الحرص على كثرة قراءة القرآن
"فرصتُك أيها المذنب المفرِّط الظالم لنفسه - وكلنا ذاك المقصر - فرصتك اسكُب عَبراتك، ورتِّب أوراقك، فأنت لا زلتَ في العشر الأُوَل من شهر الغفران!".
.jpeg)
(كان خُلقه صلى الله عليه وسلم القرآن)[1]؛ عائشة رضي الله عنه.
مَن لم يؤثر القرآن في أخلاقه وهو حافظٌ له، فليراجع نفسَه وتدبُّرَه.
في البرنامج اليومي لشهر رمضان (5) في الحرص على كثرة قراءة القرآن.
الحمد لله القائل: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر: 29]، والصلاة والسلام على نبي الله القائل: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القرآن وَعَلَّمَهُ»[2]، أما بعد:
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمَاهِرُ بِالقرآن مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ القرآن وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ»[3].
وعَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القرآن مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القرآن مَثَلُ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ»[4].
وعن أَبُي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اقْرَؤُوا القرآن فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ»[5].
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ»[6]، وعن عَبْدِ اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ»[7].
هذا أيها الإخوة في كل وقت، فكيف في شهر رمضان؟
بعض السلف رحمهم الله في رمضان يترك التحديث ويَعمُر وقته بالقرآن! ونحن للأسف نَعجِز عن ترك القنوات ووسائل التواصل.
بعض الصالحين رحمهم الله يختم كلَّ ثلاث في رمضان، وبعضهم كل يومين، بل نُقل عن الشافعي رحمه الله ستون ختمة في رمضان واحدة في الليل، وواحدة في النهار، وقيل: كان الإمام ابن عساكر يحاول اللحاق بالشافعي رحمهما الله، فاعتكَف بالمنارة البيضاء، فلم يستطع أن يختم إلا تسعًا وخمسين ختمة!
القرآن يَسيرٌ على مَن يسَّره الله عليه، من المعاصرين من أصحاب الهمم العالية مَن يختم حدرًا في حوالي ست ساعات في الأوقات الفاضلة، وورود النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث (ليال)، المقصودُ به المداومة على ذلك، فأما في الأوقات والأزمان الفاضلة، فيُستحب الإكثار، وهذا قول أحمد وإسحاق..
أيها المبارك، "فرصتُك أيها المذنب المفرِّط الظالم لنفسه - وكلنا ذاك المقصر - فرصتك اسكُب عَبراتك، ورتِّب أوراقك، فأنت لا زلتَ في العشر الأُوَل من شهر الغفران!".
اللهم اجعَلنا من أهل القرآن الذين هم أهلكُ وخاصَّتُك، اللهم صلِّ على محمد.
[1] أخرجه مسلم (746)، بلفظ: «فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ».
[2] أخرجه البخاري (5027)، من حديث عثمان بن عفان.
[3] أخرجه مسلم (798).
[4] أخرجه البخاري (5427)، ومسلم ((797).
[5] أخرجه مسلم (804).
[6] أخرجه مسلم (803).
[7] صحيح؛ أخرجه الترمذي (2910)، وصحَّحه الألباني في الصحيحة (2137).
- التصنيف: