علة حديث: لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا...

منذ 11 ساعة

علة حديث: لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه

 

بقلم/ محمد بن جميل المطري

قال الترمذي في سننه (1174): حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن بَحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة الحضرمي عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا، إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه، قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا)). هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين أصلح، وله عن أهل الحجاز وأهل العراق مناكير. انتهى كلام الترمذي، وقد صحح هذا الحديث: الذهبي والألباني في السلسلة الصحيحة (173)، وقال محققو مسند أحمد (36/ 417): "إسناده حسن من أجل إسماعيل بن عياش. وأخرجه ابن ماجه (2014)، والترمذي (1174)، والشاشي في مسنده (1374)، والطبراني في الكبير (20/ 224)، وفي الشاميين (1166)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 220)، وفي صفة الجنة (86)، والذهبي في سير أعلام النبلاء (4/ 47) من طرق عن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. وحسنه الترمذي، وصحح إسناده الذهبي".

قلت: في إسناد هذا الحديث خالد بن معدان وهو مدلس، ولم أجده صرح بالسماع من شيخه في جميع طرق هذا الحديث التي وقفت عليها، قال الحافظ ابن حجر في طبقات المدلسين (ص: 31): "خالد بن معدان الشامي الثقة المشهور، قال الذهبي: كان يرسل ويدلس".

وقد أشار الإمام البخاري في كتابه التاريخ الكبير  (3/ 176) إلى أنه لم يسمع من كثير بن مرة فقال رحمه الله: "خالد بن معدان، الكلاعي. قال عمرو بن علي: مات سنة ثلاث ومئة، الشامي. سمع أبا أمامة، وعمير بن الأسود، وجبير بن نفير، والمقدام، وعن كثير بن مرة".

فرضي الله عن الإمام البخاري، فقد أبان بقوله هذا عن علة هذا الحديث، فتأمل كيف فرَّق البخاري بين من ثبت سماع خالد بن معدان منهم، وهم أبو أمامة وعمير بن الأسود وجبير بن نفير، ومن لم يثبت سماعه منه وهو كثير بن مرة، فلم يعطف البخاري كثير بن مرة على قوله: سمع، بل قال: وعن كثير بن مرة، أي: أنه لم يثبت عند البخاري سماعه منه في أي حديث، وهذه علة قادحة لهذا الحديث الغريب المتن، فلا نعلم لمعناه شاهد في أي حديث آخر، بل قد تفرد بروايته إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان، ولعل هذا سبب استغراب الترمذي له، وعدم تصحيحه للحديث.

والحديث ذكره محمد بن طاهر المقدسي في أطراف الغرائب والأفراد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للإمام الدارقطني رقم (4301).

وقال الحافظ أبو زرعة الرازي: لم يرو هذا الحديث عن بحير غير إسماعيل بن عياش كما في علل الحديث لابن أبي حاتم (4/ 72).

قلت: وإسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن الشاميين، وهذه الرواية منها، لكنه مدلس كما في طبقات المدلسين لابن حجر، قال ابن حجر في طبقات المدلسين (ص: 38): "إسماعيل بن عياش أبو عتبة العنسي، عالم أهل الشام في عصره، مختلف في توثيقه، وحديثه عن الشاميين مقبول عند الأكثر، وأشار ابن معين ثم ابن حبان في الثقات إلى أنه كان يدلس".

قلت: لكن وجدت في بعض طرق هذا الحديث تصريح إسماعيل بن عياش بالسماع من شيخه بحير بن سعد، فانتفت علة تدليسه، إلا أن يكون ذكر التحديث وهم من بعض الرواة عنه، فتبقى العلة القادحة عدم ثبوت سماع خالد بن معدان من كثير بن مرة كما أفاده الإمام البخاري رحمه الله، والحمد لله على توفيقه.

 

محمد بن علي بن جميل المطري

دكتوراه في الدراسات الإسلامية وإمام وخطيب في صنعاء اليمن

  • 1
  • 0
  • 49

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً