هل تغتال لغتنا الأم على مذبح اللغات الأجنبية؟!
طفل بلا لغة: شجرة بلا جذور! لغتنا هويتنا .. فهل نبيعها بثمن بخس ونحن نلهث خلف الغرب؟!
طفل بلا لغة: شجرة بلا جذور!
لغتنا هويتنا .. فهل نبيعها بثمن بخس ونحن نلهث خلف الغرب؟!
رغم أنها مفتاح التعلم .. فهل نتسور محرابه ونتجاهل بابه؟!
مهاراتنا العقلية وقدراتنا الإبداعية مرهونة بلغتنا الأم فهل نفهم ذلك؟!
في فنلندا - الأولى عالميا في التعليم - يقدم تعليم لغة المهاجر الأم على اللغة الفنلندية نفسها، قالت وزيرة التعليم الفنلندية هِنا فركونين في معرض حديثها عن تعليم أطفال المهاجرين: "نحن نؤمن بأن تعليم المرء لغته الأم - ليتمكن من استخدامها في الكتابة والقراءة والتفكير - أمر مهم للغاية. ومن ثم يغدو تعلم لغات أخرى كالفنلندية والإنجليزية أو مواد أخرى أسهل أيضا."
اللغة ليست مجرد أداة للتعلم فقط، فهناك ارتباط عضوي بين اللغة الأم والفكر، فمهما تعلم الإنسان من لغات تبق لغته الأم هي التي يفكر بها، ومن هنا تبدو خطورة تعلم اللغات الأجنبية في المراحل التعليمية الأولى قبل أن يكتمل نمو اللغة الأم عند الطفل.
إن جميع الدول المتقدمة تفهم هذه الحقيقة جيدا، إلا بعض دولنا العربية التي وضعت مقاليد التعليم في أيد جاهلة بطبيعة الإنسان، وإذا بالقائمين على التعليم يهرولون خلف الغرب، ويا ليتهم قلدوه في منهجه لكنهم قلدوهم في ظاهر أمورهم.
وقد أكدت نظريات اكتساب اللغة على أهمية تعلم اللغة الأم أولا قبل أي لغة أخرى، حيث تؤكد الدراسات العلمية في مجال اكتساب اللغة على أهمية تعليم لغة الأم، خاصة في المراحل التعليمية المبكرة. وتشير نظرية دور اللغة الأم في اكتساب اللغات الثانية (Mother Tongue Role Hypothesis) إلى أن إتقان اللغة الأم يُعدّ أساسًا لتعلم اللغات الثانية بفعالية.
فمن خلال اللغة الأم، يطور الطفل مهاراته اللغوية الأساسية مثل الفهم، والتحدث، والقراءة، والكتابة. وعندما يمتلك الطفل قاعدة قوية في لغته الأم، يصبح قادرًا على ربطها باللغات الأخرى وفهم بنيتها وقواعدها بسهولة أكبر.
وتُشير نظرية الفترة الحرجة (Critical Period Hypothesis) إلى أن هناك فترة زمنية محددة في حياة الطفل يكون خلالها أكثر قدرة على اكتساب اللغات بسهولة. وتشير الدراسات إلى أن هذه الفترة تبدأ عادةً في مرحلة الرضاعة وتستمر حتى سن السادسة تقريبًا.
لذلك، فإن تعليم لغة الأم خلال هذه الفترة الحرجة يُعدّ ضروريًا لضمان اكتساب الطفل للغة بطلاقة وسلاسة.
فوائد تعليم لغة الأم أولا قبل اللغات الأجنبية:
تحسين التحصيل الدراسي: أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يتعلمون لغتهم الأم في المدرسة يُحققون نتائج أفضل في جميع المواد الدراسية، بما في ذلك الرياضيات والعلوم.
تعزيز الصحة النفسية: تُساهم اللغة الأم في بناء هوية الطفل وثقافته، مما يُعزز ثقته بنفسه ويُحسّن من صحته النفسية.
الحفاظ على الترابط الثقافي: تُساعد اللغة الأم على ربط الأطفال بجذورهم وثقافتهم، خاصةً إذا كانوا يعيشون في بلد أجنبي.
تحسين فرص العمل: يُعدّ إتقان اللغة الأم ميزة كبيرة في سوق العمل، حيث يُتيح للفرد فرصًا أفضل للحصول على وظائف تناسب مهاراته واهتماماته.
خاتمة:
إن الاهتمام بتعليم اللغة الأم يؤثر إيجابيا على القدرات العقلية عند المتعلم، ويزيد من قدرته على تعلم اللغات الأخرى، كما أن مزاحمة تعلم الطفل للغته الأم بتعلم لغات أجنبية أخرى في مراحل التعليم الأولى له خطورة كبيرة بناء القدرات العقلية المتقدمة عند المتعلم.
#الغنيمي
#رؤية_لإصلاح_التعليم
#رؤية_للنهوض_الحضاري
- التصنيف: