الربيع الإسلامي ودور الشيعة في المرحلة المقبلة

منذ 2012-01-21

تنشغل وسائل الإعلام الغربية بالتكهن في المستقبل القادم لطبيعة العلاقة بين العالم الإسلامي والعربي بشكل خاص و(إسرائيل) والولايات المتحدة والكتلة الغربية بشكل عام، وما يثير القلق لديهم هو صعود قوة إسلامية ...



تنشغل وسائل الإعلام الغربية بالتكهن في المستقبل القادم لطبيعة العلاقة بين العالم الإسلامي والعربي بشكل خاص و(إسرائيل) والولايات المتحدة والكتلة الغربية بشكل عام، وما يثير القلق لديهم هو صعود قوة إسلامية تدعو إلى وحدة الأمة والاستفادة من خيراتها والتركيز على نهضتها، بدلا من الحكومات التي زالت والتي سوف تزول، وكانت تسخر طاقات الأمة لخدمة وحماية إسرائيل والغرب، لذلك هم يبحثون في هذه المرحلة عن بديل لطبقة من الطغاة الذين أزالتهم الثورات العربية وعودوها على السمع والطاعة دائما.

ولذلك الدكتور (أرون فريدمان) خريج جامعة السوريون في باريس، وهو يدرس اللغة العربية ومحاضر عن الإسلام في الجامعات الإسرائيلية وله كتاب بعنوان: (العلويون.. التاريخ والدين والهوية) قام بالكتابة حول طبيعة العلاقة بين الإسلاميين وإسرائيل والغرب وتحدث بإسهاب عن البديل لطبقة الطغاة الراحلين، وقال: "إن الساحة الجيوسياسية الواقعة فيها دولة إسرائيل آخذة بالتغير في الأشهر الأخيرة بشكل كبير، فالربيع العربي الذي بدأ في أوائل العام 2011 يثير في العالم الغربي أملاً للانفتاح والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، حتى أنه يثير حركات احتجاج اجتماعية في العالم كله، إلا أن الثورات العربية أدت إلى ثورة داخل ثورة".

وتابع في كتابته التي ترجمها موقع عكا للدراسات الإسرائيلية: "إن الثورة الجانبية التي قامت داخل الثورة العربية ما هي إلا موجة إسلامية تذكرنا بالموجة العظيمة للأصولية الإسلامية، التي بدأت في سنوات الثمانينات في أعقاب الثورة الإيرانية في العام 1979، إلا أن تلك الموجة التي وقعت كانت بشكل رئيسي في العالم الشيعي (الثورة الإسلامية في إيران، وإنشاء حزب الله في لبنان) أما الثورة الحالية فيه خاصة بالعالم السني".

ولقد بدأت براعم الصحوة الإسلامية في السنوات الأخيرة في الدول ذات الغالبية السنية: ففي العام 2002 صعد إلى الحكم في تركيا (حزب العدالة والتنمية بقيادة: رجب طيب أردوغان).
وفي العام 2006 تم انتخاب حركة حماس في أراضي السلطة الفلسطينية، والتي سيطرت على قطاع غزة بعد ذلك بعام، وبعد الربيع العربي فإن قوة (جبهة العمل الإسلامي في الأردن تزداد، وتهدد الملك عبد الله) وفي سوريا يكتسب أعضاء الإخوان المسلمون قوة كبيرة في صفوف معارضة المنفى.

وفي نوفمبر من هذا العام فاز في الانتخابات المغربية (حزب العدالة والتنمية المغربي) كما فاز (حزب النهضة) بأغلبية مقاعد البرلمان التونسي، وفي ديسمبر حظي (حزب الحرية والعدالة) المصري بـ 40% من مقاعد البرلمان كما أن حزب النور السلفي حصل على 20% من المقاعد.
والملاحظ أن كل هذه الحركات ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة مع حركة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928.

إن هناك ثلاثة أسباب تدفع الناخب العربي للتصويت للأحزاب الإسلامية وهي:
أولاً: لم تقم في العالم العربي معارضة قوية ومنظمة كان يمكن أن تكون بديلاً عن الأنظمة المستبدة سوى الحركات الإسلامية.
ثانياً: كان لهذه الحركات الإسلامية وعلى الدوام صورة إيجابية في نظر الجماهير الفلسطينية.
فحركة الإخوان المسلمين التي أنشأت فروعاً لها في معظم الأقطار العربية وضعت لنفسها هدفاً أسمى لإعادة تثقيف المجتمع فيما يتعلق بالتمسك بالقيم الإسلامية، والتحول بعيداً عن النفوذ الغربي. وبينما كانت تعمل حركة الإخوان المسلمين على توزيع الصدقات والعمل في مجال التعليم والإغاثة، كانت الأنظمة العسكرية (مثل نظام حسني مبارك في مصر، وزين العابدين بن علي في تونس، وعلي عبد الله صالح في اليمن، ومعمر القذافي في ليبيا) تنهب في خزينة الدولة وداست على الحقوق المدنية للمواطن.

ثالثا: إن تفضيل الناخبين للإسلاميين كان بسبب نجاح الدعاية الإسلامية التي تقول إن الأنظمة العلمانية في العالم الإسلامي بشكل عام والعربي بشكل خاص يتعاونون مع الولايات المتحدة والغرب ويعترفون بوجود دولة إسرائيل.

الشيعة ضد السنة، وإسرائيل:
إن الصحوة السنية ونجاح الأحزاب الإسلامية سيؤدي إلى معضلتين صعبتين جداً ستواجهان أعضاء الحركة الإسلامية السنية التي لنجاحها تداعيات أيضاً على دولة إسرائيل.

أولى هذه المعضلات:
هي المعضلة الاقتصادية: هل يجب تأجيل ما يسميه الإسلاميون بتحرير فلسطين والمسجد الأقصى؟ فالثمن الذي ستدفعه الأحزاب الإسلامية إذا قررت إعلان الحرب ضد إسرائيل أو إلغاء اتفاقيات السلام القائمة لا يطاق من الناحية الاقتصادية، لأن الدول العربية التي يعيش فيها الملايين من المواطنين لا تستطيع البقاء على قيد الحياة بدون مساعدة مالية من الغرب.

أما المعضلة الثانية فهي:
المعضلة النووية: حيث أن العالم الشيعي من شأنه أن يتزود قريباً بسلاح الدمار الشامل، والصراع بين السنة والشيعة هو صراع طويل ودموي أكثر من الصراع الإسرائيلي العربي، حيث أن النزاع بينهم بدأ على ورثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وعن طبيعة الإسلام وذلك قبل أكثر من ألف عام، وهذا الصراع لا يعرفه غالبية الإسرائيليين ولا يدرس في المدارس على الرغم من تأثيره على الأحداث في منطقتنا.

وفي الذاكرة التاريخية لأهل السنة حُفرت كوارث كان مصدرها الإسلامي الشيعي، فالأعمال الإرهابية التي لم تتوقف للقوات الشيعية ضد الحكم السني في القرون الوسطى، كذلك محاربة الشيعة الفاطميين في مصر ضد أهل السنة في القرن الحادي عشر سهل الاستيلاء على القدس بأيدي الصليبيين، إضافة لمساعدة الشيعة للغزو المغولي في القرن الثاني عشر والذي انتهى بالكارثة الإسلامية التي حرقت فيها بغداد وتم القضاء على الخلافة العربية لمدة 600 عام.

وفي القرن السادس عشر تحول الصراع إلى حرب بين القوتين العظيمتين (إيران الشيعية والدولة العثمانية السنية) وتجدد الصراع في القرن العشرين، وذلك في حرب إيران مع العراق عام 1980، 1988 والذي قتل فيه نحو مليون شخص.

الإخوان المسلمون في سوريا متأثرون سلبًا بالموقف الإيراني الذي دعم حافظ الأسد عندما قام بمذبحة فظيعة بحق أعضاء الحركة في (حماة) في العام 1982 واستمر في دعم ابنه بشار الأسد حتى اليوم الذي لا زال يمارس اضطهاد أهل السنة.

كما أن وثائق ويكليكس التي نشرت قبل نحو سنة كشفت بأن الدول السنية وخصوصًا السعودية والإمارات تدعم الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وهذه الدول تشكل دعماً وركيزة اقتصادية هامة لحركة (لإخوان المسلمين).

لذا فإن سعي إيران لتصبح قوة نووية تضع الأحزاب الإسلامية أمام السؤال الأكثر إلحاحًا: هل عدم القدرة عن الدفاع عن نفسها ضد إيران سيضطرها للتحالف ولو مؤقتاً مع إسرائيل؟!



 

المصدر: مجلة البيان
  • 4
  • 0
  • 4,380

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً