من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الحكيم الحكم

منذ 13 ساعة

وهو الحكيم وذاك من أوصافه     نوعان أيضًا ما هُما عدمـــــــان حُكم وإِحكام فكل منهـــــــــــــما     نوعان أيضًا ثابتا الـــــــــــــــبرهان

                                    {بسم الله الرحمن الرحيم}

                  

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد:فمن أسماء الله الحسنى: الحكيم, والحكم, وللسلف رحمهم الله أقوال في معني هذين الاسمين, وبعض الفوائد المتعلقة بهما, جمعت بعضًا منها, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

  • الحكيم:

& قال ابن عباس رضي الله عنهما: الحكيم الذي قد كمل في حكمه.

& قال أبو العالية رحمه الله: الحكيم: حكيم في أمره.

& قال محمد بن جعفر بن الزبير رحمه الله: الحكيم في عذره وحجته إلى عباده.

& قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: الحكيم: هو ذو الحكمة.

& قال الإمام البغوي رحمه الله الحكيم له معنيان أحدهما الحاكم وهو القاضي العدل والثاني: المحكم للأمر كي لا يتطرق إليه الفساد. والحكمة...تمنع صاحبها من الباطل.

& قال قوام السنة الأصفهاني رحمه الله: من أسمائه الحكيم قال الله عز وجل {﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ﴾} [الحجرات:8]وقال: {﴿ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾} [آل عمران: 62] قيل: الحكيم: الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب. وقيل: الحكيم بمعنى المحكم, أي هو المحكم لخلق الأشياء صرف من مفعل إلى فعيل  ومعناه إتقان التدبير في خلق الأشياء وحسن التقدير لها قال الله عز وجل {﴿ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥ﴾ } [السجدة:7] يعني حسن التدبير في إنشاء كل شيء من خلقه على ما أحب أن ينشيه عليه.

& قال ابن الأثير الجزري رحمه الله: في أسماء الله تعالى" الحَكَم والحكيم" هما بمعنى الحاكم, وهو القاضي, والحكيم فعيل بمعنى فاعل, أو هو الذي يُحكمُ الأشياء ويُتقنها فهو فعيل بمعنى مُفعل, وقيل: الحكيم ذو الحكمة, والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم, ويقال لمن يُحسنُ دقائق الصناعات ويُتقنها: حكيم.

& قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

وهو الحكيم وذاك من أوصافه     نوعان أيضًا ما هُما عدمـــــــان

حُكم وإِحكام فكل منهـــــــــــــما     نوعان أيضًا ثابتا الـــــــــــــــبرهان 

اسمه سبحانه الحكيم يتضمن حكمته في خلقه وأمره في إرادته الدينية والكونية, وهو حكيم في كلِّ ما خلقه, حكيم في كل ما أمر به

اسمه الحكيم من لوازمه: ثبوت الغايات المحمودة المقصودة له بأفعاله ووضعه الأشياء في موضعها, وإيقاعها على أحسن الوجوه, فإنكار ذلك إنكارًا لهذا الاسم ولوازمه.

ارتباط الخلق...بحكمته يقتضي وقوعه على أكمل الوجوه وأحسنها, واشتماله على الغاية المحمودة المطلوبة للرب تعالى.... ولهذا كان الحكيم من أسمائه الحسنى, والحكمة من صفاته العلى

الحكمة كمال العلم والإرادة المتضمنين اتساق صنعه وجريانه على أحسن الوجوه وأكملها, ووضعه الأشياء مواضعها.

الحكمة تتضمن كمال علمه وخبرته, وأنه أمر ونهى وخلق وقدّر لما له في ذلك من الحِكَم والغايات الحميدة التي يستحق عليها كمال الحمد....والحكيم الذي إذا أمر بأمر كان حسنًا في نفسه, وإذا نهي عن شيء كان قبيحًا في نفسه, وإذا أخبر بخبر كان صدقًا, وإذا فعل فعلًا كان صوابًا, وإذا أراد شيئًا كان أولى بالإرادة من غيره, وهذا الوصف على الكمال لا يكون إلا لله وحده.

قوله: {﴿ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ﴾} [الذاريات:30] متضمن لإثبات صفة الحكمة والعلم اللذين هما مصدر الخلق والأمر, فجميع ما خلقه سبحانه صادر عن علمه وحكمته, وكذلك أمره وشرعهُ مصدره عن علمه وحكمته

& قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: الحكيم في خلقك وأمرك, وتعليمك ما تشاء, ومنعك ما تشاء, لك الحكمة في ذلك والعدل التام.

& قال العلامة الشوكاني رحمه الله: الذي يفعل أفعال الحكمة والصواب.

& قال العلامة السعدي رحمه الله: أي الموصوف بكمال الحكمة, وبكمال الحكم بين عباده, فالحكمة هي سعة العلم والاطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها, وعلى سعة الحمد حيث يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها, ولا يتوجه إليه سؤال ولا يقدح في حكمته مقال, فله الحكمة في خلقه وأمره.

& قال العلامة محمد بن الأمين الشنقيطي رحمه الله: الحكيم, هو من يضع الأمور في مواضعها, ويوقعها في مواقعها.

قال الله عز وجل: {﴿ قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ } [البقرة:32] في اسميه: (( الحكيم, العليم )) أكبر مدعاة للعباد أن يطيعوه ويتبعوا تشريعه, لأنه بحكمته يعلمون أنه لا يأمرهم إلا بما فيه الخير, ولا ينهاهم إلا عما فيه الشر, فلا يوقع لهم أمراً إلا في موقعه, ولا يضعه إلا في موضعه, وبإحاطة علمه: يعلمون أنه ليس هنالك غلط في ذلك الفعل, ولا عاقبة تنكشف عن غير ما أراد, بل هو في غاية الإحاطة والإحكام, وإذا كان من يأمرك عليم لا يخفى عليه شيء, حكيم في غاية الإحكام, لا يأمرك إلا بما فيه الخير, ولا ينهاك إلا عما فيه الشر, فإنه يحق لك أن تطيع وتمتثل.

& قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله: اسمه الحكيم, مأخوذ من الحكمة, ومعناه الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب, فلا يقع منه عبث ولا باطل, بل كل ما يخلقه ويأمر به فهو تابع لحكمته.

وقيل: هو من فعيل بمعنى مفعول, ومعناه المحكم للأشياء من الإحكام, وهو الإتقان فلا يقع في خلقه تفاوت ولا فطور, ولا يقع في تدبيره حلل أو اضطراب.

& قال العلامة العثيمين رحمه الله: الحكيم من أسمائه بالاتفاق.

" الحكيم " ذو الحكمة البالغة التي تعجز عن إدراكها عقول العقلاء, وإن كانت قد تدرك شيئاً منها.

الحكيم: هذه المادة ( ح ك م ) تدل على حكم وإحكام, فعلى الأول يكون الحكيم بمعنى الحاكم, وعلى الثاني يكون الحكيم بمعنى المُحكم, إذا: يدل هذا الاسم الكريم على أن الحكم لله, ويدل على أن الله موصوف بالحكمة, لأن الإحكام هو الإتقان, والإتقان وضع الشيء في موضعه.

& قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السلمان رحمه الله: الحكيم مأخوذ من الحكمة, وله معنيان, أحدهما: بمعنى القاضي العدل الحكم بين خلقه بأمره الديني والشرعي, وأمره الكوني القدري, وله الحكم في الدنيا والآخرة, كما قال تعالى: {﴿ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾} [القصص:70]

المعني الثاني: أنه المحكم للأمر كي لا يتطرق إليه الفساد.

& قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين: الحكيم: هو المتقن للأشياء, الذي يضع الأمور في مواضعها, أو هو الحاكم في أقواله وأفعاله, وفي حكمه الكوني والقدري, وفي حكمه الشرعي الديني.

& قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: قوله: {﴿ وهو ٱلۡحَكِيمُ ﴾} له معنيان أحدهما: أنه الحاكم بين خلقه بأمره الكوني وأمره الشرعي في الدنيا والآخرة.

الثاني: أنه المحكم المتقن للأشياء مأخوذ من الحكمة, وهي وضع الأشياء في مواضعها, فهو سبحانه الحاكم بين عباده الذي له الحكمة في خلقه وأمره لم يخلق شيئًا عبثًا, ولم يشرع إلا ما هو عين المصلحة. 

& قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك: قوله: {﴿وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ﴾ } [الأنعام:18] اسمان من أسمائه الحسنى دالان على كمال حكمته, وخبرته.

& قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: قوله: {﴿ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ } يشمل معاني: الأول: أن يكون الحكيم ذو الحكم.

الثاني: أن يكون الحكيم بمعنى المحكم, أي: من أحكم الشيء وهو من صار محكمًا له, والله عز وجل أحكم بمعنى أتقن كل شيء خلقة, وهو عز وجل أحكم مخلوقاته.

الثالث: أنه ذو الحكمة وهذا الذي يفهمه أكثر الناس حينما يقال فلان حكيم بمعنى ذو حكمة...والحكمة معناها: وضع الشيء في موضعه الموافق للغايات المحمودة منه.

  • الحَكَم:

& قال عمر بن الحطاب رضي الله عنه: لا تسمّوا الحكم, ولا أبا الحكم, فإن الله هو الحكم

& قال الإمام البغوي رحمه الله في شرح السنة: "الحكم" هو الحاكم الذي إذا حكم لا يُردُّ حكمه وهذه الصفة لا تليق بغير الله عز وجل ومن أسمائه الحكم.

& قال العلامة سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: الحَكَم...من أسماء الله تبارك وتعالى...وقد ورد عَدُّه في الأسماء الحسنى مقرونًا بــ " العدل", فسبحان الله ما أحسن اقتران هذين الاسمين.

& قال العلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله: هو سبحانه الحكم في الدنيا والآخرة, يحكم بين خلقه في الدنيا بوحيه الذي أنزله على أنبيائه ورسله.

& قال الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله: الحكم من أسماء الله تعالى, الذي إذا حكم لا يرد حكمه, وهذه الصفة لا تليق بغير الله تعالى.

& قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: من أسماء الله تعالى الحكم والحكيم الذي يضع الأشياء مواضعها اللائقة بها, فينزه الرب أن يشاركه أحد في أسمائه وصفاته وخصائصه.

فلا يجوز التسمي بأبي الحكم أو بالحكم, أو الحكيم أو نحو ذلك, لأن في ذلك مزاحمة لله تعالى في الأسماء الخاصة به, ولأن فيه شيئًا من تزكية النفس, ومدخها بشيء من خصائص الله.

& قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: الحكَمُ: من أسماء الله تعالى, ومعناه: الحاكم الذي إذا حكم لا يرد حكمه.

& قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: الحَكَم, من أسماء الله جل وعلا, فتكنية المخلوق بأبي الحَكَم غير لائقة, لأن الحَكَم من أسماء الله, والله جل وعلا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحدًا, هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإن الحَكَم وهو بلوغ الغاية في الحُكُم, والفصل بين المتخاصمين, راجع إلى من له الحُكُم وهو الله جل جلاله, وأما البشر فإنهم لا يصلحون أن يكونوا حُكامًا أو أن يكون الواحد منهم حَكَمًا على وجه الاستقلال, ولكن يكون حَكَمًا على وجه التبع.   

                     كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 0
  • 0
  • 53

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً