كيف أحرقت ألمانيا جسرها إلى العالم الإسلامي؟

منذ 2024-08-31

في مارس/آذار 2003، أنشأت وزارة الخارجيّة الألمانية منصّة على الإنترنت تُدعى "قنطرة"، والتي تعني "الجسر" في اللغة العربية الكلاسيكية

 

  • إساد شيربيجوفيتش

    كاتب ومحلل بوسني مقيم في زيورخ، سويسرا

في مارس/آذار 2003، أنشأت وزارة الخارجيّة الألمانية منصّة على الإنترنت تُدعى "قنطرة"، والتي تعني "الجسر" في اللغة العربية الكلاسيكية، ردًا على هجمات 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة والعداء الذي أثارته تلك الهجمات في الغرب ضد المسلمين. كان الهدف المعلن للبوابة المستقلة، التي تُدار من قبل هيئة الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله"، هو "جسر" الفجوات الثقافية بين الغرب والعالم الإسلامي وتوفير منصة محايدة للحوار بين الأديان.

عملت البوابة، التي تنشر محتوياتها باللغات الإنجليزية والألمانية والعربية، بنجاح لأكثر من 20 عامًا، على ما يبدو دون توجيه تحرير من الحكومة الألمانية. ولكن هذا تغيّر عندما بدأت تنشر محتويات تنتقد النقاشات الألمانية حول معاداة السامية في سياق الإبادة الجماعية في غزة. في وقت سابق من هذا العام، أُعلن أنه سيتم إعادة هيكلة "قنطرة" ونقل إدارتها من "دويتشه فيله" إلى معهد العلاقات الثقافية الخارجية (Institut für Auslandsbeziehungen – IFA)، وهو معهد تابع لوزارة الخارجية الفدرالية وممول منها.

وادّعت الوزارة أن الخطوة كانت "ببساطة" هيكلية ولا علاقة لها بتوجهات الموقع التحريرية ومحتوياته. إلا أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عارضت هذا الادّعاء، مشيرة في مقابلة إلى أن المخاوف حول المحتويات التي نشرتها "قنطرة"، وخاصة المحتويات المتعلقة بمعاداة السامية، كانت عاملًا في اتخاذ القرار.

بعد الإعلان، نشر 35 من أعضاء هيئة تحرير "قنطرة" خطابًا مفتوحًا موجهًا إلى بيربوك، يعبرون فيه عن شكهم في أن معهد العلاقات الثقافية الخارجية يمتلك القدرات التحريرية اللازمة لاستمرار هذا المشروع المعقد، بنجاح، وهو المشروع الذي تم بناؤه بعناء على مرّ السنين وأثبت أنه مصدر هام لأولئك المهتمين بالشرق الأوسط وعلاقته مع أوروبا. لم يؤثر الخطاب في شيء، واستقال جميع أعضاء التحرير احتجاجًا.

في 1 يوليو/تموز، نُقلت إدارة "قنطرة"، التي لم يعد لها أي أعضاء في فريق التحرير، من "دويتشه فيله" إلى معهد العلاقات الثقافية الخارجية. وأفاد المعهد بأن البوابة ستظل تحت سيطرته التحريرية حتى يشكل رئيس التحرير الجديد، يانيس هاجمان، فريقَ تحريرٍ جديدًا، ويبدأ العمل رسميًا في الأسابيع المقبلة.

هذه الفترة الانتقالية في "قنطرة" تمثل فرصة فريدة لمراقبة وتقييم الرؤى الحقيقية للحكومة الألمانية حول الشرق الأوسط وشعوبه، نظرًا لأن المسؤولين الحكوميين باتوا الآن يقومون بتحرير منصّة تُعلن على أنها "جسر" ألمانيا إلى العالم الإسلامي.

قبل التغيير في الإدارة، كانت "قنطرة" محترمة بسبب تقاريرها وتحليلاتها الموضوعية والمتعمقة حول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الأوسع، سواء في ألمانيا أو في المنطقة نفسها.

لم يعد هذا هو الحال. حاليًا، تحت الإدارة التحريرية التابعة لمعهد العلاقات الثقافية الخارجية، يبدو أن "قنطرة" تركز ليس على بدء حوار بين الثقافات والأديان، بل على تأكيد تحيّزات الحكومة الألمانية وأحكامها المسبقة ضد المسلمين، وخاصة الفلسطينيين، من خلال مقالات رأي سيئة التحرير.

ربما يكون أفضل مثال على الموقف التحريري الجديد لـ"قنطرة" – ومن ثم نظرة الحكومة الألمانية الحقيقية نحو الشرق الأوسط وشعوبه – هو مقال رأي بعنوان "الاتصال بالأزمات والشرق الأوسط: إعجاب ومشاركة"، نُشر في 25 يوليو/تموز.

يتناول المقال التحليلي الذي كتبته الكاتبة المغربية -الألمانية سناء المساري، تغطية الإعلام لحرب إسرائيل على غزة، ويصور الفلسطينيين كشعب عنيف ومعادٍ للسامية بطبيعته، وأنهم يكذبون بشأن معاناتهم وتاريخهم وثقافتهم ودوافعهم السياسية لتشويه سمعة إسرائيل وزعزعة استقرار الديمقراطيات الغربية.

يذكر المقال بشكل جازم، دون أي دليل أو شيء يشبه الحجة المساندة، أن الصحفيين الفلسطينيين الذين يغطون الإبادة الجماعية هم عملاء لحركة حماس، وأن الصور التي تُظهر الموت والمعاناة في غزة "مفبركة"، وأن الفلسطينيين يكرهون المحتلين الصهاينة لأرضهم فقط بسبب "معاداة السامية الإسلامية"، وأنه لا يوجد في الواقع مجاعة في غزة، وأن الإعلام الدولي يتعمّد عدم نشر صور "الأكشاك المليئة والبسطات المشوية" في القطاع.

يزعم المقال، على سبيل المثال، أن المجاعة في قطاع غزة، "وفقًا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) المنشور حديثًا، لم تكن موجودة ولا توجد". بالطبع، التقرير المشار إليه في المقال يوضح بجلاء: "بينما يصنف كل إقليم غزة في مرحلة الطوارئ (المرحلة 4)، ما يزال أكثر من 495,000 شخص (22٪ من السكان) يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 5 من IPC)." ويعرف التصنيف (IPC) المرحلة 5 في نشرته بأنها "مجاعة" ويقول إن هذا الترتيب يُعطى فقط لمنطقة عندما "يكون هناك على الأقل 20٪ من الأسر التي تواجه نقصًا حادًا للغاية في الغذاء، ويعاني 30٪ على الأقل من الأطفال من سوء تغذية حاد، ويموت شخصان لكل 10,000 يوميًا؛ بسبب الجوع المباشر أو بسبب التفاعل بين سوء التغذية والمرض".

يبدو، وفقًا لـ"قنطرة" والمسؤولين الحكوميين الذين يسيطرون عليها حاليًا، أن المجاعة المؤكدة من قبل (IPC) ليست في الواقع مجاعة عندما تحدث للفلسطينيين وتُسهلها إسرائيل.

ولا تنتهي التشويهات الفاضحة للحقائق عند هذا الحد. يزعم المقال أيضًا أن "معاداة السامية الإسلامية" كانت السبب في مقاومة المسلمين في فلسطين للسيطرة الصهيونية على أراضيهم. ويضيف المقال: "على عكس ألمانيا، لم يتصالح الشرق الأوسط نفسه أبدًا مع ماضيه النازي".

هذه بالطبع كذبة أورويلية لا مكان لها في أي منشور صحفي جاد. ما الذي يوحي بأن الشرق الأوسط يمتلك بالفعل "ماضيًا نازيًا" يحتاج للتصالح معه؟ بالطبع لا شيء. النازية هي أيديولوجية غربية بحتة – وتحديدًا ألمانية – لا أساس لها أو صلة بالشرق الأوسط والشعوب المسلمة التي تعيش هناك.

المسلمون في المنطقة لديهم تحيز ليس ضد اليهود واليهودية – التي وُلدت وتأسست في الشرق الأوسط وازدهرت تحت الحكم الإسلامي في مختلف البلدان عبر المنطقة لقرون – ولكن ضد الصهاينة الذين يحكمون إسرائيل، والذين يقتلون أحباءهم، ويسرقون أراضيهم، ويحبسونهم في أحياء محاطة بشدة لعقود.

ويقول المقال أيضًا: "تم استغلال القضية الفلسطينية لزعزعة استقرار الديمقراطيات الغربية".

يبدو أن الكاتبة، مثلها مثل الحكومة الألمانية، منزعجة من أن الناس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في ألمانيا، يعترضون على محاولة إسرائيل إبادة شعب كامل.

فهل حقًا استغلال "القضية الفلسطينية"، مهما كان المقصود بذلك، هو ما يزعزع استقرار الديمقراطيات الغربية؟ أم قد يكون الدفاع عن إبادة الفلسطينيين هو ما يزعزع استقرارها؟ بعد كل شيء، قتل الأبرياء بشكل جماعي – أو توفير غطاء مالي وقانوني ودبلوماسي للمجزرة – لا يتماشى مع القيم المعلنة للديمقراطيات الغربية، مثل احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي.

ربما لهذا السبب يحاول المقال الإيحاء بأن الدمار الذي نشاهده جميعًا في غزة في الوقت الفعلي هو بطريقة ما "مفبرك"، تحتاج الحكومة الألمانية إلى أن تكون هذه الصور مفبركة لتستمر في إقناع الناس بأن لديها التفوق الأخلاقي.

بهذا المقال الواحد، الذي نُشر تحت السيطرة التحريرية لمعهد تابع لوزارة الخارجية، أحرقت الحكومة الألمانية "جسرها" إلى العالم الإسلامي. إن بقاء المقال على منصة "قنطرة"، دون أي تصحيح أو توضيح – حتى لتصحيح الكذبة الصارخة "لا توجد مجاعة" – بعد رد فعل كبير من جمهورها المستهدف المفترض، يشير إلى أن ألمانيا فقدت كل اهتمامها ببدء حوار مع العالم الإسلامي. يبدو أنها ترغب في أن تتخلى المنصة عن كل نزاهة صحفية، وتُنشر محتويات تدعم – بأي ثمن – سياسة الحكومة الخارجية.

لماذا يحدث هذا؟

يبدو أنه منذ بداية الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة قبل 10 أشهر، لم تعد آراء وأفكار وتطلعات العالم الإسلامي، والعالم الجنوبي الأوسع، تهم الحكومة الألمانية. فهي لم تعد مهتمة بأي حوار أو نقاش، بل ترغب فقط في الاستمرار في سياستها الخارجية الحالية تجاه المنطقة، والتي تهتم بشيء واحد فقط: تخليص نفسها من عبء الهولوكوست في أعين الأمم الغربية الأخرى من خلال الدفاع عن إسرائيل دون قيد أو شرط، وتصوير من يقاومون الإساءة الإسرائيلية كنازيين معاصرين. وهكذا، تصف الفلسطينيين، وبالتبعية جميع المسلمين الذين يدافعون عنهم، بأنهم "نازيون".

وقال رئيس التحرير الجديد لمنصة "قنطرة"، يانيس هاجمان، في مقابلة حديثة، إنه هو وفريقه، بمجرد أن يبدؤوا العمل رسميًا، لن يسمحوا لأنفسهم "بالتدخل في المحتوى، لا من قبل معهد العلاقات الثقافية الخارجية ولا من وزارة الخارجية".

وقال إنه كان "منزعجًا" من مقال سناء المساري وأنه "لم يكن ليظهر المقال بهذا الشكل تحت إدارة فريق قنطرة الجديد".

ربما سيثبت هاجمان صحة كلامه، وربما سنشهد عودة لـ"قنطرة" القديمة بمجرد أن يتولى الفريق الجديد السيطرة، حيث لن تجد مقالات مثل مقال المساري مكانًا لها في الصفحة الرئيسية. ومع ذلك، بمجرد حرق جسر، يستغرق الأمر وقتًا وجهدًا كبيرًا لإعادة بنائه. المنصة الآن تواجه معركة شاقة لإثبات أنها أكثر من مجرد أداة دعاية حكومية.

ومهما كان ما سيحدث في المستقبل، فقد علمتنا هذه الفترة الانتقالية في "قنطرة"، ومقال المساري، الكثير عن الحكومة الألمانية ونهجها تجاه الشرق الأوسط.

فقد أظهرت لنا أن الحكومة الألمانية ترى إسرائيل ككيان صائب وأخلاقي حتى عندما ترتكب إبادة جماعية، والمسلمين كمجموعات معادية للسامية وبسيطة ولكنها متلاعبة، وتهدف إلى زعزعة استقرار الديمقراطيات الغربية.

وهذا، على الرغم من أنه مزعج، يعد معلومات قيمة إذا كنا نرغب في فهم ومواجهة رد الفعل الألماني تجاه الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


  • إساد شيربيجوفيتش

    كاتب ومحلل بوسني مقيم في زيورخ، سويسرا

  • المصدر: الجزيرة  نت

  • 4
  • -1
  • 456
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض - إلّا ليعبدون (5) إنّ من أكثر الأمور التي تدفع المجاهد لإخلاص نيّته في جهاده، وتصحيح غايته إلى أن تكون كلمة الله هي العليا، هو التذكير الدائم بالثمرة الوحيدة والغنيمة الكبرى التي يحرص أن لا تفوته في جهاده، ألا وهي الجنّة. وبمقدار انحراف قلب المجاهد عن هذه الغاية، يحدث الانحراف في نفسه وفي سلوكه بل وحتّى في غاية جهاده، لأنّه إن نقص في قلبه حب الجنّة والشوق إليها والحرص على تحصيلها، فلا شكّ أنّه سيملأ مكان هذا الحرص المحمود حرص من نوع آخر؛ هو حرص على الدنيا وزينتها، لذا على المجاهد أن يحرص كل الحرص أن يبقى قلبه متعلّقاً بطلب الجنة، ليبقى متعلقاً بالصراط المستقيم الذي يوصله إليها، فتراه يسأل نفسه عند كل سبيل تعرُض له: أهذه السبيل تؤدّي بي إلى الجنّة؟ فيندم على كل معصية اقترفها، وكل خير فاته بمقدار ما يظنّ أنّهما ستحددان من درجته في الجنّة لعلمه (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض) [رواه البخاري]، فطالما أن المجاهد في سبيل الله قد عرض أغلى ما يملكه ليبلغ الجنّة، فإن من الخيبة ألّا يطلب عالي الدرجات ثمناً لأغلى الممتلكات، كما قال الشاعر: إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ ※ فلا تطمع بما دون النجومِ فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ ※ كطعم الموت في أمرٍ عظيمِ وعلى هذا كانت سنّة النبي -صلّى الله عليه وسلم- في تحريض أصحابه على الجهاد والقتال، سواء كان التحريض على الهجوم واقتحام صفوف العدو وطلب النكاية فيهم، أو كان للدعوة إلى الثبات والاستبسال في الدفاع عن الحرمات والذود عن الحياض، ويمكننا أن نضرب على ذلك مثالين من سيرته صلى الله عليه وسلم: الأول في غزوة بدر حيث كانت صيحة التحريض التي أطلقها النبي -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه ليبدؤوا هجومهم "قوموا إلى جنّة عرضها السموات والأرض"، فأشعلت في قلوبهم جمرة لم تنطفئ نارها إلّا وهم قتلى، يستبطئون الدقائق التي تفصلهم عن هذه الجنّة، (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى جنّة عرضها السّموات والأرض»، قال يقول عمير بن الحمام الأنصاري يا رسول الله جنّة عرضها السّماوات والأرض قال «نعم»، قال بخٍ بخٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ»، قال لا و الله يا رسول الله إلّا رجاءة أن أكون من أهلها، قال: «إنّك من أهلها». فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهنّ، ثمّ قال: لئن أنا حييت حتّى آكل تمراتي هذه إنّها لحياة طويلة -قال- فرمى بما كان معه من التّمر، ثمّ قاتلهم حتّى قتل) [رواه مسلم]. والمثال الثاني في غزوة أُحُد، لمّا اشتد الخطب على المسلمين، وبلغت القلوب الحناجر، وكاد المشركون أن تطال أيديهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأراد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أن يحرّض المجاهدين على ردّ المشركين عنهم، فلم يزد أن ذكرهم بما لهم إن فعلوا ذلك؛ وهو الجنّة، (عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلمّا رهقوه قال: «من يردّهم عنّا وله الجنّة أو هو رفيقي في الجنّة؟»، فتقدّم رجل من الأنصار فقاتل حتّى قتل، ثمّ رهقوه أيضا فقال: «من يردّهم عنّا وله الجنّة أو هو رفيقي في الجنّة؟»، فتقدّم رجل من الأنصار فقاتل حتّى قتل فلم يزل كذلك حتّى قتل السّبعة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصاحبيه: «ما أنصفنا أصحابنا») [رواه مسلم]. هذه الاستجابة الفريدة من الصحابة للتحريض على الجهاد، التي بلغت حدّ أن يستبطئ أحدهم المدّة القليلة التي سيقضيها في تناول التمرات، فيعتبرها فترة طويلة تفصله عن الجنّة إن بقي على قيد الحياة حتى يقضيها، وأن يندفع سبعة من المجاهدين في إثر بعضهم، وكلٌ منهم يرى أو يعرف مصرع من استجاب لتحريض النبي عليه الصلاة والسلام قبله، فلا يثنيه ذلك عن أن يقتل بعده، وهكذا حتى يهلكوا جميعهم، هذه الاستجابة لم تكن -ولا شك- وليدة اللحظة، بل هي نتيجة الارتباط الدائم في الذهن بين العمل الصالح وجزائه، واليقين بأن أعظم ما يناله المسلم لقاء عمله الصالح هو الجنّة، وأن حياته كلّها ما هي إلّا وسيلة لبلوغ الجنّة، فإن بذلها في أي لحظة من اللحظات وهو يعرف أنّه سينال ما تمنّى فقد حقّق غاية مراده من جهاده. مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ – العدد (3) السنة السابعة - السبت 17 محرم 1437 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً