آثار التدين بالإسلام في حياة المسلم

منذ 2024-11-24

إن من آثار التدين بدين الإسلام معرفة الإنسان للغاية من وجوده في هذه الحياة، وهي عبادة الله وحده، وأنه لم يُخلق عبثاً ليلعب ويلهو، ويأكل ويشرب، بل خُلق للعبادة قبل كل شيء

إذا كان التدين عموماً حاجة إنسانية، وفطرة فطر الله الناس عليها، فإن التدين بدين الإسلام هو الذي لا يقبل الله من عباده غيره، ولا يرضى الله لعباده سواه، قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}  [آل عمران:19]  وقال أيضاً: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}  [آل عمران: 85].

والاستسلام لله سبحانه هو جوهر الرسالات السماوية، فبه جاءت وإليه دعت أقوامها، ثم طرأ على الكتب السابقة من التبديل والتحريف ما جعلها تخرج عن الطريق القويم، وكان دين الإسلام هو الدين الخاتم الذي حفظه الله سبحانه من أي تبديل أو تحريف، وجعله مهيمناً على ما سبقه من الأديان، قال تعالى : {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} [المائدة:48] فهو الدين الخاتم، وهو الدين الحق، وهو الدين الذي رضيه الله لعباده.

وما دام دين الإسلام هو الدين الذي رضيه الله لعباده، فهذا يعني أن الخير فيه، وسعادة الإنسان مرتبطة به، لأنه سبحانه لا يرضى لعباده إلا ما فيه خيرهم وصلاحهم.

وإذ ثبت أن دين الإسلام هو الدين الحق، فإن للتدين به آثاراً على حياة الإنسان، نحاول في مقالنا التالي أن نتعرف على أهمها.

أول تلك الآثار أن التدين بدين الإسلام يُعرِّفُ الإنسان بحقيقة نفسه، ومكانته في هذا الوجود، فهو أولاً وآخراً مخلوق لله، خلقه سبحانه في أحسن تقويم، وكرَّمه الله على سائر مخلوقاته، كما أخبرنا بذلك تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} [الإسراء:70] فإذا عرف الإنسان حقيقة نفسه سار في حياته على هدى ونور من ربه، قال تعالى: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيمٍ} [الملك:22] وهذا الاهتداء لا يحصل إلا لمن كان على دين قويم.

ومن أهم آثار التدين بدين الإسلام أنه يُعرِّف الإنسان أن لهذا الكون خالقاً ومدبراً، وأن ما من شيء في هذا الكون إلا بأمره سبحانه، كما قال سبحانه: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف:54].

ثم إن من آثار التدين بدين الإسلام معرفة الإنسان للغاية من وجوده في هذه الحياة، وهي عبادة الله وحده، وأنه لم يُخلق عبثاً ليلعب ويلهو، ويأكل ويشرب، بل خُلق للعبادة قبل كل شيء، قال سبحانه: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56] فلفظ (إلا) في الآية يفيد الحصر، أي إن الغاية من إيجاد الخلق عبادة الله وحده، وليس من غاية أخرى وراء هذه الغاية. وقال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً} [المؤمنون:115]. فإذا عرف المؤمن الغاية التي لأجلها خُلق، والهدف الذي يحيا له، عاش حياة مطمئنة ومستقرة، مصداق ذلك قوله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين أمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} ( [يونس:62-64].

ومن آثار التدين بدين الإسلام - إضافة لما سبق - أنه يقيم التوازن بين مطالب الروح ومطالب الجسد، فلا يطغى جانب على آخر، ولا يهمل جانب لمصلحة آخر، بل هو الوفاق والوئام والوسط الذي جاء به الإسلام، قال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً} [البقرة:143].

وقد ذم سبحانه اليهود لتغليبهم مطالب الجسد على مطالب الروح - وبالمقابل - ذم النصارى لتغليبهم مطالب الروح على مطالب الجسد، بينما جاء الإسلام بالوسط بينهما، فلا إفراط ولا تفريط.

وقد ثبت العديد من الأحاديث التي تؤكد هذه الحقيقة، من ذلك ما البخاري ومسلم أن ثلاثة نفر جاؤوا إلى عائشة رضي الله عنها فسألوا عن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهم بها، فتقالُّوها - أي رأوها قليلة - فبدا لهم أن يأتوا من العبادات ما هو أكثر، فعلم رسول بأمرهم، فقال: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» فقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم المنهج الوسط، والطريق الأرشد في العبادة، حفاظاً على هذا التوازن بين مطالب الجسد ومطالب الروح، الذي لا يمكن لحياة الإنسان أن تستقيم إلا به.

ومن أمعن النظر فيما سبق من آثار التدين بدين الإسلام علم أن مجموع تلك الآثار تؤدي إلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، السعادة التي يبحث عنها كثير من الناس فلا يجدونها إلا في هذا الدين - وهذا باعتراف من أسلم منهم - مع الإشارة إلى أن مفهوم السعادة لا يعني التفوق المادي ونحوه، وإنما السعادة الحقيقة يحياها من التزام دين الإسلام حق الالتزام.

يشهد لهذا واقع الناس اليوم، فإن كثيراً ممن لا يدين بهذا الدين يشعر بالفراغ الروحي، وبفقدان الأمن والاستقرار النفسي، وقد ذكر سبحانه في كتابه الكريم أن حصول الأمن إنما يحصل لعباده الذين أمنوا به واتبعوا سبيله، فقال: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئلك لهم الأمن وهم مهتدون} [الأنعام:82] فمع الإيمان الحق يكون الأمن والاطمئنان، ومع الأعراض يكون الضنك والشقاء، قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} [طـه:124] ويجمع هذا وذاك قوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} [الأعراف:96].

ولْتَعلم - أخي الكريم - أن آثار التدين إذا تمثَّلها الأفراد واقعاً في حياتهم، وسلوكاً في نشاطهم، انعكس ذلك على مجموع الأمة، ولك بعد ذلك أن تتصور مدى ما يحققه التدين بالإسلام من استقرار وطمأنينة للمجتمع بأكمله، ذاك المجتمع الذي يأمن الإنسان فيه على دينه ونفسه وعرضه وماله، وهذا أسمى ما تتطلع إليه الإنسانية من الحياة الآمنة المكلوءة بالأمن والعدل.

  • 3
  • 0
  • 233
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    سنّة الله في الصحوات.. باقية في الوقت الذي ذهب ممثلو الصحوات فيه للتفاوض مع النظام النصيري في جنيف ونيويورك، كان جيش النظام وحلفاؤه من الصليبيين الروس والروافض يتقدمون في عدة مواقع من الشام لتتقلص بذلك مناطق سيطرة الصحوات أكثر فأكثر، ويضيق عليهم الخناق في مواقع عدة، وتهدد مساحات واسعة ومدن كثيرة بالحصار ويدفع ذلك عشرات الألوف من الناس للهرب باتجاه الحدود التركية طالبين اللجوء خوفا من وقوعهم أسرى بيد النصيرية والروافض وبات كل فصيل من فصائل الصحوات اليوم يرى نفسه وحيدا في الساحة ضعيفا عن مجابهة النظام النصيري، مخذولا من قبل دول الجوار ضحية لوعودهم الكاذبة محسورا على ما كان بيده من موارد ومقاتلين ضيعهم في حربه على الإسلام والمسلمين بدلا من توجيههم لقتال النصيرية والروافض وباتت حالهم اليوم تذكرنا بطيور المداجن التي يقوم مربوها برعايتها وهي لا تزال في بيوضها حتى تخرج إلى الحياة فتزداد العناية بها ويزداد الاهتمام بتغذيتها ويقام على حمايتها من الأمراض، لتكبر ويزداد وزنها بل وتجد المربي يحقنها بالهرمونات استعجالا لنموها حتى إذا نضجت قام ببيعها ليحقق منها المكسب الذي دفعه إلى بذل كل هذه الرعاية ثم تتناقلها أيادي التجار وكل منهم ينال نسبة من أرباح بيعها لمن بعده، وصولا إلى المستهلك النهائي الذي لا مصلحة له من ورائها سوى إنهاء حياتها ذبحا والاستفادة من لحمها في تأمين ما يحتاجه من غذاء وهكذا هي سنة الله في الصحوات في كل مكان تستدرجهم أجهزة المخابرات، ثم تبدأ عملية التغذية والدعاية والحماية من قبل "الدول الراعية" وذلك لتحصيل غايات معينة من هذا الدعم، حتى إذا نمت وزاد وزنها باعها الراعي إلى من يدفع السعر الأعلى بتسوية سياسية تجري في الخفاء، وهذا ما لم تدركه صحوات الشام إلى الآن، فلم تدرك أن أمريكا وحلفاءها قد باعوهم لإيران وروسيا ليقوموا بذبحهم اليوم بعد أن دفعوا ثمنا للرعاة لا يعلمه قادة الصحوات مما أثار تعجبهم واستغرابهم فقد حسِب هؤلاء الأغرار أن مجرد قتالهم الدولة الإسلامية هو صك حماية لهم من كل الأخطار وأن الطائرات التي تؤمّن لهم الغطاء في معاركهم مع جنود الخلافة ستؤازرهم في كل وقت وأن مخازن السلاح التي فُتحت أمامهم منذ إعلانهم الحرب على دولة الخلافة ستبقى مفتوحة دائما، وأن حيازتهم لقب "المعارضة المعتدلة" من الصليبيين هو صك حماية دائمة من الصليبيين والطواغيت لهم، فلما تقدم الجيش النصيري إلى مدنهم وقراهم، وجدوا أنفسهم لا حامي لهم ولا معين فعادوا اليوم يرجون عونا من جيش الخلافة الذي طالما أفتى حمير العلم من شرعيي صحواتهم أن قتاله مقدم على قتال النصيريين وصرح قادتهم وإعلاميوهم أنه عميل للجيش النصيري فإذا بهم اليوم يعلنون الحقيقة التي استيقنتها نفوسهم ومالت عنها ألسنتهم ألا وهي أن تورطهم في قتال الدولة الإسلامية جعلهم لقمة سائغة للنصيرية وأعوانهم إن الكِبر وحده هو ما يمنع قادة الصحوات اليوم أن يعترفوا بكونهم ألعوبة بيد أجهزة المخابرات طيلة السنوات الماضية، وأن حربهم على الدولة الإسلامية إنما كانت إرضاء للصليبيين والطواغيت، وأن كل ما افتروه على الدولة الإسلامية من فرى وأكاذيب إنما كان لتبرير هذه الحرب، ولتكون دافعا لقطعانهم التي تسمع لهم وتطيع في بلاهة وسذاجة وبلا وعي وأيقنوا أن ردّتهم عن دين الإسلام التي صرحت بها الدولة الإسلامية مرارا وعاملتهم على أساسها إنما كانت حقيقية وأنها قائمة على توليهم للكفار وإعلانهم الرضا بالمبادئ الكفرية من ديموقراطية وعلمانية، ولامتناعهم عن تطبيق أحكام الشريعة فيما تحت أيديهم من مناطق، واستبدالهم القوانين الوضعية بحكم الله في محاكمهم، وحربهم في سبيل إزاحة الشريعة عن المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة الإسلامية، حتى تكون من جنس المناطق التي يسيطرون عليها وليعلموا أن توبتهم عن أفعالهم تلك وقطعهم العلاقات مع الكفار والمرتدين، وإعلان البراءة منهم، وعزمهم على سلوك طريق الهدى وتصحيح النية في الجهاد حتى يكون الدين كله لله، هي الخطوة الأولى في تصحيح مسار تلك الفصائل ومن ثم لزوم جماعة المسلمين وإمامهم الواجب الشرعي الذي أُمرنا به والفريضة الغائبة والواجب الكفائي الذي كُفيت الأمة جمعاء حمله ومؤونته فالخلافة قامت بفضل الله وتوفيقه على أرض الشام والعراق وبويع لخليفة المسلمين، وأما ما يُرجى من نصر وتمكين فالمؤمن الموحد موعود بإحدى الحسنيين وكلاهما فوز وظفر؛ إما نصر وإما شهادة وكفى بها من مغنم أما وهم مصرون على ردتهم متمسكون بحبال الصليبيين والطواغيت ووعودهم الكاذبة فإن فشلهم وذهاب ريحهم وتمكن النصيرية من ذبحهم واستلاب ما بأيديهم من أرض وسلاح هي مسألة وقت لا أكثر وبالتالي خسارتهم لدنياهم بعد أن خسروا آخرتهم ولن يكون مصيرهم أكثر من مصير من سبقهم من صحوات العراق الذين آل بهم المطاف جنودا لإيران الصفوية وخدما للمشروع الرافضي الذي خرجوا يوما ما زاعمين السعي لإفشاله وإلى الله ترجع الأمور المصدر: صحيفة النبأ – العدد 17

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً