أمهات أعمالنا.. عشرة من عشرة
وفي أيامٍ معدودات تُزال فيها الهفوات، وتُرفَع أسماءٌ للمباهاة في (طاعات معلومات)، هنَّ (أمهات العبادات)، هنَّ (أمهات أعمالنا)، بل أمهات أيامنا...
نانسي خلف - موقع الألوكة
في هذا الزمان تتبخَّر الأوقات، ونسمع كثيرين يردِّدون صدى أصواتنا، فيقولون: (هل لي من عملٍ صالحٍ ألقى به الله وقد أثقلتني المسؤوليات، وشغلني عملي ورزقي وسعيي على العيال؟ هل لي من عملٍ صالحٍ ولا أجد وقتًا كافيًا لأربح فيه أعلى درجات من الجنة؟ فكيف لي أن أقتنص العملَ الصالح وأنا أجري خلفه والملهيات تسبقني؟!).
ومرةً جديدةً وفي زمنٍ تتبخَّر فيه الأوقات، نبحث عن أقصر الطُّرق لمضاعفة أعمالنا الصَّالحة وحصاد الأجور العالية، ونسأل: كيف نستطيع أن نصيبَ خيرات كثيرة وطاعات جزيلة، وسيف الوقت يقطع آمالنا بعبادات نوعية؟ طموحنا بها المراتب العليَّة...
وببحث منهجيٍّ وحِسٍّ علمي نفتِّش عن إدارة لعباداتنا، تُخوِّلنا استثمارَ ما بقِي من أوقاتنا، وكالأمِّ التي تسعى إلى إدارة وقتِها بين أولادها وتقسيمه عليهم، فيأخذ كلٌّ منهم نصيبَه من الاهتمام والرعاية، هذه الأمُّ التي تبحث عن الوقت النوعيِّ؛ لتضاعف الفوائد التربوية في جلستها مع أولادها، كهذه الأم هو الإنسان السَّاعي على النفع والطَّاعات الباغي للحسنات، فيقتنص الأوقات لما فيه أرفع الدرجات...
وفي أيامٍ معدودات تُزال فيها الهفوات، وتُرفَع أسماءٌ للمباهاة في (طاعات معلومات)، هنَّ (أمهات العبادات)، هنَّ (أمهات أعمالنا)، بل أمهات أيامنا...
هذه هي أمهات أعمالنا تجتمع في هذه العشر؛ لتجمع شعث أفكارنا وشتات قلوبنا، وتلم ما بقِي من أمورنا.
فكثيرة هي الأجساد المجتمعة، ولكنها في الإحساس ببعضها متفرَّقة...
وكم من أجساد غائبة، ولكنَّ روحها في القلوب حاضرة!
فمتى كان الاغتراب في الأجسام؟! ومَن قال أنَّ الاغتراب هو خارج الأوطان، خارج الأزمان، خارج الديار، وبعيدًا عن الأحباب؟!
فهذا الاغتراب النفسي لا تَحتضنه إلا أمَّهات العبادات، ولا يُصلحه إلا سيداتُ الأعمال في العشر من ذي الحجة.
أمهاتٌ تنسخ ما كان منَّا؛ لنكتب ما كان منه سبحانه ذي الفضلِ والمنَّة، ولا ذنبَ إلا وقد غفَرناه لكم، وما كان عليكم مِن عيبٍ سترناه!
فهذا الذي نِلْنا بيوم قدومنا *** وأول ضيقٍ للصدور شرَحناهُ
هي أُمهات أيامنا، توجِّهنا لاستثمار أفضل ما عندنا من عبادات وأوقات وطاعات، بالصدقات والنافلات، والتهليلات والتسبيحات، تليها تكبيرات وصيام، وعفو وإحسان، ونظرة فرحمة، وإقامة العدل في الميزان...
(فازدحام الأوقات) يحظر (تجوال الساعات) في أيامٍ معدودات، فنزاحم بها في المسير إلى عرفات... ونستطيع أن نزاحم بها في المسير القلبيِّ إلى الطاعات والقربات.
ففي ساحات العشر الكلُّ رابحٌ، الكلُّ مشاركٌ في حدثٍ بعنوان: "الحج"، والله من وراء القصد...
إليه ابتدرنا قاصدين إلهنا، فلولاه ما كنَّا لحج سلكناه، وسِرنا إليه قاصدين وقوفنا عليه، ومن كلِّ الجهات آتيناه، وبأمهات من العبادات رُفعت أعمالنا في خير أيامكم وأيامنا؛ لتكون عشرة من خير عشرة نفوز بها بعشرة على عشرة، فهي تجارة مع سيدات الأعمال وأمهات الطاعات، وبهذه تكون البطولات...
- التصنيف:
- المصدر: