أشبالنا الصغار (الحلقة الثانية)

منذ يوم

إن الأشبال الصغار هم رجال الغد وشخصيات المستقبل، ويُقصد بهذه الفئة هم من الصغر حتى البلوغ

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

إن الأشبال الصغار هم رجال الغد وشخصيات المستقبل، ويُقصد بهذه الفئة هم من الصغر حتى البلوغ، سأذكر الآن أيها الكرام خمس عشرة وقفة مع أشبالنا من الصغار؛ لتكون هذه الوقفات وهذه العناصر زادًا لنا في تربيتهم بإذن الله تبارك وتعالى.

الوقفة الأولى:

حاول قدر الإمكان وضع خُطة مرسومة شهرية وتمتد لسنة كاملة، تستعرض فيها مع أولادك القيمَ الإيجابية، ففي كل أسبوع قيمةٌ يتم الحديث عنها في جلسة الأسرة الدورية وفي وسائل التواصل لهم، ويتم تطبيقها على أرض الواقع في بيوتهم وخارجها بإشراف الوالدين الكريمين، فسيتم عرض خمسين قيمة خلال عام واحد، وهذا لا شك أنه مخزون تربويٌّ كبير.

الوقفة الثانية:

إن علاج الخطأ مع الطفل والشبل ليس هو الضرب أو الأذى، بل اجعله يفهم ثقافة التوجيه والتعليم؛ فإنك إنْ ضربتَه شفَيتَ غليلك الحاضر، لكنك قد تخسر تربيتك المستقبليَّة؛ فإن الضرب يزول ويُنسى، أما التوجيه والتعليم فهو على مرارته إلا أنه يبقى في كل وقت، ويكون التوجيه ببيان المسلك الصحيح، والتشجيع عند تصحيح الخطأ، وتقديم أمثلة لتصحيح الأخطاء، ونحو ذلك.

الوقفة الثالثة:

هل أشبالنا وهم مقبلون على مرحلة البلوغ يعرفون تلك المرحلة شرعيًّا وتربويًّا واجتماعيًّا؟ فعلى الآباء لأبنائهم وعلى الأمهات لبناتهم إنَّ عليهم حملًا كبيرًا في توعيتهم وتثقيفهم، فجلسات ثنائية فيها نسبة من الصراحة يتضح للأشبال ذكورًا وإناثًا شيءٌ من الأحكام والأحوال لتلك المرحلة، ولتكن تلك الجلسات مع الأبوين أو مع تربويين معتبرين، فبعضهم قد يصلِّي وهو جُنُب، وبعضهم قد يتساءل مع شبل مثله فيسوق له المعلومة على غير وجهها الصحيح، فلينتبه الوالدان الكريمان لذلك.

الوقفة الرابعة:

لا تقارن بين إدراكك وإدراكه، سواء في الأمور الدينية أو الدنيوية فحاول التدريج فيهما؛ ليتعلم على الوجه الصحيح، وليكن محبًّا للخير وأهله.

الوقفة الخامسة:

لا بد للوالدين والإخوة الكبار من الإشراف المباشر والمتتابع على برامج الأشبال والصغار الإلكترونية، فهذه البرامج تعطي مفاهيمَ إيجابية وسلبية، وكم تهدمت من مفاهيم بسبب تلك البرامج.

فيا أيها الوالدان الكريمان ويا أيها الإخوة الكبار الأفاضل، ليست القضية أن الأشبال يأخذون هذا البرنامج وتنتهي المهمة، بل إن المهمة الأصعب بدأت مع استلامهم تلك البرامج، فلا تمكنوهم من البرامج التقنية السيئة حتى ولو بكَوا عليها، فبكاؤهم أولى من البكاء عليهم.

الوقفة السادسة:

لا تجعل الأطفال الصغار يجيبون على المكالمات الواردة؛ فإنهم يقولون ما لا يعقلون، وقد تُسرق معلومات خفية عن البيت عن طريق الصغار، فاحذروا ذلك.

الوقفة السابعة:

علِّموهم آداب الرحلات، سواء مع أقاربهم أو مع مدارسهم أو حلقهم من حيث الكلام والتصرف، والاحترام والتقدير والالتزام، ومما ينبه له في ذلك آداب السباحة التربوية والصحية من اللباس الساتر الطويل وغير الشفاف، وعدم الاستهانة ممن لا يجيد السباحة تقليدًا للآخرين، فقد حصل ضحايا من جراء ذلك.

الوقفة الثامنة:

احرصوا على عدم مجالستهم لمن يكبرونهم بالسنِّ بفارق ملحوظ؛ فإن خريطة الفساد هذه بدايتها في دهاليز لا تُحمد عقباها، وعلِّموهم الحذر من ذلك.

الوقفة التاسعة:

لا إفراط ولا تفريط في تربيتهم، فلا دلال وتوفير كل ما يريدون، ولا جفاء وعدم إعطائه ما يناسبه كشبل وصغير؛ فإن الوسط خير الأمور.

الوقفة العاشرة:

ما موقف الوالدين من التربية الجنسية للصغير والشبل؟ فلا بد أن يعلم ويحذر أن مواقع جسمه تختلف، وليعلم عن الجو الذي يحيط به من نظرات أو كلمات جنسية وكيف يتعامل معها، وهذا يختلف فيه الصغار وتختلف فيه الأسر، فليجعل الوالدان لذلك برنامجًا وقائيًّا بينهم وبين أولادهم، وحذروهم من الوقوع في فخ الفضيحة باسم اللعب والمزاح، فإنه طريق إليها، والحرُّ تكفيه الإشارة.

الوقفة الحادية عشرة:

التحرش غالبًا يأتي عن طريق السيارة والمال والخادمات والخدم ونحو ذلك، فعلموهم كيف التعامل الأفضل، وأخبروهم أنكم تستقبلون إشكالياتهم في تلك المجالات؛ حتى لا يقع ما لا تحمد عقباه.

الوقفة الثانية عشرة:

عصرنا هو عصر يَعِجُّ بالشهوات والشبهات، فمن الضروري جدًّا وضع البرامج الوقائية المناسبة، فالبعض - هداهم الله - يتساهلون وقائيًّا، ثم إذا وقع الأمر بدؤوا علاجيًّا، ولو أنهم قدَّموا الوقاية لَسَلِموا بإذن الله تعالى.

الوقفة الثالثة عشرة:

الغرس المبكر للإيجابيات يزاحم السلبيات لاحقًا ويدفعها بإذن الله تعالى، فاحرصوا على غرسها مبكِّرين بالأسلوب المناسب؛ فمن تعب اليوم ارتاح غدًا.

الوقفة الرابعة عشرة:

عوِّدوا أشبالكم على قراءة القصص والكتيبات المفيدة؛ فهي تبنيهم تربويًّا، وتفتح مداركهم وعقولهم، وتكون سياجًا لهم بإذن الله عز وجل.

الوقفة الخامسة عشرة:

كلما سنحت فرصة لتعليم هذا الشبل فلنستثمرها، سواء على مستوى الوالدين أو الإخوة الكبار، فهذه الفرص تأتي موافقة لا قصدًا، فاستثمارها في التعليم والتوجيه غاية في الأهمية، وتبقى طويلًا في فكر الشبل لا ينساها، بل وتكون وقاية له عما يضادها.

أيها الوالدان الكريمان، هذه خمس عشرة وقفة لأشبالنا الصغار الذين هم رجال الغد، وكذلك كنتم من قبل، احرصوا على توعيتهم من خلالها وأمثالها، ولا تتساهلوا بها، واعلموا علمًا يقينًا أنكم مسؤولون عنهم يوم القيامة، فماذا أنتم قائلون؟

وأختتم هذه الحلقة مشددًا على الوقاية وفي وقتها أيضًا؛ لأنها بإذن الله تعالى تختصر علينا جهودًا كبيرة مستقبلية، وهذه الوقاية تتطلب منا مجهودات، وليس مجهودات آنية، بل يجب أن نفكر كيف تكون الوقاية واستشيروا في هذا، وسيكون لمجريات هذه الوقاية المردود الإيجابي على الأولاد، وهي في ذاتها توعية تربوية، وعتاب على من لم يخطط لأولاده وقاية وبناءً، وفي الأخير يذمهم على بعض خصالهم السيئة، ولم يعلم حبيبنا أنه هو السبب في ذلك، فلنفكر أحبابنا الكرام على مستوى جادٍّ في هذا المنحى التربوي الهام.

اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا وأولادنا وسائر أمورنا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جنوب بريدة
 

  • 0
  • 0
  • 54
  • عبد السلام خالد

      منذ
    تعلموا أمر دينكم • صفة الكفر بالطاغوت تكون بـ: ➊ - اعتقاد بطلانها. ➋ - تركها والتبرؤ منها. ➌ - بغضها وعداوتها. ➍ - تكفير أهلها. ➎ - معاداتهم في الله. والدليل قوله تعالى: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۖ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [الممتحنة: ٤] إذاً فمن لم يحقق هذه الصفة لم يكن مؤمناً بالله كافرا بالطاغوت، بل العكس، لأن الإيمان بالطاغوت والإيمان بالله ضدان لا يجتمعان في قلب إنسان أبدا، إذ لا يمكن أن يوصف الشخص بأنه مشرك وموحد في نفس الوقت، بل لا بد له من أحد الوصفين لا محالة، إذ لا ثالث لهما، لقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ } وقوله: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } فهذا الطاغوت الذي أمرنا أن نكفر به ونجتنبه، وهذه عبادته التي نهينا عنها وأمرنا بتركها وتكفير أهلها ومعاداتهم. - كتاب تعلموا أمر دينكم صادر عن ديوان الدعوة والمساجد / سلسلة (4)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً