الخُرُوجُ مِنَ المَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ

منذ 7 ساعات

عامَّةُ العُلماءِ على عَدَم جَوَازِ الخروج من المسجدِ بعد الأذان، حتى تُؤدَّى تلكَ الصَّلَاةُ التي نُودِيَ لها، إلَّا إذا كان لعُذْرِ.."

عامَّةُ العُلماءِ على عَدَم جَوَازِ الخروج من المسجدِ بعد الأذان، حتى تُؤدَّى تلكَ الصَّلَاةُ التي نُودِيَ لها، إلَّا إذا كان لعُذْرِ؛ كَطَلَب وَضُوءِ أو مرض، أو خَوفِ فَوَاتِ رُفْقَةٍ، أو كان بِقَصْدِ إسقاط واجب عليه، مع عدم تَنْوِيتِ الصَّلَاةِ جَماعةً في موضع آخَرَ، كأن يكونَ إمامًا لَمَسْجِدِ آخَرَ، ونحو ذلك.

فعن أبي الشَّعْثَاءِ، قال: كُنَّا قُعُودًا في المَسجِدِ مع أبي هريرةَ، فَأَذَّنَ المُؤَذِّنُ ، فقام رجلٌ مِنَ المسجدِ، فَأَتْبَعَهُ أبو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حتى خَرَجَ مِنَ المَسجدِ، فقال أبو هريرة: «أَمَّا هذَا، فَقَد عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ )؛ (رواه مسلم).

وعن أبي هريرةَ لله قال: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كُنْتُمْ فِي المَسْجِدِ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَلَا يَخْرُجْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ»؛  (رواه أحمد (٢)).

وَهَذَا النَّهْيُّ على الكَراهةِ على الصحيح، وقال الحنابلة والظاهرية بالتحريم، وقد جاء مِنْ حديثِ عُثمانَ بن عفان عن ابن ماجه، ومن حديث أبي هريرةَ عندَ الطَّبَرَانِيِّ - وَصْفُهُ بـ (المُنافِقِ)، وفي حديث الطَّبَراني قال: «لَا يَسْمَعُ النَّدَاءَ فِي مَسْجِدِي هَذَا، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ لَا لِحَاجَةٍ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، إِلَّا مُنَافِقٌ» (۱)، فقوله: (مَسْجِدِي هَذَا مِنْ باب التنصيص لا التخصيص.

  • 1
  • 0
  • 53
  • عبد الرحمن محمد

      منذ
    الدولة الإسلامية وعالم ما بعد «سايكس – بيكو» العشرات من الاتفاقات عُقدت بين الدول الصليبية الاستعمارية لتقاسم بلدان المسلمين خلال القرنين الماضيين، ولكن أشهرها على الإطلاق اتفاقية «سايكس - بيكو» التي أطلق فيها الصليبيون الرصاصة الأخيرة على الدولة العثمانية الحاكمة بالقوانين الوضعية الحامية للقباب الصوفية (وهو ما ظهر جليا في آخر قرونها)، ليرث الصليبيون عنها الأرض والنفوذ في العراق والشام وجزيرة العرب. وصارت هذه الاتفاقية رمزا للتجزئة المفروضة على المسلمين، التي ورثها الطواغيت عن أسيادهم الصليبيين وسعوا إلى تكريسها، ليقوم كل منهم بإدارة مصالح أسياده في جزء من الأرض، حتى إذا تراجعت كفاءته تم استبداله بطاغوت آخر يقدم مصلحة أكبر للصليبيين، وله القدرة الأكبر على حرب الإسلام والمسلمين. كان هذا التقسيم أساسا لقيام الحركات القومية العلمانية التي حاولت تغيير الخارطة لتجمع شتات أقوامها التي وزعتها الاتفاقيات على دول متعددة، فتقيم بذلك دولا قومية موحَّدة، كحركات القوميين العرب والأكراد والبلوش والبشتون والترك والبربر والمالاويين وغيرهم، كما انتصب بهذه الدعاوى كثير من الأنظمة الطاغوتية القومية الجاهلية، التي جعلت من الولاء العرقي واللغوي والقُطري أساسا لها. وبعد قرن من الزمان تفككت أغلب تلك الحركات، وتراجع الطواغيت عن طروحاتهم القومية التي خدعوا بها أتباعهم وأنصارهم لعقود، كاشفين عن حقيقة أنهم أدوات لترسيخ تلك التجزئة، ولا يمكن أن يعملوا ضدها بشكل جاد. كما خرج للتصدي لتلك الاتفاقيات المئات من الأحزاب والتنظيمات والفصائل التي تزعم الانتساب للإسلام، التي أعلنت كلها عند قيامها العمل على توحيد المسلمين وإزالة الحدود المصطنعة بين بلدانهم، ولكنها بمرور الوقت صارت أداة لترسيخ تلك الحدود، وتعزيز ذلك التفرق، حيث انقسمت بنفسها على أساس قطري ووطني وقومي ولغوي، وصار لكل قسم منها عقيدته الخاصة ومنهجه الخاص، ويعمل بشكل منعزل تماما عن بقية فروع التنظيم أو الفصيل، فضلا عن باقي الأمة. وحق لمن شاء بذلك أن يضيف على قائمة منتجات اتفاقية «سايكس - بيكو»، كلا من «قوميات سايكس - بيكو» و«أنظمة سايكس - بيكو»، و«أديان سايكس - بيكو»، والقائمة تطول... لقد حفظ الله الدولة الإسلامية من الوقوع في هذا الشرك، بثباتها على المنهج النبوي ويقينها أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين، وأن الأصل فيها أن تكون كلها موحدة تحت حكم الله تعالى، يدير شؤونها الإمام المسلم الواحد المطاع في المعروف، وأن ما خرج عن هذه الأرض التي هي دار الإسلام، يكون دار كفر وحرب، ينبغي على المسلمين هجرها إلى دار الإسلام، ويجب عليهم قتال أهلها من الكفار، وتباح لهم دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، ولم تنحرف -بفضل الله- تحت ضغط الواقع الذي فرضه الصليبيون وعملاؤهم الطواغيت، لتحجر نفسها في بقعة ضيقة من الأرض. فكان من تيسير الله لها أن تجاوزت حدود «سايكس - بيكو» بجهادها، بإرسالها المجاهدين إلى الشام لقتال النصيرية، ومدهم بما توفر من سلاح ومال، ثم رفض محاولات الضالين ترسيخ تلك الحدود بفصلهم فرعها في الشام عنها، فأعلن أميرها أنها دولة واحدة في العراق والشام، ومع انشغالها بقتال النصيريين فلم تترك قتال الروافض في العراق بل زادت من وطأتها عليهم حتى أذن الله بالفتح، وكسر مجاهدوها الحدود على الأرض بعد أن كسروها في النفوس، وكان التمكين بفضل الله. ثم كان الإعلان الحاسم بإنهاء كل أشكال التفرق والانقسامات بين المسلمين، سواء منها التي أوجدتها الحدود المصطنعة، أم التي خلقها الطواغيت، أم التي ابتدعتها الفصائل والتنظيمات، وذلك بإعادة الخلافة، ومبايعة خليفة للمسلمين هو الشيخ أبو بكر البغدادي، حفظه الله، وجاءت البيعات من مشارق الأرض ومغاربها، مؤكدة وحدة المسلمين في كل مكان تحت ظل دولة الخلافة، وإنهاء حالة التفرق التي أوجدها الصليبيون، ورسخها الطواغيت، وقامت على أساسها الفصائل والتنظيمات الضالة. وكما وحدت الدولة الإسلامية -بفضل الله- فسطاط الإيمان باحتوائها المسلمين تحت راية واحدة، فقد وحدت فسطاط الكفر الذي نهضت دوله المتفرقة لتجتمع اليوم على قتالها، والسعي لإعادة الحال لما كان عليه قبل عودة الخلافة، والأيام القادمة ستشهد -بإذن الله- المزيد من الأحداث التي تكون نتيجتها إزالة حدود «سايكس - بيكو» وأخواتها، وإعادة تقسيم العالم على أساس الكفر والإيمان لا على أساس العرق والوطن والقبيلة، وعند ذلك يختار كلٌّ لنفسه ما شاء، فسطاط الإيمان الذي لا نفاق فيه، أم فسطاط الكفر الذي لا إيمان فيه.   ◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32 الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ مقال: الدولة الإسلامية وعالم ما بعد «سايكس – بيكو»

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً