من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشهيد, الرقيب, المهيمن, المحيط)
من أسماء الله الحسنى: الشهيد, الرقيب, المهيمن, المحيط. وللسلف رحمهم الله أقوال في معاني هذه الاسماء, وبعض الفوائد المتعلقة بها, جمعت بعضًا منها, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن أسماء الله الحسنى: الشهيد, الرقيب, المهيمن, المحيط. وللسلف رحمهم الله أقوال في معاني هذه الاسماء, وبعض الفوائد المتعلقة بها, جمعت بعضًا منها, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
- الشهيد:
& قال قوام السنة الأصفهاني رحمه الله: من أسمائه عز وجل: الشهيد, أي الشهيد على العباد بأعمالهم وأحوالهم, قال الله عز وجل: {﴿إلَّا كُنَّا عَلَيۡكُمۡ شُهُودًا إِذۡ تُفِيضُونَ فِيهِۚ﴾ } [يونس:61] فينبغي لكل عامل أراد عاملًا صغر العمل أو كبر, أن يقف وقفة عند دخوله فيه, فيعلم أن الله شهيد عليه, فيحاسب نفسه فإن كان دخوله فيه لله مضى, وإلا ردّ نفسه عن الدخول فيه وتركه.
& قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: في أسماء الله تعالى: " الشهيد", الذي لا يغيب عنه شيء. والشاهد الحاضر وفعيل من أبنية المبالغة في فاعل, فإذا اعتبر العلم مطلقًا فهو العليم, وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير, وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد, وقد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق يوم القيامة بما عَلِم.
& قال الإمام ابن عبد العز الحنفي رحمه الله: من أسمائه الشهيد الذي لا يغيب عنه شيء, ولا يعزب عنه, بل هو م طلع على كل شيء مشاهد له, عليم بتفاصيله.
& قال العلامة العثيمين رحمه الله: الشهيد: من أسماء الله....والشهيد: هو الحاضر الذي لا يغيب, المُطلع الذي لا يخفى عليه شيء,...لكن ليس حاضراً بمعنى أنه في الأرض, بل هو في السماء, على عرشه مطلع لا يخفى عليه شيء.
& قال العلامة السعدي رحمه الله: "الشهيد", " المهيمن", " المحيط", أي المطلع على جميع الأشياء, الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن, والخفيات والجليات, والماضيات والمستقبلات, وسمع جميع الأصوات خفيها والجليات, وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها, وصغيرها وكبيرها, وأحاط علمه وقدرته وسلطانه, وأوليته وآخريته, وظاهريته وباطنيته, بجميع الموجودات, فلا يحجبه عن خلقه ظاهر عن باطن, ولا كبير عن صغير, ولا قريب عن بعيد, ولا يخفى على علمه شيء, ولا يشذ عن ملكه وسلطانه شيء, ولا ينفلت عن قدرته وعزته شيء, ولا يتعاصى عليه شيء, ولا يتعاظمه شيء...
فهذه الأسماء الثلاثة ترجع إلى سعة علمه, وإحاطته بكل شيء, وإلى عظمة ملكه وسلطانه, وإلى شهادته لعباده وعلى عباده بأعمالهم, وإلى الجزاء وانفراد الرب بتصريف العباد, وإجرائهم على أحكام القدر, وأحكام الشرع, وأحكام الجزاء والله أعلم
& قال قوام السنة الأصفهاني رحمه الله: من أسمائه: الرقيب...
قال الزجاج: الرقيب الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء, يقال: رقبت الشيء أرقبه, إذا رعيته وحفظته.
قال الله عز وجل: {﴿ مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ ﴾} [ق:18] قال النحاس: القريب الذي علمه محيط بكل شيء.
& قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: في أسماء الله تعالى: " الرقيب", وهو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء, فعيل بمعنى فاعل.
& قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وهو الرقيب على الخواطر واللوا حـــــــــــــــــظ كيف بالأفعال بالأركان
& قال العلامة العثيمين رحمه الله: الرقيب من أسماء الله...وفي القرآن {﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا﴾} [الأحزاب:52] فهو عز وجل رقيب يراقب الخواطر واللواحظ والأفعال...الخواطر في القلوب, واللواحظ في العيون, والأركان في بقية الأعضاء...فهو سبحانه تعالى رقيب على خواطرنا, على ما في قلوبنا
والرقيب بمعني: الحفيظ, والإيمان برقابة الله عز وجل يُوجب للعبد كمال مُراقبة الله تعالى والخوف منه.
& قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: هو الرقيب سبحانه وتعالى: {﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا﴾} [الأحزاب:52] الذي يراقب عباده ويراهم ويسمعهم ولا يخفون عليه, بل لا تخفى عليه ضمائرهم ونياتهم, لا يخفى عليه شيء من أمورهم فهو يراقبهم { ﴿ وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَ﴾ } [إبراهيم:42] { ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا لَا يَخۡفَوۡنَ عَلَيۡنَآۗ ﴾} [فصلت:40] ولهذا لما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال له: أخبرني عن الإحسان. قال: (( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ))
- المهيمن:
& قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: أصل الهيمنة, الحفظ والارتقاب, يقال: إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده قد هيمن فلان عليه, فهو يُهيمنُ هيمنة, وهو عليه مهيمن.
& قال الإمام ابن مندة رحمه الله: ومن أسماء الله عز وجل: المهيمن...قال ابن عباس: المهيمن المؤتمن عليه الشاهد عليه.
& قال أبو الشيخ رحمه الله: ( المهيمن) الشهيد عليه.
& قال الإمام البغوي رحمه الله: ( المهيمن ) الشهيد على عباده بأعمالهم, وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي ومقاتل.
& قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: المهيمن: الشاهد على عباده بمعنى هو رقيب عليهم.
& قال الإمام الشوكاني رحمه الله: ( المهيمن ) أي: الشهيد على عباده بأعمالهم الرقيب عليهم.
& قال الشيخ حافظ حكمي رحمه الله: المهيمن: قال بعض العلماء: هو الشهيد على عباده بأعمالهم يقال هيمن يهيمن فهو مهيمن إذا كان رقيبًا على الشيء
& قال الشيخ فالح بن مهدي آل مهدي رحمه الله: المهيمن: الرقيب على كل شيء.
& قال الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر: معنى " المهيمن" أي: المطلع على خفايا الأمور, وخبايا الصدور, الذي أحاط بكل شيء علمًا, الشاهد على الخلق بأعمالهم, الرقيب عليهم فيما يصدر منهم من قول أو فعل, ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
- المحيط:
& قال قوام السنة الأصفهاني رحمه الله: من أسمائه...المحيط, والمحيط: هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه, وهو الذي أحاط بكل شيء علمًا, وأحصى كل شيء عددًا.
& قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وبكل شيء علمه سبـــــــــحانه فهو المُحيط وليس ذا نسيان
& قال العلامة العثيمين رحمه الله: ينبغي لنا أن نعرف أن علمنا بهذه المعاني من أسماء الله يجب أن يؤثر علينا, فمثلًا إذا علمنا إحاطة الله بكل شيءٍ علمًا يستلزم منّا ألا نخالف أمر الله, لأننا لو خالف أمر الله لكان يعلم بنا, وألا نقع فيما نهى الله عنه, لأنه يعلم, وأن نعلم أننا مهما كنا في أخفى مكان في الأرض فالله عالم بنا, وأن نعلم أيضًا أننا لو نظرنا نظرًا محرمًا لا يعلم به الخلق لكان الله تعالى يعلم به.
& قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: هو محيط بعلمه وقدرته وإرادته وتدبيره بمخلوقاته, وهي بالنسبة إليه لا شيء على سعتها وامتدادها واختلافها, هو محيط بها كلها يدبرها وينظمها.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: