واجب الشباب المسلم المثقف اليوم (وصية من الشيخ الألباني رحمه الله)

منذ 18 ساعة

نصائح قيمة من عالم جليل هو محدث العصر العلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله- هذه النصائح في أحد كتبه الذي يحمل عنوان: (الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام) فإلى المادة المختارة:

 

هذه نصائح قيمة من عالم جليل هو محدث العصر العلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله- هذه النصائح في أحد كتبه الذي يحمل عنوان: (الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام) فإلى المادة المختارة:

"وختاما أيها الأخوة: لست أريد من كلمتي هذه أن أحملكم على أن تكونوا جميعا أئمة مجتهدين وفقهاء محققين - وإن كان ذلك يسرني كما يسركم إذ أن ذلك غير ممكن عادة لضرورة اختلاف الاختصاصات وتعاون المتخصصين بعضهم مع بعض وإنما أردت منها أمرين اثنين:

الأول: أن تنتبهوا لأمر خفي على كثير من الشباب المؤمن المثقف اليوم فضلا عن غيرهم وهو أنهم في الوقت الذي علموا فيه بفضل جهود وكتابات بعض الكتاب الإسلاميين مثل السيد قطب رحمه الله تعالى والعلامة المودودي حفظه الله وغيرهما أن حق التشريع إنما هو لله تعالى وحده لا يشاركه فيه أحد من البشر أو الهيئات وهو ما عبروا عنه بـ "الحاكمية لله تعالى" وذلك صريح تلك النصوص المتقدمة في أول هذه الكلمة من الكتاب والسنة. أقول: في الوقت هذا نفسه فإن كثيرا من هؤلاء الشباب لم يتنبه بعد أن المشاركة المنافية لمبدأ الحاكمية لله تعالى لا فرق فيها بين كون البشر المتبع من دون الله مسلم أخطأ في حكم من أحكام الله أو كافر نصب نفسه مشرعا مع الله وبين كونه عالما أو جاهلا كل ذلك ينافي المبدأ المذكور الذي آمن به الشباب والحمد لله تعالى؛ فهذا الذي أردت لكم أن تتنبهوا له وأذكركم به { {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}} [الذريات:٥٥] . فقد سمعت كثيرا منهم يخطب بكل حماسة وغيرة إسلامية محمودة ليقرر أن الحاكمية لله وحده ويضرب بذلك النظم الحاكمة الكافرة وهذا شيء جميل وإن كنا الآن لا نستطيع تغييره بينما هناك في نفوس الكثيرين منا ما ينافي المبدأ المذكور ومن الميسور تغييره لا نُنبه المسلمين عليه ولا نذكرهم به ألا وهو التدين بالتقليد ورد نصوص الكتاب والسنة به، فهذا الخطيب المتحمس نفسه لو نبهته إلى مخالفة منه وقعت لآية أو حديث ركن فورا إلى الاحتجاج بالمذهب دون أن ينتبه - مع الأسف الشديد - أنه بعمله هذا ينقض ذلك المبدأ العظيم الذي دعا الناس إليه والله عز وجل يقول: {{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}} [النور:٥١] فكان عليه أن يبادر إلى التسليم بما سمع من الذكر والدليل؛ لأنه هو العلم، ولا يلجأ إلى التقليد لأنه هو الجهل.

والأمر الآخر: أن تحققوا في نفوسكم مرتبة واجبة ممكنة ميسرة لكل مسلم ولو بقدر هي دون مرتبة الاجتهاد والتحقيق التي لا ينهض بها إلا خواص الرجال وهي مرتبة اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإفراده بذلك كل منكم حسب طاقته فكما أنكم توحدون الله تعالى في عبادتكم فكذلك تفردون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اتباعكم فمعبودكم واحد ومتبوعكم واحد وبذلك تحققون عملا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

فوطنوا أيها الأخوة الكرام أنفسكم على أن تؤمنوا بكل حديث ثبت لديكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء كان في العقيدة أو الأحكام وسواء قال به إمامك الذي نشأت على مذهبه بحكم بيئتك أو غيره من أئمة المسلمين ولا تتبنوا قاعدة من تلك القواعد التي وضعت بآراء بعض الرجال واجتهاداتهم وهم غير مجتهدين فيصدكم ذلك عن الاتباع. ولا تقلدوا بشرا مهما علا أو سما تؤثرون قوله على قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن بلغتموه.

واعلموا أنكم بذلك فقط لا بغيره تحققون علمًا وعملًا المبدأ القائل: "لا إله إلا الله منهج الحياة" و "الحاكمية لله وحده تبارك وتعالى" وبدون ذلك يستحيل أن نوجد "الجيل القرآني الفريد" الذي - هو وحده - يستطيع أن ينشئ "المجتمع المسلم وخصائصه" وبالتالي الدولة المسلمة المنشودة مصداقا للحكمة الصادقة التي قالها أحد الدعاة الإسلاميين الكبار رحمه الله تعالى: "أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم" وعسى أن يكون ذلك قريبا.

{{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}} . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"

انتهت كلمة الشيخ -رحمه الله- وختامًا: إن الإسلام دين الله الخالد، ومنهجه الحق الذي لا يميل، فاجعلوا قلوبكم موطّنة على التوحيد الخالص، وألسنتكم شاهدة بالاتباع الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تلتفتوا إلى التقليد المذموم الذي يصدكم عن فهم النصوص والعمل بها، بل كونوا عبادًا لله وحده، متبعين لرسوله صلى الله عليه وسلم، فتقيموا بذلك دولة الإسلام في قلوبكم، وتكونوا من البناة الأوائل للجيل القرآني الفريد، الذي يحمل على عاتقه وعد الله: {{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ}} .

  • 0
  • 0
  • 57

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً