مفهوم النصر يا بنى

منذ 9 ساعات

واعلم يا صغيري أن النصر الحقيقي والفوز العظيم هو الفوز في الآخرة ودخول الجنة، جعلني الله وإياكم من أهلها.”

 

تلك المشاهد تمر في ذهنه كشريط ذكريات مؤلم. وها نحن نعيشها مجددا للاسف  الشديد والله المستعان 

 لم يستطع الطفل كتمان  مشاعر الألم  والحزن ، فجاء متسائلًا:

“أمي… لماذا  يحدث هذا ؟ وكيف أراكم تتحدثون عن نصر وفتح ”

 

ابتسمت الأم متفهمة مشاعر طفلها، وقالت:

“بالطبع افهمك يا صغيري، ولكن أتَعلم ما المشكلة؟”

 

هز الطفل رأسه نافيًا.

 

أكملت الأم:

“المشكلة يا صغيري في إدراك معنى النصر لدينا . فهل تعرف معناه؟”

 

قال الطفل:

“بالتأكيد، أن أهزم عدوي وأقضي عليه.”

 

ضحكت الأم قائلة:

“أحسنت، هذا ما نعلمه جميعًا، ولكن للنصر جوانب أكبر وأشمل يا صغيري. فما تراه الآن هو  إنجاز كبير في طريق تحرير الأقصى.”

 

قال الصغير:

“وكيف ذلك؟”

 

ردت الأم:

“تعالَ معي إذن نعدّ الإنجازات!”

 

أولًا: تمييز الخبيث من الطيب

 

قال الله تعالى:

{﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾} .

 

الأحداث التي نعيشها أسقطت الأقنعة عن الناس، وأظهرت لنا من هو الخائن المنافق المنحاز للعدو، ومن هو المؤمن الصادق الذي يقول الحق ويؤمن به وينصره.

من هو المتخاذل ومن هو المقدام الشجاع.

فيجازي الله كلًّا بعمله بعدله وحكمته، مثل الامتحان الذي يميّز الطالب المجتهد من الطالب البليد.

 

فلولا الأحداث ما كنا لنعرف الناس على حقيقتهم ولا علمنا عدونا من صديقنا 

ولا علمنا من هم أهل الضلال  فنبتعد عنهم ومن هم أهل الحق لنتبعهم 

 

ثانيًا: اتخاذ الشهداء

 

وما أدراك ما الشهيد وجزاء الشهيد!

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“ «للشهيد عند الله سبع خصال: يُغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُحلّى حُلة الإيمان، ويُزوّج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانًا من أهل بيته» .” (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني).

 

انظر كيف أن الله أراد للشهداء هذا الفضل العظيم، فساق لهم الأحداث ليجزيهم بهذا الجزاء ويرفع درجتهم.

 

ثالثًا: ويعلم الصابرين

 

في الأصل يا بني، كل الناس سواء وقت الرخاء، فلا تظهر صفاتهم، ولكن الله يسوق الأحداث إليهم ليظهر الصابر الراضي بمقادير الله، الحامد له، وبين الجاحد الساخط على قدر الله.

 

وجزاء الصابرين لا يخفى على أحد. يكفي حب الله لهم، كما قال تعالى:

{﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾} .

وأعدّ لهم جزاءً عظيمًا في الآخرة، كما قال تعالى:

{﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾} .

 

رابعًا: دخول غير المسلمين الإسلام

 

هل تذكر الشيخ “أبو ضياء” صاحب عبارة “روح الروح”؟

 

قال الطفل:

“نعم.”

 

قالت الأم:

“هل تعلم أن هناك شخصًا دخل في الإسلام بسببه؟”

 

قال:

“نعم أعلم.”

 

قالت الأم:

“أليس هذا مكسبًا لنا نحن المسلمين؟ فبزيادة عددنا، تزداد قوتنا، وينتشر الإسلام، وينتشر معه العدل والأمان.

 

أحيانًا تكون الأحداث بما فيها من آلام وعِبر سببًا في انتشار الإسلام وهداية الضال وعودة الغافل.”

 

خامسًا: كسر شوكة العدو وإضعافهم

 

أتَعلم كم خسر اليهود في هذه الحرب؟ لا أبالغ إن قلت مليارات! فقد تعرض اقتصادهم لخسائر فادحة، هذا غير الجنود والمعدات الحربية التى خسروها 

 

أليس هذا مكسبًا لنا أن نضعف قوى عدونا لنستطيع -بمشيئة الله- هزيمتهم؟ ودرساً قاسيا لهم ! 

 

سادسًا: الحفاظ على الأرض من الفساد

 

الكفار يا صغيري لا يكف شرهم و لا إفسادهم في الأرض 

و حتى لا ينتشر الشر والكفر والفساد ، يدفع الله تعالى بالمؤمنين المجاهدين ليحاربوا الكفر و يدفعوا هذا الفساد والشر 

 

قال الله تعالى:

{﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا﴾} .

 

سابعًا: تحرير الأسرى المسلمين

 

لولا أن قدّر الله هذه الأحداث، لظل هؤلاء الأسرى المظلومون في سجون الاحتلال، يتجرعون أنواع العذاب والمذلة والهوان. وها نحن نشهد تحرير بعض أسرانا وعودتهم لنا 

 

“فهل رأيت يا صغيري كيف يُهيّئ الله الأسباب لتحدث منافع، وتُدفع مضار، وتُحقق انتصارات؟ وكيف أن للنصر عدة وجوه مختلفة تستحق أن نسعد بها ونحمد الله عليها ، وأنه ليس منحصرًا فقط في الغلبة على العدو؟

 

واعلم يا صغيري أن النصر الحقيقي والفوز العظيم هو الفوز في الآخرة ودخول الجنة، جعلني الله وإياكم من أهلها.”

 

انتهى كلام الأم ولم ينتهِ تفكير الطفل… 

 

كتبه: داليا رفيق بركات

  • 5
  • 0
  • 71

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً