اليهود بين الماضي والحاضر
إن صَلف اليهود وغرورهم في الحاضر، إنما هو امتداد وميراث عن أجدادهم،إن نقض العهود داء متأصل في اليهود، والمسلم المتأمل للواقع والمطالع لكتاب الله تعالى يدرك أن في ذلك آية دالة على أن ما في كتاب الله حقّ.
قصة يهود بني قينقاع وأحداثها تحتاج من المسلم إلى وقفة يُمعن فيها الفكر ويطيل النظر؛ ليربط بين الماضي والحاضر، فتتأكـد لديه المقولة التي يحفظها الكثير: «التاريخ يعيد نفسه»، وحين نستخلص بعض الحقائق الإيمانية من تلك القصة، فليس ذلك على سبيل الحصر، وإنما هو ما بدا وتوارد إلى العقل، فخطَّه البنان، ولكني على يقين من أنها تحمل في طياتها، وبين سطورها ما هو أكثر من ذلك، وقد يكون في جهد المُقِل ما يدفع القادرين على سَبْر أعماق التاريخ، والغوص فيه؛ لاستخراج كنوزه ودفائنه التي تنفع المؤمنين في صراعهم المستعر مع اليهود، لا سيما في هذه الحقبة الحاسمة من التاريخ، والتي تسرَّب فيها اليأس إلى قلوب الكثرة المسلمة، وتكاد الهزيمة تتحقق في القلوب، مما دفع بالبعض إلى أن يسارع إلى الارتماء على أعتاب يهود ليقبل منهم الفتات.
ولعل في تلك النظرات ما يجعل الفئة المؤمنة تزداد يقينًا باستقامة دربها، وصحة قضيتها، ويزداد تعلقها بموعود الله وقرب تحققه، ولعل لسان حالهم يعلن {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: 214]، ولعل هاتف السماء يجيبهم {أَلا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}} [البقرة: 214].
وقبل أن نستخلص بعض الدروس والعِبَر؛ يحسُن بنا أن نقرأ الحدث، ونقف على بعض تفاصيله، وتبدأ القصة بجَمْع النبي صلى الله عليه وسلم ليهود بني قينقاع في سُوقهم، وقال: «يا معشر يهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وسالموا؛ فإنكم قد عرفتم أني نبيّ مُرسَل تجدون ذلك في كتابكم، وعهد الله إليكم».
فقالوا: يا محمد: إنك ترى أنَّا غير قومك، لا يغرنّك أنك لقيت قومًا لا عِلْم لهم بالحرب، فأصبتَ منهم فُرصة، أما والله لئن حاربناك لتعلمن أنَّا نحن الناس.
وقال ابن عباس: ما نزلت هؤلاء الآيات إلا فيهم: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْـمِهَادُ 12 قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا} [آل عمران: 12، 13]؛ يعني أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش؛ {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ} [آل عمران: 13].
وعن أبي عون قال: «كان أَمْر بني قينقاع أنّ امرأة من العرب قدمت بجَلَب لها فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ هناك منهم، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فعقد يهودي ثوبها إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا عليها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديًّا، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون؛ فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حُكمه.
فقام إليه عبدالله بن أُبَي بن سلول حين أمكنه الله منهم، فقال: يا محمد أَحْسِن في مواليَّ، وكانوا حُلفاء الخزرج، قال: فأبطأ عليه رسول الله، فقال: يا محمد أَحْسِن في موالي؛ فأعرَض عنه، قال: فأدخل يده في جيب درع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله: أرسلني، وغضب حتى رأوا لوجهه ظللًا، ثم قال: ويحك أرسلني، قال: لا والله لا أُرسلك، حتى تُحْسِن في مواليَّ؛ أربعمائة حاسر، وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة، إني والله امرؤ أخشى الدوائر. قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هم لك».
وعن عبادة بن الصامت قال: «لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبَّث بأمرهم عبدالله بن أُبَي، وقام دونهم، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان من بني عوف، له مِن حلفهم مثل الذي لهم مِن عبدالله بن أُبَيّ، فخلعهم إلى رسول الله، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم.
قال: وفيه وفي عبد الله ابن أُبَيّ بن سلول نزلت الآيات من سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ} [المائدة: 51]، حتى قوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة: 52]، يعني عبد الله بن أبي بن سلول، إلى قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56]، يعني عُبادة بن الصامت -رضي الله عنه-.
الغرور اليهودي:
إن صَلف اليهود وغرورهم في الحاضر، إنما هو امتداد وميراث عن أجدادهم، ويتجلَّى ذلك في قولهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا محمد، إنك ترى أنّا غير قومك، لا يغرنك أنك لقيتَ قومًا لا علم لهم بالحرب فأصبتَ منهم الفرصة، إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنّا نحن الناس».
اليهود لا عهد لهم:
إن نقض العهود داء متأصل في اليهود، ولقد عجبت من عجب الناس في الشرق والغرب من محاولات يهود العصر الالتفاف على اتفاق مدريد أو قرارات الأمم المتحدة، أو محاولة حكومة «الليكود» نقض عهود حكومة «حزب العمال»، وتقوم الدنيا ولا تقعد، وهي في عجب ودهشة.
والمسلم المتأمل للواقع والمطالع لكتاب الله تعالى يدرك أن في ذلك آية دالة على أن ما في كتاب الله حقّ. بل لو سلك اليهود غير السبيل الذي يسيرون فيه لكان ذلك هو محل العجب، ومن منطلق كتابنا ندرك أنهم وإن كانوا أوفياء في لحظة، فإنما ذلك لحاجة في نفوسهم يريدون الوصول إليها، وبعد ذلك يعودون إلى سيرتهم الأولى.
وعلى سبيل المثال: تأمل معي محاولة يهود اليوم التقعّر في تفسير قرار الأمم المتحدة بضرورة الانسحاب من الأرض التي احتلوها في عام 1967م، وإذا بهم يقولون المراد انسحاب من أرض، وليس من الأرض، ويحاولون إدخال الأمم المتحدة وشعوبها في دوامة التفسير للقانون.
أليس ذلك ميراثًا عن آبائهم وموقفهم من أمر الله لهم على لسان نبيهم موسى -عليه السلام-: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67]، فقالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ} [البقرة: 68]، ثم قالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا} [البقرة: 69]، ثم قالوا مرة أخرى: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ} [البقرة: 70]، ثم قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة.
ثم أليس نقض حكومة الليكود لما أبرمته حكومة العمال، تحقيقًا لقول الله تعالى: {أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ} [البقرة: 100] ؟ وليس نقضهم للعهود مع الرسول صلى الله عليه وسلم منا ببعيد.
وماذا تنتظر البشرية ممّن كذَّبوا الرسل وقتلوا الأنبياء؛ {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُــكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87]، وماذا تنتظر البشرية من المتطاولين على الله -عز وجل-؛ فقالوا: {إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: ١٨١].
إن المسلم الحق يرى الأحداث التي تدور من حوله ومع كل واقعة لا يملك إلا أن يقول من أعماق الفؤاد: آمنت بالله، وبما جاء به الرسول الصادق الأمين، ولو حدث أو وقع ما يخالف تلك الآيات القطعية لقال: كذبت أذني فيما سمعت، أو خدعت عيني فيما رأت، أو أن هؤلاء يكذبون أو يخدعوننا، وسوف تكشف الأيام عن هذا الخداع، وتفضح ما انطوت عليه القلوب من خيانة وغدر ومكر.
اليهود يستخدمون المرأة لنشر الفساد:
اليهود يحرصون على نشر الفساد وانهيار الأخلاق، وذلك باستخدام المرأة والوسوسة إليها بالانخلاع من لباسها وإبداء عورتها والإيقاع بالشباب في حبالها، وهذه هي رسالة إبليس الأولى مع آدم وحواء، وقد حذر الله المؤمنين من هذا الخطر، حين توجّه بهذا النداء: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْـجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [الأعراف: 27].
فعلى المسلم أن يتذكر أن كشف سوءة امرأة في سوق بني قينقاع بيد يهودي وحيلته هما امتداد لكشف سوءة آدم وحواء بوسوسة إبليس وحيلته، كما أن كشف سوءات الشباب والفتيات، والدعوة السافرة إلى العري الفاضح، والخروج على التعاليم الإلهية على الشواطئ والمنتديات والمدارس والجامعات؛ كل هذا ليس إلا وسوسة أبالسة يهود، ومن وقع في حبائلهم ممن قالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
ومؤتمر السكان الذي عُقِدَ بالقاهرة، وما تبعه من مؤتمرات في الصين، وغيرها، جزء من مسلسل يهودي لهدم المجتمع وانهياره؛ لأنه يدعون إلى إطلاق العنان للشهوات، وجعل الحبل على الغارب للفتى والفتاة ليمارسا الجنس كما يحلو لهما، كما يدعون إلى إباحة الإجهاض، وذلك لوأد الثمرة الخبيثة الناجمة عن اللقاء الخبيث.
الشدائد تفضح المنافقين:
طبيعة النفاق لا تقدر على التخفي في مثل هذه المواقف، وإنما تنكشف مساوئهم وتنفضح دفائنهم حين تنزل الشدة بإخوانهم من يهود، إنهم يُسفرون عما تنطوي عليه جوانحهم من ولاء ليهود، وشدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويظهر ذلك جليًّا في موقف عبد الله بن أبي بن سلول، وهو الذي يعلن بلسانه أنه «لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله»، ولكنه في هذا الموقف ينسى شهادته، بل يُكذّبها بمسلكه، حين يُمسك بتلابيب النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يُدخل يده في جيب درعه بكل قسوة وغلظة، حتى يبدو أثر ذلك على وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقول له: «ويحك! أرسلني»، فيقول ذلك المنافق: «لا والله لا أرسلك حتى تُحسن في مواليَّ؛ أربعمائة حاسر-من لا درع له-، وثلاثمائة دارع، قد منعوني من الأحمر والأسود تحصدهم في غداة واحدة؛ إني والله امرؤ أخشى الدوائر».
أين هذه القسوة والغلظة من الخصائص الإيمانية للمؤمنين؛ {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 92]؟! والتعقيب القرآني على الموقف يؤكد هذا المعنى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة: 54].
ولا يدفع المنافق إلى الولاء لغير الله ورسوله والمؤمنين إلا ضعف الإيمان والشك والريب في وعود الله، والخوف والخشية من أن تنزل بهم النكبات: {نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة: 52]، هكذا يجب أن يكون المؤمن؛ ففي مقابل موقف عبد الله بن أبي المنافق ترى موقف عبادة بن الصامت، وله من الحلف مع اليهود مثل الذي كان لعبد الله بن أُبَي، ولكنه يُعلن في عزة المؤمنين أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا رسول الله أتولى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم».
النصر للفئة المؤمنة:
إن وعد الله الحق الدائم بأن الهزيمة للكافرين، وهذا متحقق على طول التاريخ منذ الأزل، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ونستمد ذلك من قوله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْـمِهَادُ} [آل عمران: 12]، فهذا القول كلام الله القديم، الذي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخاطب به كل مَن كفر بالله على اختلاف مِلَلهم وعقائدهم. وعلى المسلم أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ فيقول هو أيضًا لكل مَن كفَر بالله ورسوله: {سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْـمِهَادُ} [آل عمران: 12]، المؤمن الصادق الإيمان وهو يُواجه الباطل يطمئن إلى وعد الله، ويثق في أن الله تعالى غالب على أمره: {فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ} [المائدة: 52].
هذه لمحات ونظرات حول واقعة يهود بني قينقاع يلمس المؤمن خلالها الزاد في الصراع القائم اليوم مع اليهود، إلى أن يُظهر الله دينه؛ تحقيقًا لموعوده في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْـحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْـمُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣٣].
___________________________________________________________
الكاتب: د. حسناء عبدالحميد محمد
- التصنيف:
عبد الرحمن محمد
منذ