عظات من الحر الشديد

منذ 15 ساعة

إنَّ شدةَ حرارةِ الصيفِ يجب أن تُذَكِّرَنا لِمَا بعدَ النُّقْلَة من هذه الدار، إلى دارٍ فيها الأهوالُ المفزِعة، والمشاهِد المرعبة؛ {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا في الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التَّوْبَةِ: 81].

أيها المسلمون: إن الإنسان تمرُّ به في هذه الحياة من آيات الله الكونيَّة، ما ينبغي أن يتَّخِذ منها العبرَ والعظاتِ؛ فها هو فصلُ الصيفِ نَمُرُّ به وبحرارتِه الشديدةِ؛ ممَّا يجعل الناسَ يلجؤون لوسائلَ مختلفة تقيهم شدةَ الحرِّ وقسوتَه، هذا وهُمْ في دُنيا زائلة، ودار فانية، فكيف بدارِ القرارِ، مصيرُها إمَّا إلى جنَّة لا تفنى، أو نار تتلظَّى؟!

إنَّ العاقل مَنْ ينتهِز الفرصَ حين تمرُّ به سننُ الله الكونيَّة، وآياته الباهرة، فيستعد لدار الجزاء بكل ما يُرضِي مولاه ويكون سببًا للفَلَاح السرمديّ، والفوز الأبديّ.

إنَّ شدةَ حرارةِ الصيفِ يجب أن تُذَكِّرَنا لِمَا بعدَ النُّقْلَة من هذه الدار، إلى دارٍ فيها الأهوالُ المفزِعة، والمشاهِد المرعبة؛ {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا في الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}[التَّوْبَةِ: 81].

فيا مَنْ أسرَف على نفسه بالعصيان، سارِعْ بتوبة صادقة إلى الرحمن قبلَ فوات الأوان، فتذكَّرْ -أيها الغافل- عن حقوق خالقِكَ، تذكَّرْ باشتدادِ الحرِّ المواقفَ العصيبةَ، والأهوالَ المفزِعةَ عندَ الانتقال من هذه الحياة الزائلة، يقول جل وعلا: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[الْمُطَفِّفِينَ: 4-6]

روى البخاري ومسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: «يَعْرَقُ الناسُ يومَ القيامةِ حتى يذهب عرقُهم في الأرض سبعينَ ذراعًا، ويُلجِمُهم حتى يَبلُغ آذانَهم»، وفي حديث عند مسلم: «يكون الناسُ على قدرِ أعمالِهم في العَرَقِ؛ فمنهم مَنْ يكون إلى كعبيه، ومنهم مَنْ يكون إلى ركبتيه، ومنهم مَنْ يكون إلى حقويه، ومنهم مَنْ يُلجِمُه العرقُ إلجامًا» .

فيا عبادَ اللهِ: لا فلَاحَ إلا لِمَنْ حافَظ على المفروضات، ولا نجاةَ إلا لِمَنْ خاف مقامَ ربه؛ فاجتنَب الموبقاتِ والسيئاتِ؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}[الْحَجِّ: 1].

أمَّا بعدُ، فيا أيها الناسُ: تذكَّرُوا بِحَرِّ الدنيا حرَّ النار الكُبرى، فخُذُوا حذرَكم بالأعمال الصالحة، والبُعْد عمَّا يُغضِب اللهَ -جل وعلا-، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ»؛ أي: صلاة الظهر، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- معلِّلًا: «فإنَّ شِدةَّ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جهنَّمَ»، و«اشتكتِ النارُ إلى ربها فقالت: يا رب، أكَل بعضي بعضًا، فأَذِنَ لها بنَفَسَيْنِ؛ نَفَسٍ في الشتاءِ، ونَفَسٍ في الصيفِ، فهو أشدُّ ما تَجِدُونَ من الحَرِّ، وأشدِّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمهريرِ» (مُتفَق عليه).

عبادَ اللهِ: اتعِظُوا بالآيات الربانية، الكونيَّة والشرعيَّة، فمَنِ اتعظَ واعتبَر، واستجاب واتَّقى، كان -برحمة الله -جل وعلا- في فلَاح دائم وفوز عظيم، قال الله -جل وعلا-: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الْبَقَرَةِ: 281].

اللهُمَّ صل وسلم على نبينا محمد، ما تعاقب الليل والنهار، اللهُمَّ ارض عن الآل والصحب أجمعين، اللهُمَّ أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك، اللهمَّ اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.

______________________________________________
الكاتب: حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ

  • 1
  • 0
  • 84

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً