه: {(يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)} [الأحزاب: 1].
  • يحاولون إفساد المجتمع الإسلامي عن طريق تيسير سبل الفساد التي تحطم الأخلاق وتقضي على الفضائل الإنسانية: {(وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ)} [النور: ٣٣].( { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا)} [الأحزاب: ٥٩ - ٦١]، فالمنافقون سبب أساسي في مصائب الأمة الكبرى ومن ذلك سفور النساء وعدم التزامهن بالحجاب، حيث كانت بداية السفور في كل بلد من فتيات قد هيمنت عليهن المبادئ الكافرة، وظللن على انتسابهن للإسلام، فشجع بعضهن بعضا حتى خرجن متحديات الدين مستهزئات بالمتمسكين به، فاجتمع حولهن من هن على شاكلتهن في النفاق وضعيفات الإيمان، حتى أصبح السفور ظاهرة اجتماعية مألوفة، وأصبح الحجاب الإسلامي مستنكرًا تحارب من أجله المؤمنات الملتزمات.
  • يحاربون الإسلام عن طريق التسمي به والدعوة إليه {(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)} [البقرة: ۸] .
  • لا يهمهم إلا مصالحهم الذاتية ولا يتورعون عن إحداث الضرر بغيرهم مهما كان هذا الضرر، ليخلصوا أنفسهم: {(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)} [آل عمران: ١٥٤].
  • يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف: {(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) } [التوبة: ٦٧].
  • يقبضون أيديهم فلا ينفقون المال في الحقوق الواجبة {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا }  [المنافقون: 7].

 

  • 1
  • 0
  • 98

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً