عدد مرويات أشهر حفاظ السنة

منذ 6 ساعات

عدد مرويات أشهر حفاظ السنة من التابعين وأتباعهم في الكتب الستة

 

أشهر حفاظ السنة النبوية من التابعين وأتباعهم خمسة:

  1. قتادة بن دعامة السدوسي محدث البصرة المتوفى سنة 118 هجرية، كان من أوعية العلم مع كونه ضريرا، وكان مشهورا بالحفظ والإتقان، قال محمد بن سيرين: قتادة من أحفظ الناس. وقال بكر المزني: من سره أن ينظر إلى أحفظ من أدركنا فلينظر إلى قتادة. وقال عبد الرزاق الصنعاني: أنبأنا معمر قال: سمعت قتادة يقول: ما سمعت أذناي شيئا قط إلا وعاه قلبي. وقال أحمد بن حنبل: كان قتادة أحفظ أهل البصرة، لا يسمع شيئا إلا حفظه!

أشهر طلاب قتادة المتقنين الحفاظ: شعبة بن الحجاج وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة، وكلهم من أهل البصرة.

  1. محمد بن شهاب الزهري محدث المدينة النبوية المتوفى سنة 124 هجرية، أول من دوَّن السنة النبوية باستقصاء بأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز، وقد كان الزهري مهتما بتدوينها منذ كان يطلب العلم، روى الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 190) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 333) كلاهما من طريق عبد الرزاق الصنعاني قال: أخبرنا معمر عن صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا وابن شهاب ونحن نطلب العلم فاجتمعنا على أن نكتب السنن، فكتبنا كل شيء سمعنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال الزهري: نكتب ما جاء عن أصحابه، فقلت: لا، ليس بسنة، فقال: بلى هو سنة، قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت. وقال أبو الزناد: كنت أطوف أنا وابن شهاب [أي: لسماع الأحاديث] ومع ابن شهاب الألواح والصحف. وقد كان بعض الصحابة وبعض التابعين غير الزهري يكتبون بعض الأحاديث النبوية من غير استقصاء، أما الزهري فما ترك شيئا سمعه إلا كتبه، قال إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: قلت لأبي: بما فاقكم الزهري؟ قال: كان يأتي المجالس من صدورها ولا يأتيها من خلفها، ولا يُبقي في المجلس شابا إلا ساءله، ولا كهلا إلا ساءله، ولا فتى إلا ساءله، ثم يأتي الدار من دور الأنصار فلا يُبقي فيها شابا إلا ساءله، ولا كهلا إلا ساءله، ولا عجوزا إلا ساءلها، ولا كهلة إلا ساءلها! قال مالك وعبد العزيز الدراوردي: أول من دوَّن العلم وكتبه ابن شهاب الزهري.

أشهر طلاب الزهري المتقنين الحفاظ: مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وعبيد الله بن عمر العمري ومعمر بن راشد وعُقيل بن خالد وشعيب بن أبي حمزة.   

  1. سليمان بن مهران الأعمش محدث الكوفة المتوفى سنة 148 هجرية، قال سفيان بن عيينة: كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض. وقال عمرو بن علي: كان الأعمش يُسمَّى المصحف من صدقه. وقال ابن عمار الموصلي: ليس في المحدثين أثبت من الأعمش. وقال أحمد العجلي: كان الأعمش ثقة ثبتا في الحديث، وكان محدث أهل الكوفة في زمانه.

أشهر طلاب الأعمش المتقنين الحفاظ: سفيان الثوري ومحمد بن خازم الضرير وزائدة بن قدامة وحفص بن غياث ووكيع بن الجراح، وكلهم من أهل الكوفة، ومن غير أهل الكوفة: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ويحيى بن سعيد القطان البصري.  

  1. عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج محدث مكة المكرمة المتوفى سنة 150 هجرية، أول من دوَّن العلم بمكة، قال سفيان بن عيينة: سمعت ابن جُريج يقول: ما دوَّن العلم تدويني أحد. وقال أحمد بن حنبل: كان ابن جُريج من أوعية العلم. وقال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام (3/ 776): وفي هذا العصر شرع علماء الإسلام في تدوين الحديث والفقه والتفسير، فصنَّف ابن جُريج التصانيف بمكة، وصنف سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة، وصنف الأوزاعي بالشام، وصنف مالك الموطأ بالمدينة، وصنف ابن إسحاق المغازي، وصنف معمر باليمن، وصنف أبو حنيفة وغيره الفقه والرأي بالكوفة، وصنف سفيان الثوري كتاب الجامع، ثم بعد يسير صنف هُشيم كتبه، وصنف الليث بمصر، وابن لهيعة، ثم ابن المبارك، وأبو يوسف، وابن وهب. وكثر تدوين العلم وتبويبه، ودُوِّنت كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس، وقبل هذا العصر كان سائر الأئمة يتكلمون على حفظهم أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة، فسهل ولله الحمد تناول العلم.

أشهر طلاب ابن جريج المتقنين الحفاظ: حجاج بن محمد وعبد الرزاق الصنعاني وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد.  

  1. مالك بن أنس الأصبحي المدني إمام دار الهجرة المتوفى سنة 179 هجرية، قال ابن عيينة: مالكٌ عالم أهل الحجاز، وهو حجة زمانه. وقال الشافعي: إذا ذُكِر العلماء فمالكٌ النجم. وقال أحمد بن حنبل: مالكٌ إمام في الحديث وفي الفقه. وقال ابن سعد: كان مالكٌ ثقة ثبتا حجة عالما ورعا. قال الحافظ الذهبي: لم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقه والجلالة والحفظ.

أشهر طلاب مالك بن أنس المتقنين الحفاظ: يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي ومعن بن عيسى وعبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الله بن وهب وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن يحيى النيسابوري ومحمد بن إدريس الشافعي.    

هؤلاء الخمسة: (قتادة والزهري والأعمش وابن جُريج ومالك) هم أشهر حفاظ السنة النبوية من العلماء التابعين وأتباعهم، وقد عددت اسم كل واحد من الحفاظ الأربعة الأولين في كتب الحديث الستة: صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود والنسائي وابن ماجه بواسطة برنامج المكتبة الشاملة على جميع الوجوه، مثل: عن قتادة، حدثنا قتادة، أخبرنا قتادة، حدثني قتادة، أخبرني قتادة، سمعت قتادة، وقتادة، فوجدت هذه النتائج:

  1. اسم قتادة تكرر أكثر من 1500 موضع.
  2. اسم ابن شهاب الزهري تكرر أكثر من 3900 موضع.
  3. اسم الأعمش تكرر أكثر من 1700 موضع، وفي بعض الأسانيد يُقال: عن سليمان، والمراد به الأعمش ولم أحسب ذلك؛ لأنه يكون أحيانا غير الأعمش مثل: سليمان التيمي وسليمان بن يسار.
  4. اسم ابن جريج تكرر 1060 موضع.
  5. لم أتمكن من عد مرويات مالك بن أنس في كتب الحديث الستة لاشتباه أحاديث مالك بأحاديث غيره ممن يسمى مالك كمالك بن دينار ومالك بن مغول ومالك بن إسماعيل، ولا يستطيع الكمبيوتر التمييز بينها، لكن بين أيدينا كتاب الموطأ للإمام مالك الذي ألفه بنفسه، ودوَّن فيه كثيرا من أحاديثه على الأبواب الفقهية، وعدد أحاديث الموطأ كما في طبعة الشيخ خليل شيحا 1942 حديثا تشمل المرفوع والموقوف.  

وما ذكرته ليست إحصائية دقيقة لعدد ما رواه هؤلاء الحفاظ من الأحاديث النبوية والآثار المروية عن الصحابة والتابعين؛ لأن أكثرها روايات مكررة في أكثر من كتاب من الكتب الستة، وبعضها أقوال لهم لا يروونها عن غيرهم، لكن هذه الأرقام الكبيرة تدل على كثرة العلم المروي عن هؤلاء الحفاظ رحمهم الله في الكتب الستة فقط، فلو عددنا روايات كل واحد منهم في سائر كتب الحديث والأجزاء الحديثية وفي كتب التفسير المسندة لوجدناها روايات كثيرة جدا؛ فإن هؤلاء الحفاظ الخمسة أخذوا العلم عن أشهر حفاظ التابعين الذين سمعوا الأحاديث عن الصحابة رضي الله عنهم مباشرة، وأما قتادة فقد أدرك الصحابي أنس بن مالك وسمع منه بلا واسطة، والزهري سمع عشرة من الصحابة الذين تأخر موتهم، وأكثر روايات قتادة والزهري عن كبار التابعين وأواسطهم الذين أدركوا المئات من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

وما من كتاب من كتب الحديث إلا ويروى فيه من طريق هؤلاء الخمسة الحفاظ كثير من الأحاديث النبوية والآثار عن الصحابة والتابعين.

فمثلا مصنف عبد الرزاق الصنعاني المتوفى سنة 211 هجرية فيه 19418 حديثا مرفوعا وموقوفا، وقد عددت ما في مصنف عبد الرزاق لكل واحد من هؤلاء الخمسة الحفاظ فوجدت الآتي:

  1. روى عبد الرزاق الصنعاني عن قتادة 1300 حديث، وغالبها يرويها عبد الرزاق عن شيخه معمر بن راشد عن قتادة.
  2. روى عبد الرزاق الصنعاني عن الزهري 1800 حديث، وغالبها يرويها عبد الرزاق عن شيخه معمر بن راشد عن الزهري، ويروي عبد الرزاق بعضها عن شيخه ابن جُريج عن الزهري.
  3. روى عبد الرزاق الصنعاني عن الأعمش 390 حديث، وغالبها يرويها عبد الرزاق عن شيخه سفيان الثوري عن الأعمش، ويروي بعضها عن شيخيه معمر وسفيان بن عيينة عن الأعمش.
  4. روى عبد الرزاق الصنعاني عن ابن جريج 4900 حديث، وكلها يرويها عبد الرزاق عن شيخه ابن جُريج مباشرة بلا واسطة.
  5. روى عبد الرزاق الصنعاني عن مالك 240 حديث، وكلها يرويها عبد الرزاق عن شيخه مالك بن أنس مباشرة بلا واسطة.  

وعبد الرزاق الصنعاني هو شيخ مشايخ أصحاب الكتب الستة، فالبخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه كلهم يروون عن عبد الرزاق الصنعاني بواسطة من سمع من عبد الرزاق من مشايخهم، وقد عددت مرويات عبد الرزاق الصنعاني في كتب الحديث الستة فوجدتها تبلغ 1020 رواية تقريبا، ومصنف عبد الرزاق الصنعاني مطبوع في عشرة مجلدات كبيرة، وقد جمع لنا فيه عبد الرزاق معظم مروياته، وهي كما تقدم نحو العشرين ألف حديث من الأحاديث المرفوعة والموقوفة.

وأرجو أن يسهل الله لبعض الباحثين جمع مرويات كل واحد من هؤلاء الحفاظ الخمسة، فلو تُجمع روايات وأقوال كل واحد منهم في الحديث والتفسير والفقه والعقيدة والزهد سيكون في ذلك فائدة كبيرة جدا لطلاب العلم، فقد كان كل واحد من هؤلاء العلماء ركن من أركان العلم في بلده، وكثير من الأسانيد تدور على هؤلاء الحفاظ الخمسة رحمهم الله.    

وكتب/ أبو الحارث محمد بن جميل المطري

 

 

محمد بن علي بن جميل المطري

دكتوراه في الدراسات الإسلامية وإمام وخطيب في صنعاء اليمن

  • 1
  • 0
  • 63

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً