فضل كفالة الأيتام والسعي على الأرامل والمساكين

منذ ساعتين

خدمة الأيتام وكفالتهم قُرْبَةٌ عظيمة عند الله سبحانه، ينتج عنها ثواب عظيم جدًّا في الآخرة، وكفالتهم ليست مقصورة على الجانب المادي، كما يتبادر للبعض، وإنما هي في الحقيقة تشمل جميع جوانب حياة اليتيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فلا ريب أن السعيَ في خدمة الأيتام وكفالتهم قُرْبَةٌ عظيمة عند الله سبحانه، ينتج عنها ثواب عظيم جدًّا في الآخرة، وكفالتهم ليست مقصورة على الجانب المادي، كما يتبادر للبعض، وإنما هي في الحقيقة تشمل جميع جوانب حياة اليتيم؛ وأهمها:

أولًا: التربية الصالحة له؛ ليكون لَبِنَةً نافعة، ينفع نفسه وأُمَّتَه، وتشمل تعليمه.

 

ثانيًا: وتشمل الشفقة والرحمة به، وحسن التلطُّف له؛ لتعويضه عن فَقْدِ حنان أبويه؛ وقد ذمَّ الله الذين يقسون على الأيتام في قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون: 1 - 3].

 

ثالثًا: وتشمل تغذيته غذاءً سليمًا.

 

رابعًا: وتشمل الإنفاق عليه بسدِّ حاجاته المادية؛ حتى لا يُضطر لسؤال الناس، أو يُصيبه الهم والغم، أو يضطر لسلوك طريق غير سوِيٍّ للإنفاق على نفسه، وقد دلَّت أدلة كثيرة من الكتاب والسُّنَّة على فضيلة هذا العمل الجليل؛ منها:

١- قول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215].

 

٢- وأعظم حديثٍ وَرَدَ في فضل كفالة اليتيم والإحسان إليه الحديث الآتي عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَجَ بينهما»؛ (رواه البخاري)؛ قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: "قال ابن بطال: حقٌّ على من سمِع هذا الحديث أن يعمل به؛ ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك".

 

٣- والحديث الآتي يدل على فضيلة السعي على حاجة الأرامل والمساكين والأيتام؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليلَ، الصائم النهارَ»؛ (متفق عليه).

 

خامسًا: ولنعلم جميعًا أن العمل الصالح من النوافل المتعدية النفع للغير أعظم أجرًا من العمل الصالح المقصور على النفس؛ لأن العمل المتعدي النفع فيه خير لعامله بكسب الثواب الجزيل، وللمعمول له بتفريج كربته ماليًّا أو معنويًّا، وكذلك تفريج كَرْبِ فاعلِ الخير في الدنيا والآخرة.

 

ويدل لذلك الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فرَّج عن أخيه المؤمن كُربةً من كُرَبِ الدنيا، فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم، ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله عز وجل في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه»؛ (رواه مسلم).

 

وينبغي للمؤمن بعد أن قرأ هذه الأدلة من الكتاب والسنة أن يفقه معانيها، ويعمل بما دعت إليه، محتسبًا الأجر في ذلك، مخلصًا لله سبحانه؛ لينال الثواب العظيم الوارد في قوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].

 

حفظكم الله، ووفقكم لكل عمل صالح، وللشفقة على الأيتام والأرامل والمساكين، وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

______________________________________________________
الكاتب: الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل

  • 0
  • 0
  • 32

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً