حفظ كتاب الله والإكثار من تلاوته
من الأمور التي تثقل ميزان المؤمن؛ حفظه لكتاب الله عز وجل لما يترتب عليه من تكرار مراجعته والمداومة على تلاوته
من الأمور التي تثقل ميزان المؤمن؛ حفظه لكتاب الله عز وجل لما يترتب عليه من تكرار مراجعته والمداومة على تلاوته، وكلنا لا يخفى عليه أن من أشهر قراء الصحابة رضي الله عنهم؛ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي مدحه صلى الله عليه وسلم قائلاً: « «من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد» » (وصححه الألباني في صحيح الجامع).
فهذا الصحابي الجليل أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بأن ساقه حينما توزن يوم القيامة ستكون أثقل من جبل أحد، فما بالك بباقي أعضاء جسمه؟ وما ذلك – والعلم عند الله تعالى – إلا لأنه كان يحفظ كتاب الله تعالى ويكثر من تلاوته، وهذا مما يزيد الإيمان ويثقل الميزان، فمن حفظ كلام الله عز وجل بات من أصحاب القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
فعن زر بن حبيش رضي الله عنه أن عبد الله بن مسعود كان يَحْتَزُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكا من أراك، وكان في ساقيه دقة، فضحك القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ««ما يضحككم؟» من دقة ساقيه؟ والذي نفسي بيده إنهما أثقل في الميزان من أُحُد»» (رواه الإمام أحمد واللفظ له –الفتح الرباني –، وابن حبان، والحاكم، والبخاري في الأدب المفرد، والطبراني في الكبير، وأبو يعلي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة).
وفي رواية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن يصعد شجرة فيأتيه منها بشيء، فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله، فضحكوا من حموشة ساقيه، فقال رسول الله: ««ما تضحكون؟ لرجل عبد الله أثقل في الميزان من أُحُد»» (رواه الإمام أحمد واللفظ له –الفتح الرباني –، وابن حبان، والحاكم، والبخاري في الأدب المفرد، والطبراني في الكبير، وأبو يعلي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة واللفظ للبخاري في الأدب المفرد، وقال الألباني في صحيح الأدب المفرد: صحيح لغيره).
ولقد بلغ من ابن مسعود رضي الله عنه حبه للقرآن وتلاوته له أنه كان يرى فيه شغلاً عن صيام النوافل، فبماذا أشغلنا وقتنا يا ترى؟
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وكان ابن مسعود يقلل الصوم ويقول: إنه يمنعني من قراءة القرآن؛ وقراءة القرآن أحب إليَّ، فقراءة القرآن أفضل من الصيام نص عليه سفيان الثوري وغيره من الأئمة.اهـ (طائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف للحافظ ابن رجب).
فما مكانة كتاب الله عز وجل عندنا؟ وما الأعمال الصالحة يا ترى التي ربما تشغلنا عن تلاوته وحفظه؟ وهل نحن كخالد بن الوليد رضي الله عنه حينما أَمَّ الناس بالحيرة، فقرأ من سور شتى، ثم التفت إليهم حين انصرف فقال: شغلني عن تعليم القرآن الجهاد (تاريخ مدينة دمشق لعلي بن الحسن بن هبة الله) ؟ فما الأعمال التي تشغلنا اليوم عن كتاب الله؟ وهل تستحق منا كل ذلك الاهتمام؟
ألا تعلم أن القرآن أخطر شافع يوم القيامة؟ فهو حجة لك أو عليك، سيشفع لك أو سيشفع ضدك، فبادر إلى مصاحبته اليوم نعم الصاحب هو يوم القيامة، فقد روى بريدة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه: هل تعرفني؟ أنا الذي كنت أُسْهِر ليلك وأُظْمِئ هواجرك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر، فيعطي الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسي والداه حلتان لا يقوم لهم الدنيا وما فيها، فيقولان: يا رب أنى لنا هذا؟ فيقال لهما: بتعليم ولدكما القرآن، وإن صاحب القرآن يقال له يوم القيامة: اقرأ وارق في الدرجات، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية معك» (رواه الإمام أحمد –الفتح الرباني – وابن ماجة والدارمي والطبراني في الأوسط واللفظ له والبيهقي وحسنه ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية وصححه السيوطي في البدور السافرة في أمور الآخرة ووافقه الألباني في السلسلة الصحيحة ).
من كتاب : الأعمال المثقلة للميزان
- التصنيف: