(الحياة الطيبة)

منذ 14 ساعة

لا شكَّ أن الحياة الطيبةَ، الحياة الآمنة، الحياة الهادئة المستقرَّة مطلبُ كلِّ إنسان، ومَقصِدُ كلِّ عاقل، لكن كيف نتذوَّقها في أنفسنا؟ وكيف نعيشها في مجتمعاتنا؟ كيف نؤمِّنُها للأجيال القادمة؟

(الحياة الطيبة)

إننا نعيش في زمنٍ كثُرت فيه أسبابُ الهموم والغموم والأحزان، زمن كثُرت فيه الفتن والمحن، وظهرتْ فيه البغضاءُ والإحَن، وكثُرت فيه الشواغل، ونزلت فيه بالناس الغوائل، وتشعَّبت بالناس الشِّعاب، فأصبح الجميع يبحث عن الحياة الطيبة، الحياة المطمئنة، فبعضُ الناس يرى أن الحياةَ الطيبة مقترنةٌ بتقلُّد المناصبِ، ويرى آخرون أنها تكمُن في تكديس الأموال، والانغماس في أوحال الشهوات وشرب المخدرات، وآخرون يرَون أنها تكمن في بناء الفيلات، وشراء البقع الأرضية، وتشييد الدور المزخرفات.

 

عباد الله: لا شكَّ أن الحياة الطيبةَ، الحياة الآمنة، الحياة الهادئة المستقرَّة مطلبُ كلِّ إنسان، ومَقصِدُ كلِّ عاقل، لكن كيف نتذوَّقها في أنفسنا؟ وكيف نعيشها في مجتمعاتنا؟ كيف نؤمِّنُها للأجيال القادمة؟

 

الجواب يكمن في قول الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]، اشترط سبحانه الإيمانَ حتى ينفع العملُ الصالح الذي يُثمر طِيبَ العيش، وتجعله قريرَ العين، هنيءَ النفس، صالحَ البال، فيجمع الله له أمرَه، ويرزقه الرضا والحياةَ الطيبة.

 

عباد الله: لكلِّ مُسبَّب سببٌ، ومن ثَمَّ فإن التمتع بالحياة الطيبة، الحياة الهانئة، الحياة المطمئنة يحتاج منا إلى معرفة أسبابه، والأخذ بتلك الأسباب؛ وهي تنحصر فيما يأتي:

1- الإيمان الحقُّ بالله تعالى ربًّا ومعبودًا؛ فهو السببُ الأعظم للحياة الطيبة؛ قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97].

 

2- تقوى الله بأداء الفرائض واجتناب المعاصي، فإذا كنتَ في ضيقٍ وشدَّة، فاتَّق الله في أمرك وفي مآلك؛ قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: 62 - 64]، فالمؤمن التَّقِيُّ من أطيب الناس عيشًا، وأنْعَمُهم بالًا، وأشرحهم صدرًا، وأسرُّهم قلبًا، وهذه جنَّة عاجلةٌ قبل الجنَّة الآجِلة.

 

3- الصلاة فهي تشرح الصدرَ، وتُذهب ضيقه، وتُرسل في القلب نبضاتِ الطمأنينة والراحة، فلا يزال العبد كأنَّه في سجنٍ وضِيقٍ حتى يدخل فيها، فيستريح بها لا منها، بها تزول الهمومُ والغموم والأحزان؛ قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]، وكان صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَهُ أمرٌ، فزِع إلى الصلاة.

 

4- دوامُ الذكر، فالذِّكْرُ طمأنينة للقلب، أمانٌ للنفس، حفظٌ لها من الشرور، والقلبُ الممتلئ بذكر الله قلبٌ قويٌّ، لا يخاف غيرَ الله، ولا يخشى أحدًا إلا الله؛ لأنه يستشعر دائمًا معيةَ الله ونُصرتَه؛ فهو سبحانه القائل في الحديث القدسي: «أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحرَّكت بي شفتاه».

 

5- التوبة والاستغفار كلما أصاب العبد ذنبًا أو همَّ بمعصية؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201].

 

6- القناعةُ بالرزق والرضا بما قسم الله؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمِنًا في سِربِهِ، معافًى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا»، ويقول أيضًا: «قد أفلح من أسْلَمَ، ورُزق كَفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه».

 

ولذلك فإن أهمَّ أمرٍ يُسبِّب نكدَ حياة كثير من الناس في هذه الأيام عدمُ الرضا بما أُوتوا، كلٌّ منَّا ينظر إلى ما أُوتيَه مَن هو فوقَه مالًا ومنصبًا؛ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «انظروا إلى من هو أسفلَ منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم؛ فإنَّه أجدرُ ألَّا تزدروا نعمةَ الله عليكم».

 

7- اصطناع المعروف، وقضاء حوائج الناس، وإدخال السرور عليهم، والمشي في حوائجهم.

 

8- شكرُ الله على كلِّ نعمة، والصبر على كلِّ بلِيَّة؛ قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37].

 

عباد الله: من أعظم أسباب الحياة الطيبة كذلك:

9- اجتماعُ الهموم كلِّها على مرضاة الله؛ ففي الحديث: «من جعل الهمومَ همًّا واحدًا؛ همَّ المعاد، كفاه الله همَّ دنياه، ومن تشعَّبت به الهمومُ في أحوال الدنيا، لم يُبالِ الله في أيِّ أوديتِه هَلَكَ».

 

10- الاستعانة بالله واللجوء إليه، وسؤاله صلاحَ الدين وطِيبَ الدنيا، هكذا علَّمنا رسولنا بقوله في دعائه: «اللهم أصلِحْ لي ديني الذي هو عِصْمةُ أمري، وأصلح لي دنيايَ التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ».

 

عباد الله: الحياةُ قصيرة، فلا تُسْلِموها للهموم تفسدها؛ وقد قال أحدهم: "راحة الجسم في قلَّةِ الطعام، وراحةُ النفس في قلَّة الآثام، وراحة القلب في قلة الاهتمام، وراحة اللسان في قلَّة الكلام".

 

عباد الله:  {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

_________________________________________
الكاتب: د. لحسن العيماري

  • 5
  • 0
  • 89
  • كمال عبد الله

      منذ
    عادل بن عبد الله المجماج التميمي ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى فكاك أسرهم أرض القصيم، ودود ولود، نزعت عنها رداء الشرك من قرون، ونصر أهلها التوحيد، فكان منهم أجيال من الموحّدين المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ولا ينقضي جيل إلا وقد غرس في الذي يليه عقيدة صافية، ونفوسا أبية. ولم يختلف جيلنا المعاصر عن أسلافهم، فالألوف من شباب القصيم نفروا خلال العقود الماضية ليمدوا ساحات الجهاد في مشارق الأرض ومغاربها، ولم تنفع كل محاولات الطواغيت من آل سلول في القضاء على دعوة التوحيد في هذه المنطقة، رغم التعسف والسجون، ورغم تلبيس الملبسين من السرورية والجامية وأشباههم. فلا زال فيها بقية باقية من أهل الإيمان، يسيرون على خطى أسلافهم ممن نصر دعوة التوحيد عندما صدع بها الشيخ محمد بن عبد الوهّاب وإخوانه، ممّن لا يعرف إلا طريق العزة والشرف والرفعة، فجعل طريقها يبدأ من الصدع بملة إبراهيم، ويمر على سجون ومعتقلات المرتدين، إلى مناجزتهم بالسيف، ومن هذه الثلة المباركة بطلنا المجاهد أبو عبد الله التميمي (عادل بن عبد الله المجماج) تقبّله الله. ولد أبو عبد الله في مدينة عنيزة من حواضر نجد عام 1410 هـ، وشب على حب العلم وأهله، وثنى ركبتيه على عدد من علماء مدينته وحفظ القرآن على أيديهم، وكان يتردد على مجالس العلم ليتعلم دين الله عز وجل، ويرفع الجهل عن نفسه. دخل كلية الشريعة وكان الطالب المجتهد فيها، إلا أنها كانت مليئة بالمناهج الضالة، سواء من جهة كتبها المفروضة، أو من الأفكار التي يروجها المدرسون فيها، وكان -رحمه الله- كما ذكر عنه أحد أقرانه لا يسلّم لهم بما يطرحونه من أباطيل وضلالات، بل يناقشهم ويردّ على شبهاتهم، وكان منهم مدرس يشيع في محاضراته انحرافات في العقيدة، فلم تكن تمر محاضرة لهذا المدرس إلا ويناقشه أبو عبد الله ويرد على ضلاله، ولم يطل به الأمد وترك الكليّة مبكرا. كان -رحمه الله- من الصادعين بالكفر بالطاغوت، لا يجلس مجلسا إلا ويبّصر الناس بحقيقة طواغيت آل سلول، وحكم عسكرهم، وشرطهم، وعلمائهم المرتدين. ومن المعلوم من سنن الله الكونية أن الصراع بين الحق والباطل مستمر حتى قيام الساعة، ولذلك سعى طواغيت الجزيرة إلى محاربة الجهاد والمجاهدين في كل مكان، زاعمين أنهم سيوقفون أهل هذه الدعوة المباركة عن نشرها، وأنهم سيمنعون الرجال من القتال والجهاد، فملؤوا سجونهم بالشباب المجاهدين، وزجوا بالموحدين في معتقلاتهم، لا لذنب إلا أنهم صدعوا بالتوحيد، وحاربوا عباد الصليب وأذنابهم. فكان لهذا الأمر تأثير بالغ على كثير من الشباب ومنهم فارسنا تقبله الله، فكان من أبرز المناصرين للأسرى والأسيرات في سجون الطواغيت، وأسر من أجل ذلك مرتين؛ إحداها حينما خرجت مسيرة نصرة للأسرى في سوق النخيل في مدينة بريدة، حيث قام جنود الطواغيت بالاعتداء على نساء المسلمين، فانبرى لهم الأسد، وتعارك مع جنود الطاغوت حتى يمنعهم من الوصول للنساء حتى اعتقلوه ومكث في السجن أكثر من سنة، حتى أفرج عنه، ثم خرج عزيزا شامخا ينصر دين الله. وما لبث أن ذهب إلى سجن الطرفيّة مطالباً بفكاك الأسرى والأسيرات من سجون الطواغيت، ومعه أحد إخوانه فاعتقله الطواغيت مرة أخرى، ليزجوا به في معتقلاتهم لأكثر من ثلاث سنين، ثم أفرجوا عنه، بعد أن وضعوه في برنامج الطاغوت ابن نايف للمناصحة، وهو برنامج يضعون فيه الموحدين قبل الإفراج عنهم محاولين صرفهم عن التوحيد الذي دعوا إليه. حينما خرج من سجونهم وضع الطواغيت في ساقه حلقة إلكترونية لتتبعه، ومعرفة مكانه في كل وقت، وظنوا أنهم بهذه الحلقة سيجعلون بطلنا ذليلا خانعا لهم، فلم يستسلم لهم -تقبله الله- بل تمكّن من الاتصال بالمجاهدين في ولاية نجد بعد فترة قصيرة من خروجه من السجن، ولم يكن ما وضعوه له عائقا له من النفير، فقام بقصها رغم خطورة ذلك عليه، ولحق بالإخوة المجاهدين مبايعاً لخليفة المسلمين. التحق بجنود الخلافة في جزيرة العرب، وقلبه يحترق على أخواته الأسيرات في سجون الطواغيت المرتدين، وعلى إخوة لهم أعدمهم الطاغوت بسبب نصرتهم للمجاهدين، وقتالهم للصليبيين وأذنابهم المرتدين، فلا يكاد يمر عليه يوم إلا ويذكر من خلّفهم وراءه من إخوانه الأسرى والأسيرات في سجون الكفر، كيف لا وهو اعتقل مرتين نصرة لهم. انضمّ -رحمه الله- إلى إحدى السرايا، التي قامت بتنفيذ عدد من العمليات التي أرعبت الطواغيت وجنودهم، وكان له خبرة في مجال التقنية وأمن المعلومات، فلم يبخل على إخوانه بإعطائهم الدروس والتعليمات في هذا الأمر المهم لهم. وما كان لهذه النفس بعد هذا الجهد والنصب والتعب إلا أن تستريح من هذه الدنيا الفانية، فقد قام المرتدون في يوم الخميس (27 رجب 1437 هـ) بمحاصرة مكان السرية في ولاية الحجاز بين الطائف ومكة، ومطالبة الإخوة الموجودين بتسليم أنفسهم للطواغيت، وأنى لهذه الأسود أن تسلم نفسها وقد ذاقت في الجهاد طعم العز.
  • عبد السلام خالد

      منذ
    حب الشباب الصادق للجهاد في معركة أحد عندما كان رسول الله ﷺ يجهز الجيش لقتال المشركين تسامت إليه همم الشباب ليقاتلوا معه ﷺ، فأجاز بعضهم ورد آخرين؛ لأنهم لم يبلغوا الحلم! ولم يزل هؤلاء الفتية والشباب من الصحابة، الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى في شوق لقتال أعداء الله حتى وقعت معركة الأحزاب ليعاودوا الطلب بأن يكونوا مع المجاهدين في سبيل الله، فما كان من أسامة بن زيد رضي الله عنه إلا أن يشد من قامته حتى يجيزه رسول الله ﷺ لقتال المشركين فأجازهم ﷺ في تلك المعركة، وعُمُرُ بعضهم لما يتجاوز الخمسة عشر عاما! ثم لم تمض غير سنوات قليلة حتى أصبح أسامة بن زيد قائداً لجيش المسلمين نحو الروم وتحت إمرته كبار الصحابـة وهو دون العشرين عاما رضي الله عنه. افتتاحية النبأ "الشباب والجهاد في سبيل الله" 421 .............. .تلبيس علماء السوء أمر الجهاد على الناس تعطيل الجهاد باسم المصالح والمفاسد، كثيرا ما يلجأ إليه علماء السوء في التلبيس على الناس، ويركن إليه من {كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَتَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}، فيستخدم هؤلاء هذه الحجج الواهية في التغطية على عدم "قناعتهم" بالجهاد سبيلا، أو جبنهم وتثاقلهم عن حمل تكاليفه، فتراهم يحاولون "تطويع" نصوص الوحيين خدمة لما تهوى أنفسهم أو تقتضيه مصالحهم أو مصالح "ولاة أمرهم"، والتي لا علاقة لها في النهاية بمصلحة الإسلام التي يدعون تعطيل الجهاد بسببها، على أن هذا الصنف، حتى لو خرجوا مع المسلمين تحت ضغط الواقع فإنهم ينخذلون ويخذّلون، ولن يزيدوا المسلمين إلا خبالا، وسيضعون خلالهم يبغونهم الفتنة. افتتاحية النبأ "وهو خيرٌ لكم" 446

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً