معجزة حفظ النبي عليه الصلاة والسلام للقرآن منذ نزوله عليه حتى وفاته

منذ 4 ساعات

والغريب حقا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلوه على الناس غيبا من حفظه ليلا ونهارا، ويعلمه أصحابه في السراء والضراء، فلا يخطئ في قراءته، ولا يضطرب في حفظه!

 

كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب، كما قال تعالى: {{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}} [العنكبوت: 48، 49].

وإن من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم العجيبة حقا أنه بعد أربعين سنة من عمره أتى الناس فجأة بكتابٍ من عند الله، فيه الخبر عن الله وأسمائه وصفاته، وفيه من قصص الأنبياء الأولين، والأمم الماضية، وفيه بعض ما كان يقوله المؤمنون والكافرون، وما كان يسره المنافقون، وفيه أخبار عن أمور مستقبلية وقعت كما أخبر الله بها، وفيه النبأ عما سيكون يوم القيامة، فاشتمل على الأخبار الصادقة والأحكام العادلة.

والغريب حقا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلوه على الناس غيبا من حفظه ليلا ونهارا، ويعلمه أصحابه في السراء والضراء، فلا يخطئ في قراءته، ولا يضطرب في حفظه!

إنها معجزة إلهية، قال الله تعالى: {{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}} [القيامة: 17].

أي: أن نجمعه في صدرك - يا نبينا - فتقرأه على الناس كما أُنزل عليك بلا زيادة ولا نقصان، ولا يشق عليك سرده في أي وقت كان!

 وقال سبحانه: {{سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ}} [الأعلى: 6، 7].

أي: سنقرئك -أيها الرسول- القرآن، ونجمعه في صدرك فلا تنساه طيلة حياتك، إلا ما شاء الله أن ينسيك من الآيات التي كانت تنزل لمصلحة مؤقتة ثم تنسخ بعد ذلك، كما قال تعالى: {{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}} {} [البقرة: 106]، وذلك مثل نسخ استقبال بيت المقدس في الصلاة إلى استقبال المسجد الحرام.

وقد بين الله هذه المعجزة العجيبة بقوله: {{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ}} [الشورى: 24].

 أي: بل أيقول مشركو قريش: اختلق محمد على الله أنه أنزل عليه القرآن، وادعى النبوة من قِبَل نفسه؟ فإن يشأ الله يطبع - يا محمد - على قلبك، فينسيك القرآن الذي جعلك حافظا له، فلا تستطيع قراءته على الناس، ويسلبك العلم الذي آتاك فلا تفقه شيئا.

وقال تعالى: {{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}} {} [يونس: 16].

وقال سبحانه: {{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا}} [الإسراء: 86].

وإن من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أيضا المتعلقة بالقرآن أنه نزل عليه خلال ثلاث وعشرين سنة، فلم يخالف أوله آخره، ولم يحتج إلا تنقيحه وتهذيبه مع نزوله خلال هذه الفترة الطويلة، وتحدى الناس أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة مثله، فما استطاعوا ولن يستطيعوا.

وقد تكفل الله بحفظه، فوفق أصحاب نبيه رضوان الله عليهم لكتابته في المصاحف، وعلَّموا القرآن مَنْ جاء بعدهم كما تعلموه من نبيهم، واستمر المسلمون يتعلمون القرآن جيلا بعد جيل ويقرأونه كما كان يقرؤه النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، فما أعظمها من معجزة باقية خالدة!

محمد بن علي بن جميل المطري

دكتوراه في الدراسات الإسلامية وإمام وخطيب في صنعاء اليمن

  • 1
  • 0
  • 39

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً