من لا تَجِبُ عليهم الجُمُعةُ
(المَرأة - العَبْد - الصَّبي - المُسافِر وسائر المعذورين) فله أن يصلي الظهر قبل صلاة الإمام، على أن تكون صلاتهم بعد دخول وقت الظهر.
الفرعُ الأَوَّل: المَرأة
لا تَجِبُ الجُمُعةُ على المرأةِ.
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ، والخطابيُّ، وابنُ بَطَّال، وابنُ قُدامة.
ثانيًا: أنَّ المرأةَ ليستْ من أهلِ الحضورِ في مجامعِ الرِّجال؛ ولذلك لا تجِبُ عليها جماعةٌ .
الجمعة صلاةُ جمع؛ لهذا قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا تَمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله، وبيوتهنَّ خيرٌ لهنَّ») ((الشرح الممتع)) (5/6)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/243). " data-original-title="" title="">
الفرع الثَّاني: العَبْد
لا تجِبُ الجُمُعةُ على العبدِ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قالَ أكثرُ العلماء
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّه مشغولٌ في خِدمةِ سيِّدِه
ثانيًا: أنَّه مملوكُ المنفعةِ، محبوسٌ على السيِّدِ؛ أشبَهَ المحبوسَ بالدَّينِ
ثالثًا: أنَّها لو وجبتْ عليه لجازَ له المُضيُّ إليها من غير إذنِ سيِّده، ولم يكُنْ لسيِّدِه منعُه منها، كسائرِ الفرائضِ
الفرع الثَّالث: الصَّبي
لا تجِبُ الجُمُعةُ على الصبيِّ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك البخاري)) (2/478). وقال أيضًا: (... وإنْ كان إجماع أئمَّة الفتوى الذين هم الحُجَّة على أنَّ النساء والصبيان لا جُمعةَ عليهم) ((شرح صحيح البخاري)) (2/491). " data-original-title="" title="">
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يَستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتى يَبلُغَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ».
2- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ مُحتلِمٍ».
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه علَّقَ الغُسلَ بالاحتلامِ، وهذا يدلُّ على أنَّه لا تجِبُ الجُمُعةُ على الصبيِّ
ثانيًا: لأنَّ البلوغَ من شرائطِ التَّكليفِ
الفرع الرَّابع: المُسافِر
المسألة الأولى: حكم الجُمُعة للمُسافرِ
لا جُمُعةَ على المسافِرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ وبه قال أكثرُ العلماءِ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك الحجِّ وغيره، فلم يُصلِّ أحدٌ منهم الجمعةَ في سفره، وكذلك غيرهم من أصحاب رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَن بعدهم...، وهذا إجماعٌ مع السُّنَّة الثابتة فيهـ) ((المغني)) (2/250). وقال الزرقانيُّ: (">
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَمَّا وصَل بَطنَ الوادي يومَ عرفةَ نزَلَ فخَطَبَ النَّاسَ، ثم بعدَ الخُطبةِ أَذَّنَ بلالٌ، ثمَّ أقام فَصلَّى الظهرَ، ثمَّ أقام فصلَّى العَصرَ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى الظهرَ ولم يُصلِّ الجُمُعةَ؛ وذلك للآتي:
1- أنَّ صلاةَ الجُمُعةِ الخُطبةُ فيها بعدَ الأذانِ، وهنا الخُطبةُ قبلَ الأذانِ.
2- صلاةُ الجُمُعةِ يَتقدَّمُها خُطبتانِ، وحديثُ جابرٍ ليس فيه إلَّا خُطبةٌ واحدةٌ.
3- صلاةُ الجُمُعةِ يُجهَرُ فيها بالقراءةِ، وحديثُ جابر يدلُّ على أنَّه لم يَجْهَر؛ لأنَّه قال: ((صلَّى الظُّهرَ، ثم أقامَ فَصلَّى العصرَ))
4- صلاةُ الجُمُعةِ تُسمَّى صلاةَ الجُمُعةِ، وفي حديثِ جابرٍ قال: ((صلَّى الظُّهرَ))
ثانيًا: أنَّه لم يُنقَل أنَّ النبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يُصلِّي الجُمُعةَ في أسفارِه، ولو فَعَل لكان ذلِك ممَّا تَتوافَرُ الدَّواعي على نَقْلِه، ولنُقِلَ إلينا
المسألة الثانية: إنشاءُ السَّفرِ بَعدَ الزَّوالِ
لا يجوزُ إنشاءُ السَّفرِ بعدَ زَوالِ الشَّمسِ يومَ الجُمُعةِ بلا ضرورةٍ، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ داودَ، وحُكِيَ الإجماعُ على المنعِ بعدَ النِّداءِ
الأدلَّة:
أولًا: من الكِتاب
قال اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه أمَر بالسَّعيِ إليها، وترْكِ البيع، وكذا يتْرك السَّفر؛ لأنَّ العِلَّةَ واحدةٌ، فالبيعُ مانعٌ من حضورِ الصَّلاة، والسَّفرُ كذلك مانعٌ من حُضورِ الصَّلاةِ
ثانيًا: أنَّ الجُمُعة قد وجَبَتْ عليه؛ فلمْ يَجُزْ له الاشتغالُ بما يَمنَعُ منها
المسألة الثالثة: السَّفَرُ قَبْلَ الزَّوالِ
يَجوزُ السَّفَرُ قَبلَ الزَّوالِ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للشافعيَّة، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ العلم) ((المغني)) (2/269). " data-original-title="" title="">
الأدلَّة:
أولًا: من الآثار
عن الأسودِ بنِ قَيسٍ، عن أبيه، قال: أَبْصَرَ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رجلًا عليه هيئةُ السَّفَرِ، وقال الرَّجُلُ: إنَّ اليومَ يومُ جُمُعةٍ، ولولا ذلك لخرجتُ، فقال عُمرُ: إنَّ الجُمُعةَ لا تَحبِسُ مسافرًا، فاخرجْ ما لم يَحِنِ الرَّواحُ الألبانيُّ عن عمر في تخريجه لكتاب ((القائد في تصحيح العقائد)) للمُعلِّمي اليماني (196). " data-original-title="" title="">
ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ لم تجِبْ؛ فلم يَحرُمِ السفرُ كاللَّيلِ
ثالثًا: أنَّ ذِمَّتَه بريئةٌ من الجُمُعةِ، فلم يمنعْه إمكانُ وجوبِها عليه كما قبْلَ يَومِها.
المسألة الرابعة: إمامةُ المُسافِرِ في الجُمُعةِ
يَصحُّ أن يكونَ المسافرُ إمامًا في الجُمُعةِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، واختارَه ابنُ حزمٍ، وابنُ عُثيمين، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّهم رجالٌ تصحُّ منهم الجُمُعةُ
ثانيًا: أنَّ القولَ بعدمِ صِحَّةِ ذلك لا دَليلَ عليه
ثالثَا: أنَّ المسافرَ مِن أهلِ التَّكليفِ، ولا فَرْقَ بين أنْ يكونَ في الجُمُعةِ إمامًا أو مأمومًا
- التصنيف:
- المصدر: