من أيام الله: مختصر معركة القادسية
سبعة آلاف من المسلمين في مقابل ستين ألفاً من الفرس، يقودهم أحد العشرة المبشرين بالجنة، منهجهم الكتاب والسنة، على قلب رجل واحد، هدفهم إعلاء كلمة الله وتوسيع رقعة الإسلام.
قال الله تعالى : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } هذا شعار المؤمنين يوم القادسية.
سبعة آلاف من المسلمين في مقابل ستين ألفاً من الفرس، يقودهم أحد العشرة المبشرين بالجنة، منهجهم الكتاب والسنة، على قلب رجل واحد، هدفهم إعلاء كلمة الله وتوسيع رقعة الإسلام.
تولى سعد بن أبي وقاص قيادة جيوش المسلمين في معركة القادسية، فجعل أمر الحرب إلى خالد بن عرفطة، وجعل على الميمنة جرير بن عبدالله البجلي، وعلى الميسرة قيس بن مكشوح، وكان قيس والمغيرة بن شعبة قد قدما على سعد مددًا من عند أبي عبيدة من الشام بعد ما شهدا وقعة اليرموك.
كان المسلمون ما بين السبعة آلاف إلى الثمانية آلاف، وكان رستم (قائد الفرس) كان في ستين ألفًا، فصلَّى سعد بالناس الظهر، ثم خطب الناس فوعظهم وحثَّهم، وتلا قوله تعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } [الأنبياء: 105]، وقرأ القُرَّاء آيات الجهاد وسوره، ثم كبَّرَ سعد أربعًا، ثم حملوا بعد الرابعة، فاقتتلوا حتى كان الليل فتحاجزوا، وقد قتل من الفريقين بشر كثير، ثم أصبحوا إلى مواقفهم فاقتتلوا يومهم ذلك وعامة ليلتهم، ثم أصبحوا كما أمسوا على مواقفهم، فاقتتلوا حتى أمسوا، ثم اقتتلوا في اليوم الثالث كذلك، وأمست هذه الليلة تُسمَّى ليلة الهرير، فلما أصبح اليوم الرابع اقتتلوا قِتالًا شديدًا، وقد قاسوا من الفيلة بالنسبة إلى الخيول العربية بسبب نفرتها منها أمرًا بليغًا، وقد أباد الصحابة الفيلة ومَنْ عليها، وقلعوا عيونها، وأبلى جماعةً من الشجعان في هذه الأيام مثل طليحة الأسدي، وعمرو بن معدي كرب، والقعقاع بن عمرو، وجرير بن عبدالله البجلي، وضرار بن الخطاب، وخالد بن عرفطة، وأشكالهم وأضرابهم، فلما كان وقت الزوال من هذا اليوم ويُسمَّى يوم القادسية، وكان يوم الاثنين من المحرم سنة أربع عشرة من الهجرة، وهبَّت ريح شديدة فرفعت خيام الفرس عن أماكنها، وألقت سرير رستم (قائد جيوش الفرس) الذي هو منصوب له، فبادر فركب بغلته، وهرب فأدركه المسلمون فقتلوه، وانهزم الفرس، وقتل من الفرس في هذه المعركة نحو من أربعين ألفًا، واستشهد من المسلمين نحو من ألفين وخمس مئة، ودخل المسلمون المدائن، عاصمة الدولة الفارسية.
وقد غنم المسلمون الكثير من الأموال والسلاح، وبعث سعد بن أبي وقَّاص بالخمس والبشارة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد كان عمر رضي الله عنه، يستخبر عن أمر القادسية كُلَّ مَن لقيه من الركبان، ويخرج من المدينة إلى ناحية العراق يستنشق الخبر، فبينما هو ذات يوم من الأيام إذا هو براكبٍ يلوح من بعد، فاستقبله عمر فاستخبره، فقال له: فتح الله على المسلمين بالقادسية، وغنموا غنائم كثيرة، وجعل يُحدِّثه، وهو لا يعرف عمر وعمر ماشٍ تحت راحلته، فلمَّا اقتربا من المدينة جعل الناس يحيُّون عُمَرَ بالإمارة، فعرف الرجل عمر، فقال: يرحمك الله يا أمير المؤمنين، هلا أعلمتني أنك الخليفة؟ فقال: لا حرج عليك يا أخي؛ (البداية والنهاية لابن كثير، جـ 9، صـ 45:44).
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: