الإيثار من صفات المفلحين

منذ 2025-02-18

قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} يعني: حاجة، أي: يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدؤون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك".

الإيثار من صفات المفلحين

قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].

 

تفسير الآية:

قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} يعني: حاجة، أي: يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدؤون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك، {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي: من سلم من الشح فقد أفلح، وأنجح[1].

 

في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ، فَقَالَ: «مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللهُ؟»، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا، إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، قَالَ: فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئِ السِّرَاجَ، وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ، فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ، قَالَ: فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «قَدْ عَجِبَ اللهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ»[2].

 

معاني المفردات:

إِنِّي مَجْهُودٌ: أي أصابني التعب، والجوع.

مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللهُ: أي أسأل الله له الرحمة.

إِلَى رَحْلِهِ: أي منزله.

قُوتُ صِبْيَانِي: أي طعام أطفالي.

فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ: أي اشغليهم عن طلب الطعام حتى يناموا.

فَأَطْفِئِ السِّرَاجَ: أي المصباح؛ ليقع الظلام فلا يطلع على امتناعنا من أكل الطعام.

فَقَعَدُوا: أي جميعا.

الضَّيْفُ: المراد به من أتى زائرا من بلدة أخرى، أما الزائر المقيم فيسمى زائرا وليس ضيفا.

عَجِبَ اللهُ: أي عجبا حقيقيا يليق به عز وجل، لا يشبه عَجَب المخلوقين.

 

ما يستفاد من الآية، والحديث:

1- استحباب الإيثار على النفس ولو كان محتاجا، وكذلك على العيال إذا لم يضرهم.

 

2- وجوب إكرام الضيف.

 


[1] انظر: تفسير ابن كثير (8 /70-71).

[2] متفق عليه: رواه البخاري (3798)، ومسلم (2054)، واللفظ له.

_________________________________________________
الكاتب: د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

  • 1
  • 0
  • 87

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً