أصحاب الكهف لطائف وفوائد

منذ 2025-02-15

الإعراض عن أهل الباطل ومفارقة أهل الفجور مَطلب شرعيٌّ، وهو امتثال لأمر الله تعالى عندما لا يقبلون النصح، ولا ينفع معهم وعظ وتذكير

إن أحسن القصص هي قصص القرآن العظيم؛ لِما فيها من المواعظ والعِبر والدروس التي تنفع من تدبَّرها وتأملها؛ عقيدةً وعبادةً وسلوكًا.

 

والله عز وجل ما ذكر القصص في القرآن الكريم تسليةً وإضاعةً للأوقات، وإنما ذكرها لأخذ العِبر منها والمواعظ؛ قال سبحانه عن قصص كتابه العزيز: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111]، وقال جل شأنه: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176].

 

ومن قصص القرآن الكريم قصةُ أصحاب الكهف الذين ذُكِروا في سورة الكهف، التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وهي السورة التي رغَّب النبي عليه الصلاة والسلام في قراءتها خاصةً يوم الجمعة، وحِفظ بعض آياتها؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حفِظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عُصِم من الدجال»؛ (رواه مسلم)، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له النور ما بين الجُمعتين»؛ (رواه الحاكم، والبيهقي، وصححه الألباني).

 

وقد تضمنت قصة أصحاب الكهف أنهم فتية آمنوا بربهم عز وجل، ووحَّدوه على دين عيسى عليه السلام وقِيل: قبله، وقد كان قومهم مشركين، فبلغ ذلك ملِكهم واستدعاهم، وهدَّدهم بالقتل إن لم يعبدوا الأصنام، فاعتزلوهم إلى كهف؛ فرارًا بدينهم، فضرب الله تعالى عليهم النوم في هذا الكهف، فناموا ثلاثمائة وتسع سنوات، ثم بعثهم الله سبحانه من نومهم بعد أن حفِظ لهم دينهم، ووقاهم الفتنة وعصمهم منها، وهلك ملِكهم وقومهم الذين كانوا على الشرك، ونالهم شيء كبير من العز والشرف، بعد أن تبدلت أحوال الناس، وآمن أهل بلدهم؛ جزاءَ صبرهم وثباتهم وإيمانهم.

 

ونقف - أيها الفضلاء - مع بعض العِبر والدروس من هذه القصة العظيمة في السورة المباركة:

أولًا: إن قصتهم مع كونها من العجائب والغرائب، فإنها ليست بأعجب آيات الله تعالى، فالأعجب منها كثير من خلق الله تعالى؛ ومن ذلك خلق الأرض وما بُث فيها من أنواع الزينة ومن كل شيء، ثم يفنى ذلك كله بقدرته جل وعلا عند قيام الساعة، ثم يُبعث الخلائق ليُجازَوا على أعمالهم، فآيات الله تعالى أكثر وأعظم مما حصل للفتية.

 

فليتفكر المسلم في خلق السماوات والأرض؛ كما قال الله سبحانه: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [غافر: 57]، وليتذكر أن هذا الخُلق العظيم وتعدده واختلافه إنما هو لأجل تحقيق العبادة لله تعالى وحده، وليتذكر الموت وليستعدَّ له بأحسن العمل؛ كما قال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: 7، 8]، وفي قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} [الكهف: 9]، بيانٌ بأنه وإن كانت قصتهم عجيبة فإن ما تقدم ذكره من الخلق أعجب وأعظم، والكهف: هو غار في الوادي، والرقيم: اسم للوادي، وقيل: الرقيم: الكتاب الذي رُقمت فيه أسماؤهم وقصتهم.

 

ثانيًا: لما علِم الفتية الحقَّ في توحيد الله تعالى ونبذ الشرك، جهروا به؛ كما قال تعالى عنهم: {إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا * هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الكهف: 14، 15]، وأكثر المفسرين قالوا: إنهم قالوا هذا الكلام العظيم أمام ملِك زمانهم، حين عاتبهم على تركهم عبادة آلهته، وهدَّدهم بالقتل.

 

فما طالبوا بحُكم ولا نافسوا على مُلك، ولكن دعَوا إلى إفراد الله تعالى بالعبادة، ونبذ الشرك الذي كان عليه ملكهم وقومهم، فعلى كل من عرف الحق وعلِمه أن يدعو إليه على بصيرة وحكمة، وأن يسلك في دعوته مسلك الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم؛ من العناية بالتوحيد والدعوة إليه، والتحذير مما يضاده، وأن يكون المسلم داعيًا إلى الخير الذي يعلمه في كل مكان وزمان بالموعظة الحسنة، فالدعوة إلى الله تعالى مهمة الأنبياء عليهم السلام ومن جاء بعدهم، ممن وفَّقهم الله تعالى لسلوك سبيلهم، وهو طريق الخير والفلَاح، فيبدأ المرء بدعوة الأقربين ثم الأقرب فالأقرب.

 

ففي فضل الدعوة إلى الله تعالى أجور عظيمة؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدًى كان له من الأجر مثل أجر من تبِعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا»؛ (رواه مسلم)، وقوله عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: «فوالله لِأَنْ يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حُمْرُ النَّعَم»؛ (رواه البخاري).

 

ثالثًا: لما خشيَ الفتية من أذى ملكهم وقومهم حين هددهم بالقتل إن لم يعبدوا الأصنام، وأن يرتدوا عن دينهم، رأوا أن يفروا بدينهم وبأنفسهم في مكان يعبدون ربهم فيه آمنين مطمئنين؛ وفي قولهم: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ} [الكهف: 20]، التحرز والبعد عن مواطن الفتن، فالعزلة مطلوبة حين لا يكون في مخالطة الناس ودعوتهم جدوى ولا أثر، أو كان المرء يخاف على دينه ونفسه من أهل الباطل؛ أن يتعرض لبلاء لا طاقة له به، بأن يفتنوه عن دينه ببطشهم، أو أن يرتد على عقبَيه، أو يضعُفَ إيمانه لمخالطتهم؛ فيشاركهم في معصية الله تعالى.

 

فالإعراض عن أهل الباطل ومفارقة أهل الفجور مَطلب شرعيٌّ، وهو امتثال لأمر الله تعالى عندما لا يقبلون النصح، ولا ينفع معهم وعظ وتذكير؛ كما قال سبحانه: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140]؛ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "في العُزلة راحة من أخلاط السوء".

 

رابعًا: لا فلاح وتوفيق إلا من الله تعالى، وأعظم أسباب الفوز بذلك اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، وحُسن التوكل عليه، مع حُسن الظن به سبحانه عند كل نائبة وشدة، فهذه صفة المؤمنين، فهؤلاء الفتية حين اشتدَّ عليهم الأمر، وهددهم الملِك بالقتل إن لم يعبدوا الأصنام، لجؤوا إلى الله تعالى بالدعاء؛ بقولهم: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10]، فاستجاب الله تعالى لهم، وحقَّق لهم ما رجَوا، وهداهم للكهف وجعل عاقبة أمرهم خيرًا، فما أجمل الفزع والركون إلى الله تعالى عند كل أمر!

 

خامسًا: أن من صدق مع الله تعالى صدَقه وأحاطه بلُطفه، وهيأ له من الأسباب ما لا يخطُر له على بال؛ فقد ألقى الله سبحانه على الفتية النوم عشرات السنين، وأكرمهم بأن صرف عنهم ضياء الشمس، فلا يؤذيهم مع كونهم في مقابلها، فحُفِظوا من الشمس إذا طلعت تميل عنهم يمينًا، وعند غروبها تميل عنهم شمالًا، فلا ينالهم حرُّها فتتضرر أبدانهم، فما حصل لهم أمر خارق للعادة بلطف الله تعالى وكرمه.

 

فكان سبحانه يُقلِّبهم ذات اليمين وذات الشمال، حتى يحسبهم الناظر أيقاظًا وحتى لا تأكلهم الأرض، وأُلقيَ على من يطَّلع عليهم الرعبُ وفيهم المهابة، فلا يدخل إليهم أحد أو يمسُّهم بسوء، فحفِظهم الله أيقاظًا، وحفظهم نائمين، وحفظهم في قلوبهم وفي أبدانهم، وفي أموالهم وفي دينهم، فمن حفظ الله حفظه عز وجل.

 

سادسًا: فضل الصحبة الصالحة وأثرها الطيب في الدنيا والآخرة، فإن الكلب - أعزكم الله - لما صحِب الفتية الصالحين، ناله من بركاتهم، فأُلقِيَ عليه النوم معهم، وبقيَ ذكره معهم يُتلى إلى قيام الساعة؛ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:  «إن لله تبارك وتعالى ملائكةً سيَّارةً، فُضُلًا يتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذِكرٌ، قعدوا معهم، وحفَّ بعضهم بعضًا بأجنحتهم، حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرَجوا وصعِدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجل، وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عبادٍ لك في الأرض، يسبِّحونك ويكبِّرونك، ويُهلِّلونك ويحمدونك، ويسألونك، قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأَوا جنتي؟ قالوا: لا، أي رب، قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: وممَّ يستجيرونني؟ قالوا: من نارك يا رب، قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا، وأجَرتهم مما استجاروا، قال: فيقولون: ربِّ فيهم فلان عبدٌ خطَّاء، إنما مرَّ فجلس معهم، قال: فيقول: وله غفرتُ؛ هُمُ القوم لا يشقى بهم جليسهم»؛ (رواه مسلم).

 

فعلى المسلم - ولا سيما الشاب في مقتبل عمره - أن يُحسن اختيار الصحبة، وليحرص على أصحاب العقيدة السليمة المجافين للبدع وأهلها، المحافظين على خِصال الخير في العبادة والتعامل، وليحذر من صحبة الأشرار من أصحاب العقائد الفاسدة، أو التفريط في العبادة، أو الأخلاق السيئة، فإن صحبتهم داء عُضال يضر في الحال والمآل؛ وفي الحديث: «المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يُخالل»؛ (رواه الترمذي وأبو داود).

 

فإن سابع ما يُستفاد من قصة أصحاب الكهف: الحرص على أكل الطيب المباح في كل حين، وفي أي ظرف أو زمان؛ فإنهم أرسلوا أحدهم بعد قيامهم من نومهم، وأمروه أن يعتني بإحضار أزكى الطعام، ويدخل في زكاته إباحته وحِلُّه دخولًا أوَّليًّا، فلا يأكل المسلم إلا طيبًا، وليحذر من المكاسب المحرمة؛ فالجسد إذا نبت من غذاء محرَّم، كان إلى النار، نسأل الله السلامة؛ قال عليه الصلاة والسلام: «إنه لا يربو لحمٌ نَبَتَ من سُحت، إلا كانت النار أولى به»؛ (رواه الترمذي).

 

ونحن - أيها المباركون - في زمن كثرت فيه المعاملات التجارية المحرَّمة والمشتبهة، وأصبح كثير من الناس لا يُهِمه إلا تحقيق الأرباح وتحصيل المكاسب، دون أن يبالي أو يهتم أمِن حلال ربِح أم من حرام؟ وقد وقع بعض الناس في الربا، وهو محاربة لله تعالى ولرسوله، ومن أكبر الكبائر، وعقوبته شديدة في الدنيا والآخرة، أو غشَّ في تجارته، أو تساهل في القيام بما أُسند إليه من عمل يأخذ عليه مرتبًا، وغير ذلك من صور التهاون في أكل الحرام.

 

ثامنًا: ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن عدد الفتية سبعة والكلب ثامنهم؛ وهو الصحيح؛ ففي قوله تعالى بعد أن ذكر الخلاف في عددهم: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} [الكهف: 22]، التوجيه بردِّ علم كل أمر خفِيَ ودقَّ إلى الله تعالى في أي باب، وعدم الخوض فيما لم يرِد عليه دليل من الوحي؛ فإن ذلك طريق للضلال والهلاك.

 

تاسعًا: في قصة أصحاب الكهف دليل ظاهر على البعث والنشور يوم القيامة، فالذي أيقظ الفتية بعد ثلاثمائة وتسع سنين، قادر على إعادة الأجساد بعد موتها؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} [الكهف: 21]؛ ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله أنه لما أنكر الباعةُ النقودَ التي دفعها أحد الفتية، الذي خرج لإحضار الطعام، وتداولوها بينهم، ظنوا أنهم وقعوا على كنز، فسألوه عن أمره، ومن أين أتى بهذه النقود، فقال: أنا من أهل هذه المدينة، وعهدي بها عشيةَ أمس، وفيها الملِك وذكر اسمه، فنسبوه للجنون وحملوه إلى ملكهم، فسأله عن خبره، وطلب منه الذهاب معه إلى الكهف، فقيل: إنه طلب من الملك أن يتركه يدخل ليخبر أصحابه، فدخل ولا يدرون كيف ذهب فيه، وأخفى الله تعالى عليهم خبره، وقيل: بل دخلوا عليهم، وسلَّم عليهم الملك واعتنقهم وكان مسلمًا، ثم ودَّعوه وسلموا عليه، ولما عادوا لمضاجعهم، توفَّاهم الله.

 

عاشرًا: نوَّه الله تعالى بشأن أولئك الفتية في آخر أمرهم، حين أعثر عليهم، ورفع ذكرهم، وأجَلَّ قدرهم، حتى إن الناس اختصموا فيهم، فبعد خوفهم من ملكهم وقومهم وانعزالهم في الكهف فرارًا بدينهم، نالوا شرف الذكر في الكتاب العزيز بما أفاض عليهم ربهم جل وعلا من النعمة، وجعلهم آية من آيات قدرته سبحانه، فعاقبة الصبر حميدة في الدارين؛ كما قال ربنا عز وجل: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49]، وقوله جل وعلا: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].

 

وهنا يجدر التنبيه إلى أن بناء المساجد على قبور الأنبياء أو الصالحين منكر عظيم، ومن فعلَه فهو ملعون، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم عند موته من ذلك تحذيرًا بالغًا؛ فقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ»؛ (رواه البخاري)، فبناء المساجد على القبور يُصيرها أوثانًا تُعبد من دون الله تعالى، بدعائها والذبح عندها والنذر لها.

 

والله عز وجل لم يذكر مسألة بناء المسجد على أولئك الفتية ترغيبًا فيه، ولا حثًّا عليه، ولكنه حكاية حال.

 

الحادي عشر: في قصة أصحاب الكهف دليل على أن أهم أمر يملكه الإنسان، ويحرص على الحفاظ عليه وصيانته، دينُه وخشيته لله تعالى، وعبادته لربه عز وجل، فمن فرَّ من كل ما يخدش دينه أو ينقصه، ويُلحق به أي ضرر، كان الحفظ من الله تعالى له عطاءً وجزاءً، ومن حرص على العافية والسلامة، نالها بكرم الله سبحانه وتوفيقه، فمن أوى إلى الله آواه، ومن تحمَّل الذل والمشقة في سبيله وابتغاء مرضاته، كان عاقبة أمره الخير العظيم، وما عند الله خير للأبرار.

 

عباد الله: إنكم بعد حياتكم هذه تموتون، ثم بعد موتكم تُبعثون، ثم إلى عرَصات القيامة تُحشرون، ثم إنكم بأعمالكم مجزيون، ثم ينقسم الخلق إلى فريقين: فريق في الجنة، وفريق في السعير، فاسعوا لفِكاك أنفسكم من السعير.

_____________________________________
الكاتب: عبدالعزيز أبو يوسف

  • 1
  • 0
  • 161

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً