آداب ومستحبات يوم العيد

منذ يوم

"الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة - الأكل قبل الخروج - التكبير يوم العيد - التهنئة - التجمل ولُبس أحسن الثياب - الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من طريق آخر - الفرح والسرور والتوسعة على الأهل والأولاد - صلة الأرحام"

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فاعلموا أن أعيادنا -أمة الإسلام- هي من شعائرنا الظاهرة؛ فعَن أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَدِمَ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، وَلَهُم يَومَانِ يَلعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: «مَا هَذَانِ اليَومَانِ؟»، قَالُوا: كُنَّا نَلعَبُ فِيهِمَا في الجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قَدَ أَبدَلَكُم بِهِمَا خَيرًا مِنهُمَا: يَومَ الأَضحَى، وَيَومَ الفِطرِ»؛ (رواه أبو داود والنسائي).

 

واعلموا أن للأعياد في الإسلام آدابًا كثيرة أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم، وحثَّنا على التحلي بها، ومن هذه الآداب والمستحبات:

1- الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة؛ فقد صح في الموطأ وغيره: "أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى"؛ قال النووي رحمه الله: "ولأنَّه يومُ عيدٍ يجتمع فيه الكافَّةُ للصَّلاةِ؛ فسُنَّ فيه الغُسلُ لحُضورِها كالجمعة".

 

2- الأكل قبل الخروج في الفطر وبعد الصلاة في الأضحى؛ ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا"، قال العلماء: "إنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانًا بالإفطار وانتهاء الصيام".

 

وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل حتى يرجع من الصلاة، فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية.

 

3- التكبير يوم العيد، وهو من السنن العظيمة في يوم العيد؛ قال الله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]، وعن الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين، قالا: "نعم كان عبدالله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام".

 

ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد.

 

وأما صفة التكبير؛ فقد ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد".

 

4- ومن آداب العيد أيضًا: التهنئة؛ عن جبير بن نفير، قال: "كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبَّل الله منا ومنك".

 

5- التجمل للعيدين ولُبس أحسن الثياب؛ ففي صحيح البخاري عن عبدالله بن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ))، فأقَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم عمر على التجمُّل للعيد؛ لكنه أنكر عليه شراء هذه الجُبَّة؛ لأنها من حرير.

 

6- الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من طريق آخر؛ ففي صحيح البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ".

 

وقيل: إن الحكمة من ذلك ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة.

وقيل: لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين.

 

وقيل: لإظهار ذكر الله تعالى.

 

وقيل: لإغاظة المنافقين واليهود، وليرهبهم بكثرة من معه.

 

وقيل: ليقضي حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحاويج، أو ليزور أقاربه، وليَصِل رَحِمَه.

 

وقيل وهو الأصح: إنه لذلك كله، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها.

 

7- الفرح والسرور والتوسعة على الأهل والأولاد؛ فإن يوم العيد يوم سعة فيما أباح الله تعالى، فوسِّعوا على أنفسكم وأولادكم، وأظهروا الفرحة والسرور، واحذروا من الوقوع في الذنوب والمعاصي والآثام‏؛ من الاستماع أو النظر إلى ما حرَّم الله تعالى، واختلاط الرجال بالنساء، ومصافحة غير ذوات المحارم، أو الإسراف والتبذير في المأكل والمشرب.

 

وتذكَّروا عباد الله قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]، فقد أكملنا العِدَّة، وكبَّرنا الله، وبقي الشكر، فاشكروا الله على نعمه بقلوبكم وألسنتكم وأعمالكم، واشكروا الله على أن هداكم للإيمان، واشكروا الله أن وفَّقكم لصيام رمضان وقيامه، واشكروا الله على نِعْمَة الأمْن والأمان.

 

8- صلة الأرحام؛ ففي العيد تتصافى القلوب، وتتصافَح الأيدي، ويتبادَل الجميعُ التهانيَ، وإذا كان في القلوب رواسبُ خِصامٍ أو أحقاد، فإنها في العيد تُسلُّ فتزول؛ العيد مناسبة طيبة لتصفية القلوب من البغضاء أو الشحناء، فلنغتنم هذه الفرصة، ولتُجدد المحبة، وتحل المسامحة والعفو محل العتب، والهجران مع جميع الناس، من الأقارب والأصدقاء والجيران.

 

فصِلُوا أَرْحَامَكُمْ يا عباد الله؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)، وَاحْذَرُوا قَطِيعَةَ الرَّحِمِ؛ قَالَ الله تَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22، 23]، وتذكَّروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا»؛ (رواه مسلم)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»؛ (رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية عند أبي داود: «فمَنْ هَجَرَ فوقَ ثلاث فماتَ؛ دخل النار»؛ (صححه الألباني).

 

نسأل الله العظيم أن يختم لنا شهر رمضان برضوانه، وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا.

 

  • 1
  • 0
  • 480

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً