3 فروق بين العربي والأوروبي والأمريكي

منذ 4 ساعات

3 فروق بين العربي والأوروبي والأمريكي هذه هي الفكرة التي قفزت إلى ذهني عند اغتيال تشارلي كيرك الزعيم اليميني الشاب الذي اغتيل مؤخرا في الولايات المتحدة الأمريكية

 

3 فروق بين العربي والأوروبي والأمريكي هذه هي الفكرة التي قفزت إلى ذهني عند اغتيال تشارلي كيرك الزعيم اليميني الشاب الذي اغتيل مؤخرا في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ جاء اغتياله ليذكرني بأفكار سياسية اجتماعية طالما ترددت على خاطري منذ سنوات طويلة.

وهذه الأفكار تقارن بيننا نحن العرب من جهة والغرب الأوروبي والأمريكي من جهة أخرى في مجال القيم السياسية والاجتماعية التي تحكم سلوك الشخص في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية الصعبة.

 

والمدخل في هذه المقارنة يتعلق بما تبثه وتجسده لنا روايات الدراما الاجتماعية  التي تجسد الواقع سواء في العالم العربي أم في الغرب من قيم تحكم سلوك الأشخاص في مواجهة التحديات الصعبة.

من هو البطل في روايات الدراما العربية والدراما الأوروبية والأمريكية

فنجد في الدراما العربية أن البطل أو البطلة إذا واجه مشكلة صعبة فإنه يتعب نفسيا ويصيبه الاكتئاب ويهرب إلى الخمر والإسكار ويردد لفظ “أشرب كي أنسى”.

 وقد يهرب لأصدقاء السوء أو الدعارة والبغاء أو المخدرات وتجارتها، وكل هذا هروبا من المشكلة الصعبة أو الظلم البالغ الذي وقع عليه، أو بحثا عن المال الذي ضيقت عليه الدنيا أبواب كسبه الطبيعية.

 وفي السيناريوهات الفكاهية لحد ما قد نجد هروبا للغناء والرقص سواء الغرامي في حالة مشكلات الحب والغرام، أو الغناء والرقص الحماسي أو الموسيقى والأغاني الوطنية في حالة ما إذا كانت المشكلة سياسية أو وطنية.

لكن إذا قارنت هذا بالدراما الأوروبية والأمريكية (بل والروسية التي لم اقرأ منها الا القليل) مثلا فتجد البطل أو البطلة يكافح بل يقاتل في مواجهة المشكلة التي تواجهه حتى ينتصر عليها، فيحلها أو ينتصر عليها إن كانت اعتداء أو ظلم، حتى لو احتاج الأمر مشقة وجهدا بالغا، أو مواجهة مافيا مسلحة أو حتى رئيس الولايات المتحدة أو قائد الاستخبارات.

 فهذه امرأة تكافح ضد خاطفي ابنها من المافيا الخطيرة وتظل تطاردهم وتتعرض للمخاطر وتشتبك مع بعضهم في مواجهة، وتحبط بذكائها حيل بعضهم الآخرين المتخفين وتكشفهم، وفي كل المراحل تصيب بعضهم وتقتل آخرين دفاعا عن نفسها وعن طفلها وفي النهاية تكون ساعدت الشرطة في انقاذ ابنها والقبض على بقية العصابة.

وتجد العديد من السيناريوهات الأخرى بتفاصيل أخرى من أشكال النضال والكفاح لامرأة أخرى أو رجل آخر لإنقاذ الابنة أو الابن من مافيا ما، أو التصدي لمؤامرة سياسية أو اقتصادية ما لعصابة ما، أو لرئيس جمهورية أو مجموعة مرتبطة برئيس الجمهورية أو رئيس الاستخبارات، ونحو هذا من أجهزة حكومية يقوم بعض أفرعها بظلم واعتداء ما.

وهناك تنويعات أخرى من المشكلات والتصدي لها مثل التصدي لتجارة البشر أو الآثار أو سرقة حقوق العمال والفقراء أو المعتدين على البيئة أو لمكافحة نشر الإدمان أو العدوان السيبراني والمؤامرات السيبرانية..الخ.

فالمحصلة أن الأمر كله عندهم إزاء المشكلات الصعبة والتحديات المعقدة يشمل كفاح ونضال وقتل وقتال من قبل صاحب الحق أو المظلوم وينتهي بانتصاره.

بينما عندنا في أغلب روايات  الدراما العربية نواجه نفس هذه النوعية من المشكلات والتحديات بالخمر والإسكار والعبث، وممارسة الجنس الحلال والحرام والقمار أو اللهو والرقص والغناء.

رغم أن من أجدادنا من رددوا:

السيف أصدق أنباء من الكتب

***في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصحائف لا سود الصحائف

***في متونهن جلاء الشك والريب

 

ومن هنا فيمكننا رصد 3 فروق في القيم السياسية الاجتماعية بيننا وبين هذا الغرب الأوروبي الأمريكي وهي:

الفرق الأول- ثقافة المواجهة الكفاحية في التصدي للتحديات والمشكلات الصعبة

فكما رأينا في الأمثلة السابقة فهم يواجهون المشكلات بالكفاح والنضال لحلها، ولو كانت المشكلات أو التحديات عنيفة فهم يواجهونها بما يناسبها من عنف مماثل لعنفها او جهد وعناء مكافئ لصعوبتها وخطرها، بينما عندنا يواجهونها إما بصمت المكتئب أو بهروب إدماني إلى الخمر أو المخدرات أو الجنس والعبث واللهو والغناء.

الفرق الثاني- فرض العدالة بالقوة الفردية ضد بعض التحديات

نجد في ثقافتهم أو قيمهم السياسية سواء في الدراما أو في الواقع العملي التصدي بأفعال قوية للعديد من التحديات بما في ذلك العنف ضد الاعتداء أو العنف الظالم، فتجد امرأة تقتل مختطفها، أو من يحاول الاعتداء عليها، بينما نجد عندنا المرأة -بل والرجل أيضا- تبكي وتصرخ وتتجمد في مكانها ضد العنف والعدوان والظلم.

وهذا مشاهد في حياتهم اليومية، إذ شهدنا في أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا محاولات عملية بأفعال قوية لمنع شحن سلاح أو بضائع لكيان الاحتلال الصهيوني عبر بعض الموانئ والمطارات، ولم نشهد شيئا يشبه هذا في العالم العربي بل ربما والعالم الإسلامي كله.

الفرق الثالث- الاكتفاء بالممارسة الرمزية والشعاراتية عند العرب

والفرق البارز الآخر بين العرب والأوربيين والأمريكان هو تقديس العرب للممارسات الرمزية، وما يصحبها من رفع الشعارات البراقة، لدرجة اعتبار العرب أن الممارسات الرمزية والشعارات البراقة هي بديل كافي عن الإنجاز الفعلي عمليا على أرض الواقع.

وبالإضافة لامتلاء روايات  الدراما العربية بما يشير ويعزز هذه القيم الرمزية والشعاراتية.

ونجد الواقع العربي يصرخ ألما من سيطرة هذه القيم الرمزية عليه، لأنها صارت عند أغلبية العرب هي البديل الكافي عن العمل الفعلي على أرض الواقع.

 ومنذ سنوات قليلة انتشر فيديو لشباب يرقصون في ملهي ليلي ويغنون أغنية تقول “أنا دمي فلسطيني”.

 واشتهر وقتها أنهم صادفوا في هذا الملهي الليلي مجموعة سائحين إسرائيليين (بأحد مدن سيناء)، وكثر الكلام الحماسي والشعاراتي على السوشيل ميديا من قبيل: “شوفوا أصالة الشعب المصري” شوفوا إزاي فاجأوا الإسرائيليين بأغنية أنا دمي فلسطيني… وإلخ إلخ.

ولو تأملت الفيديو لوجدت أن الإسرائيليين يرقصون بحالة طبيعية في نفس الملهي.

فهل ما سيحرر فلسطين هو أن الشباب المصري (في ملهي ليلي) يرقص ويسكر ويغني أنا دمي فلسطيني.

لو كان الغناء الحماسي الوطني سيحرر فلسطين والقدس الشريف لكفانا أغاني وأناشيد حماسية منذ جمال عبد الناصر 1952 وحتى اليوم 2025.

وما صحب ذلك من أناشيد منظمة فتح وفروع منظمة التحرير وأحزاب بعث العراق وسوريا وغيرهما وجماهيرية القذافي وقومي لبنان والأردن والجزائر منذ ستينات القرن العشرين وحتى اليوم (60 عاما على الأقل).

لدينا غناء وطني منذ 75 عاما وحتى اليوم، ورغم ذلك لم تتحرر الأراضي المحتلة في فلسطين، بل زادت لتتوسع إسرائيل وعدوانها الغاشم في سوريا ولبنان وإيران واليمن والدوحة بلا وازع ولا رادع.

ويمكن أن ننتقل من رمزية الأغاني والرقص الوطني إلى رمزية الشجب والتنديد والاحتجاج بالبيانات والعبارات وأقصى الألفاظ والهتافات ونحوها، وكلها لو كانت توزن لبلغت ملايين الأطنان منذ 1948 بل منذ وعد بفور وحتى اليوم في 2025.

لا أريد أن أقلل من قيمة الرموز أو التصرفات الرمزية، ولكني أنتقد تضخيمها بغير حق وترويجها على أنها بديل عن العمل الحقيقي الفعلي والإنجاز الحقيقي على أرض الواقع.

 

العمل في مواجهة التحديات في زمن النبي وفي تاريخ أمجاد المسلمين

لقد خرج عمرو بن سالم الخزاعي بعد عدوان قريش وحلفها على قبيلة خزاعة حلفاء النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة مستغيثين به، فوقف عمرو عليه، وهو جالس في المسجد بين ظهري الناس فقال:

يا رب إني ناشد محمدا … حلف أبينا وأبيه الأتلدا

قد كنتم ولدا وكنا والدا … ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا

فانصر هداك الله نصرا أعتدا … وادع عباد الله يأتوا مدا

فيهم رسول الله قد تجردا … إن سيم خسفا وجهه تربدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا … إن قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا … وجعلوا لي في كداء رصدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا … وهم أذل وأقل عددا

هم بيتونا بالوتير هجدا … وقتلونا ركعا وسجدا

فانصر هداك الله نصرا أيدا

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: « نصرت يا عمرو بن سالم» !.انتهى

 (من: الذهبي، تاريخ الإسلام ج1 ص352.)

فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يطلق أناشيد حماسية ولا شعارات رنانة وإنما فعل فعلا حاسما فجرد جيشا قوامه 10 آلاف فارس وفتح مكة بغتة.

ونفس الشيء في قصة المرأة الهاشمية التي صرخت وا معتصماه عندما أسرها الروم فجرد الخليفة العباسي محمد المعتصم بن هارون الرشيد جيشا فتح به عمورية وحرر المسلمة التي استصرخته.

وفيها قال أبو تمام رائعته المشهورة وافتتحها بالبيت الخالد:

السيف أصدق أنباء من الكتب

***في حده الحد بين الجد واللعب

وهكذا كان المسلمون في زمن مجدهم أهل عمل وأفعال وإنجاز لا أهل رقص وغناء وهتاف وشجب وتنديد واحتجاجات ومظاهرات وسوشيال ميديا.

فاللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.

عبد المنعم منيب

كاتب صحفي وباحث في السياسة والدراسات الإسلامية

عبد المنعم منيب

صحفي و كاتب إسلامي مصري

  • 0
  • 0
  • 49

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً