التوكل على الله

منذ 21 ساعة

التَّوَكُّلُ صِدْقُ اعْتِمَادِ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي جَلْبِ الْمَصَالِحِ، وَدَفْعِ الْمَضَارِّ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَنْ يَكِلَ الْعَبْدُ أُمُورَهُ كُلَّهَا إِلَى اللَّهِ، وَأَنْ يُحَقِّقَ إِيمَانَهُ بِأَنَّهُ لَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ، وَلَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، إِلَّا هُوَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النِّسَاءِ: ١]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأَحْزَابِ: ٧٠-٧١]؛ أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: التَّوَكُّلُ صِدْقُ اعْتِمَادِ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي جَلْبِ الْمَصَالِحِ، وَدَفْعِ الْمَضَارِّ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَنْ يَكِلَ الْعَبْدُ أُمُورَهُ كُلَّهَا إِلَى اللَّهِ، وَأَنْ يُحَقِّقَ إِيمَانَهُ بِأَنَّهُ لَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ، وَلَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، إِلَّا هُوَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

قَالَ -تَعَالَى-: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الأنعام: ١٧].

وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ؛ عِبَادَةُ الصَّادِقِينَ، وَسَبِيلُ الْمُخْلِصِينَ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّوَكُّلِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَجَاءَ ذِكْرُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ آيَةً، وَهَذَا يُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}[الفرقان: ٥٨].

بَلْ إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- جَعَلَ التَّوَكُّلَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْإِيمَانِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[المائدة: ٢٣].

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: وَلِلتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ ثِمَارٌ عَدِيدَةٌ، مِنْهَا: أَوَّلًا: سِعَةُ الرِّزْقِ؛ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ؛ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا} (صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

ثَانِيًا: التَّوَكُّلُ عَلَى الرَّحْمَنِ يَقِي مِنَ الشَّيْطَانِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[النحل: ٩٩].

ثَالِثًا: التَّوَكُّلُ الْحَقُّ طَرِيقٌ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ؛ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ».

رَابِعًا: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ.

خَامِسًا: التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ عُنْوَانُ الْإِيمَانِ وَأَمَارَةُ الْإِسْلَامِ.

عِبَادَ اللَّهِ: وَالْمُتَأَمِّلُ فِي سِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ يَقِفُ عَلَى قِصَصٍ رَائِعَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَعَ زَوْجَتِهِ وَابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ، حِينَ تَرَكَهُمَا فِي وَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إِذًا لَا يُضَيِّعُنَا.

يَا لَهَا مِنْ كَلِمَةٍ عَظِيمَةٍ، تُنْبِئُ عَنْ إِيمَانٍ عَمِيقٍ، وَتَوَكُّلٍ جَلِيلٍ.

وَقَالَ -تَعَالَى- عَنْ هُودٍ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[هود: ٥٦].

وَلَمَّا فَوَّضَتْ أُمُّ مُوسَى أَمْرَهَا إِلَى اللَّهِ، حَفِظَ وَلَدَهَا وَرَدَّهُ إِلَيْهَا، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}[القصص: ٧].

_________________________________

المصدر: ملتقى الخطباء

  • 3
  • 0
  • 96

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً