الهجر الجميل

منذ 2024-11-24

فما أحوجنا رجالًا ونساء، أزواجًا وزوجاتٍ للاقتداء برسولنا الكريم، وأمهات المؤمنين في التعامل مع المشكلات الزوجية، التي لا يخلو منها بيتٌ لتكون بيوتنا أقلَّ توترًا، وأكثرَ هدوءًا وسَكِينة، ومودةً ورحمة!

عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها: «إني لأعلمُ إذا كنتِ عني راضيةً، وإذا كنتِ عليَّ غَضْبَى»، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: «أمَّا إذا كنتِ عني راضيةً، فإنكِ تقولين: لا وربِّ محمد، وإذا كنت عليَّ غَضْبَى، قلتِ: لا وربِّ إبراهيم»، قالت: قلتُ: أجل، والله يا رسول الله ما أهجُرُ إلا اسمك).

 

هكذا هو الهجر الأنثويُّ الرقيق، لا تصرخ إذا غضبت من زوجها، ولا تلوم وتنكد على زوجها، ولا تخاصمه الأيام والليالي، ولا تهجر فراشها وتنام في سرير آخر، ولا تمتنع عن تلبية طلباته أو احتياجاته الزوجية الخاصة؛ لأنها غاضبة، فضلًا عن أن تترك بيتها بالكلية.

 

بل الفرق الوحيد بين رضاها وغضبها هو تغيُّر صيغة القَسَمِ لتتجنب النطق باسمه عليه الصلاة والسلام؛ حتى يشعر أنها غاضبة، أو أن هناك شيئًا ما لا تُحِبُّه من زوجها.

 

فكيف نكون نحن إذا غضِبنا؟ هل نبالغ في إظهار غضبنا، أم لا نظهره أبدًا ونكتمه في صدورنا، ولا نعبِّر عنه، فلا يعلم شريكنا ما يُغضبنا فيَجْتَنِبه؟

 

الحالتان خطأ، بل من الطبيعي أن نغضب فنحن بشر، وعندنا مشاعرُ وأحاسيس، لسنا آلاتٍ أو روبوتات، لا تُحِسُّ ولا تشعر.

 

ومن الطبيعي أن نُظهِر غضبنا ولا نكتمه، ولكن بأسلوب أنثويٍّ رقيق، وثبات انفعاليٍّ كبير، بحزن يبدو على الوجه، أو بتغيير بعض الكلمات الرقيقة لكلمات جادَّة بعض الشيء، بدلًا من أن تناديه بـ:"حبيبي" أو "قلبي"، أو باسم الدلع، أو غيرها من كلمات التودد، نادِيه باسمه الصريح فقط، بدلًا من أن تدلعيه بجلسة مساج – مثلًا - توقَّفي عنها مؤقتًا؛ ليشعر أن ثمة أمرًا ما قد تغيَّر.

 

ما أرقَّ أنوثتَك يا أمَّنا حتى وأنتِ غاضبة، فغضبك لا يجرح المودة والحب مع زوجك الحبيب!

 

وإن كنتُ أتعجب من أسلوب أمِّنا عائشةَ في الغضب، فعجبي أشدُّ من أن نبيَّنا محمدًا عَرَفَ أن زوجته غاضبة، وشعر بذلك من أدق تفاصيلها، كيف أنه يفهمها من كلامها، ويعرف حالتها المزاجية والعاطفية؟

 

إذا كنا نُسمِّي هذا الآن الذكاءَ العاطفيَّ؛ بأن يفهم الشخص مشاعرَ مَن أمامه دون أن يتكلم، يفهمه من لغة جسده، أو نظرات عينيه، أو ببعض الكلمات التي ينطق بها لسانه، فيعرف منها مكنونات قلبه، أن تفهم احتياجات من أمامك دون أن يطلب - إذا كان هذا هو الذكاء العاطفي، فقد علَّمنا إياه نبيُّنا في هذا الحديث.

 

ما أجملها من مهارة نحتاجها جميعًا أزواجًا وزوجاتٍ!

 

أن تفهم الزوجة أن زوجها غاضب إذا دخل البيت من تغير أسلوب كلامه أو تغير في وجهه، فتراعي ذلك وتخفف عنه، حتى وإن لم تعلم بعدُ سببَ تجهُّمِهِ.

 

وأن يفهم الزوج أن زوجته تشعر بالغَيرة – مثلًا - فتتلفظ ببعض الكلمات الحادة لأجل ذلك، فيستوعبها ويُهدئ من مشاعرها ويحتويها.

 

ثم انظروا إلى التواصل الجيد، والحوار المتبادل بينهما، دون تقليل أحدهما من كلام الآخر، أو الاستخفاف بمشاعره.

 

فلما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف غضبك ورضاك، تفاعلت معه وسألته: وكيف تعرف ذاك يا رسول الله؟

 

فلم تقُلْ مثلًا: لا يُهِمُّني إن كنت تعلم أو لا، أو ما النتيجة من ذلك؟ كما تفعل بعض الزوجات، فتصد زوجها بأسلوبها عن أن يتحدث معها، بل وجَّهت له سؤالًا، وانتظرت إجابته.

 

فما أحوجنا رجالًا ونساء، أزواجًا وزوجاتٍ للاقتداء برسولنا الكريم، وأمهات المؤمنين في التعامل مع المشكلات الزوجية، التي لا يخلو منها بيتٌ لتكون بيوتنا أقلَّ توترًا، وأكثرَ هدوءًا وسَكِينة، ومودةً ورحمة!

_____________________________________________________
الكاتب: سمر سمير

  • 3
  • 0
  • 167
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    هم العدو فاحذرهم • ليس على المسلمين شيء أشد ضررا من دعاة جهنم، الذين تفننوا في صد الناس بالدين عن الدين!، ودعوتهم الناس إلى الكفر من على المنابر!، أولئك الذين قال عنهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث حذيفة بن اليمان: (يَكُونُ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: (هُمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا). ومن أغرب تناقضاتهم اليوم، مناداتهم بالناس للقعود سعيا للجهاد!، إذ يحاول منظرو تيار القعود إثبات أنه "قعود في سبيل الله!"، فجعلوا الجهاد سرابا، وسدوا أبوابه وعطلوا ركابه، وبسبب فتاواهم وضلالهم قعد الكثيرون عن الجهاد، بعد أن لعبوا بالعواطف بكلام ظاهره شرعي وباطنه بدعي، هذا مع تسلط الكفار على بلاد المسلمين، وقد بغوا وهدموا مساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، في ظل تفريق عجيب من السائرين عكس سبيل الجهاد بين قضايا الأمة ومسائل الدين، فيتخيّرون ما يشاؤون وما يتماشى مع أهوائهم ومصالحهم، ويتجاهلون الطارئ وما تحتاجه الأمة. ومثلهم وأنكى منهم، المنتكسون الهاربون من ميادين الجهاد المستلمون لزمام التنظير، وهم مقتنعون في أعماقهم أنهم قد جاوزوا القنطرة وأخذوا صكا بالعصمة من الضلال مدى الحياة!، وأشد وطأة منهم أولئك الذين لم يعرفوا من الجهاد غباره ولا من البارود ريحه، وتراهم في كل مرة يناوئون المجاهدين ويخالفونهم. لقد كان ضررهم -جميعا على اختلافهم- أعظم من ضرر المحاربين أنفسهم على الجهاد والمجاهدين، بل حتى ما لبث كثير منهم أن أصبح رأسا في الحرب على الجهاد، وسببا في انتكاس الكثيرين وتقاعس القاعدين، وتمكن الطواغيت من كثير من الشباب الذي أبدى منهجه متحمسا للجهاد، فغدا مصيرهم الأسر والتنكيل. في حين يبقى المنظرون في صولة وجولة افتراضية بقول دون عمل، بينما يختفي من ينبس ببنت شفة من شباب المسلمين بكلمة الحق، فلا هم خلُّوهم وشأنهم لينفروا إلى الجهاد، ولا هم تركوهم مستورين بعيدا عن أعين الطواغيت وجواسيسهم، بل قدموهم على طبق من ذهب لعدوهم يفتنهم في دينهم. خدمة لو دفعت الطواغيت دماء عروقهم لم يحصِّلوها، ولو تبدت لهم في صقع غائر لضربوا لأجلها أكباد الإبل، لكنهم وجدوها مجانا بخيانة دنيئة تنبي أن الأمور حصلت بالتراضي بين الطرفين، ولسان حال الطواغيت لدعاة السوء غضوا عنا ودعوا عداوتنا ونغض عنكم ونمد لكم الطِوَل، فتركوهم يلعبون بالناس وسمحوا لهم الإنكار على الطواغيت الذين لا يتفقون معهم سياسيا، وللقصص والحكايا، وبمجتمع صغير حولهم تسير به أعمالهم! ولا يخرج حال أولئك الخونة عن اثنين، إما توافق كامل مع أجهزة المخابرات لبلدانهم التي يعيشون بها نصرانية كانت أو علمانية أو منتسبة للإسلام، حيث إنهم يرون في الإخبار عمن تجاوز الحدود التي وضعها الطواغيت، واجبا متحتما عليهم، يحفظون به حظائرهم التي يقتاتون منها ويطيعون فيها راعيهم، أو أنه التقاء مصالح نابع عن حقد دفين لديهم، والمبدأ عندهم أن لا تنفض الناس من حولهم وتلتحق بالمجاهدين، فتخبو سوقهم وتكسد بضاعتهم التي لم يريدوا بها وجه الله أصلا، فإذا ظهرت الاستقامة على الفتى ونأيه عن كل تلك المناهج الضالة، صرخوا بهم إنهم أناس يترفعون، لتكمل "أجهزة الترويع" عملها معهم! يضاف إليهم الجماعات المنحرفة التي حملت السلاح، وتعلقت بنفس التيار، وأملوا المساكين بالشريعة ومنوهم بالخلافة وخدروهم بالنضال والمقاومة، فاستزلوا بذلك كثيرا من الشباب، ثم وبغمضة عين سلموا أسلحتهم وصافحوا قاتلهم ورضوا بقليل من الفتات وكثير من الذل، ويخيل لهم أنهم الذين ختموا الجهاد ونجحوا بامتحاناته وتخرجوا في خنادقه، ووصلوا الغاية وبلغوا المرام، وتراهم الآن يزاولون مهنهم "المدنية" بلقب مجاهد!، ويعطلون أي عمل جهادي باسم التجربة والخبرة!. والحقيقة أن أولئك وغيرهم رأوا في القعود حكمة، وأن الجهاد ليس له مستقبل!، فوضعوا له شروطا مستحيلة من الإعداد والتنفيذ، ودخلوا عوالم أخرى من الخيالات، ببرامج هي أطول من تدرج الإخوان المرتدين، ونظريات إلى تغلغل في أنظمة الحكم وقوات الجيش، ثم انقلابات عسكرية، ومنهم من اكتفى بمخططات لإصلاحات لا تسمن بل وبعيدة المدى، ولا يخفى على أحد كم حوت هذه الطرق من انحرافات منهجية، زد عليها أنه لا أرضية واقعية عند أصحابها للبدء بتطبيقها. ▫️ المصدر: مقتطف من افتتاحية النبأ صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 468 الخميس 5 جمادى الأولى 1446 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً