فضل إماطة الأذى عن الطريق
في السُّنَّة الشريفة بيانٌ عظيم لمن تحلَّى بهذا المعروف، فإماطةُ الأذى عن الطريق من موارد الصدقاتِ
حسين أحمد عبد القادر
بسم الله، والحمد لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فإن إماطةَ الأذى عن الطريق من أبواب الخير التي يقصِدُ بها المسلم رضا الله تعالى، وبالسعيِ إلى فعل الخير يَحظَى المسلم بالفلاح، قال الله سبحانه: {﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾} [الحج: 77]، وفي الآية الكريمة يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: "يأمر الله تعالى عبادَه المؤمنين بالصلاة، وخصَّ منها الركوع والسجود؛ لفضلِهما وركنيتهما، وعبادته التي هي قرَّة العيون، وسلوة القلب المحزونِ، وأن ربوبيَّته وإحسانه على العباد يقتضي منهم أن يُخلِصوا له العبادة، ويأمرهم بفعل الخير عمومًا، وعلَّق الله تعالى الفلاحَ على هذه الأمور، فقال الله سبحانه: {﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾} [الحج: 77]؛ أي: تفوزون بالمطلوب المرغوب، وتنجون من المكروه المرهوب، فلا طريقَ للفلاح سوى الإخلاصِ في عبادة الخالقِ، والسعْيِ في نفع عبيدِه، فمن وُفِّق لذلك، فله القدح المعلَّى من السعادة والنجاح والفلاح"؛ (تفسير السعدي).
وفي السُّنَّة الشريفة بيانٌ عظيم لمن تحلَّى بهذا المعروف، فإماطةُ الأذى عن الطريق من موارد الصدقاتِ، ومن السبل الميسرة للطاعات، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ( «(لقد رأيتُ رجلًا يتقلَّبُ في الجنة في شجرة قطعَها من ظَهْرِ الطريق كانت تؤذي الناسَ» ))؛ (مسلم)، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ وجَد غُصنَ شَوكٍ على الطريق فأخَّره، فشَكر الله له؛ فغَفَر له» ))؛ (متفق عليه)، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( «(الإيمانُ بضع وسبعون - أو بضع وستون - شُعبةً، فأفضلُها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريق، والحياءُ شعبة من الإيمان» ))؛ (مسلم)، وعن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ((يُصبحُ على كل سُلامَى من ابن آدم صدقةٌ: تسليمُه على من لقي صدقةٌ، وأمره بالمعروف صدقةٌ، ونهيه عن المنكر صدقةٌ، وإماطته الأذى عن الطريق صدقةٌ، وبُضْعتُه أهلَه صدقةٌ))، قالوا: يا رسول الله، يأتي شهوةً وتكون له صدقة؟! قال: ((أرأيتَ لو وضعها في غير حقِّها، أكان يأثم؟ قال: ويجزئ من ذلك كلِّه ركعتان من الضحى))» ؛ [أبو داود، وصحَّحه الألباني] ، وعن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «عُرِضت عليَّ أعمالُ أمتي: حسَنُها وسيِّئُها، فوجدتُ في محاسن أعمالها الأذى يُماط عن الطريق، ووجدتُ في مساوئ أعمالِها النُّخاعة تكون في المسجد لا تُدفَنُ» ))؛ [مسلم] .
ولذا؛ فعلى المسلم أن يحصِّل الفوائد النبويَّة التي وردت في الأحاديث الشريفة، ولا يَستصغِر هذا العمل؛ فلعله سببٌ بفضل الله سبحانه لدخول الجنة، والتقلُّب في نعيمها، ويحتسبُ الأجرَ؛ طلبًا للثواب من الله الكريم، وسعيًا للنجاة، وذلك بالعمل على تجنُّب وضع الأذى في الطريق، والحرص على إماطة الأذى، سواء بطريقة فرديةٍ أو جماعية بالتعاون مع المسلمين، وملازمة قواعدِ المرور؛ حرصًا على سلامة الناس في الطريق، وتجنُّبًا للمخاطر التي قد تكون سببًا في الضرر على الغير، والعمل على تهيئة الطريقِ للمارَّة بكل سبيل متاحٍ من إزالة للقمامةِ، وكل ما يشكِّل خطرًا على المارَّة من زجاجٍ وشوك وما شابه ذلك، والوفاء بحقِّ الطريق الذي علَّمنا إياه خيرُ خلق الله تعالى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( «(إياكم والجلوسَ في الطُّرقات» ))، فقالوا: ما لنا بُدٌّ، إنما هي مجالسُنا نتحدَّث فيها، قال: (( «فإذا أبَيتم إلا المجالسَ، فأعطوا الطريقَ حقَّها» ))، قالوا: وما حقُّ الطريق؟ قال: (( «غضُّ البصر، وكفُّ الأذى، وردُّ السلام، وأمرٌ بالمعروف، ونهيٌ عن المنكر» ))؛ [البخاري] .
نسأل الله تعالى أن يرزقَنا الحقَّ واتباعه، والحمدُ لله ربِّ العالمين، ونصلِّي ونسلم على الصادق الأمين رسولِنا صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتَّبعه بإحسان إلى يوم الدين.
- التصنيف:
- المصدر:
منير الخالدي
منذعنان عوني العنزي
منذ