الشريعة الإسلامية هي أساس بناء شخصية المسلم وتربيته

منذ ساعتين

مما يجده الناظر في نصوص الشريعة أنها تربي أبناءها على البطولة وتنشئهم على الشجاعة وتزكيهم على مكارم الشهامة.

 مما يجده الناظر في نصوص الشريعة أنها تربي أبناءها على البطولة وتنشئهم على الشجاعة وتزكيهم على مكارم الشهامة.

فالغلام يوجّه إليه التكليف عند البلوغ، فلا يبلغ سنّ الخامسة عشر غالبا حتى يخاطب بالتكاليف، ويؤهل لحمل أمانة امتثال الطاعات والالتزام بالواجبات واجتناب الممنوعات، وهو مأمور بالقيام على من ينفق عليهم من النساء والاطفال والبالغين العاجزين عن التكسب والحيوان المملوك له، إذا استطاع، مأمور بالقيام بنفقة نفسه إذا كان قادرا مكتسبًا يجد عملا وهو غير مكفي.

وهو مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجـهاد، وتقام عليه الحدود إذا اقترف موجباته.
فإذا قارنت ذلك بميوعة العلمانية ورخاوتها التي تجعل الطفولة إلى سنّ الثامنة عشرة، علمت أي فرق بين تربية فتى الإيمان وفتى العلمنة!

بل جاءت الأدلة تهيئ الطفل منذ ولادته ليتخذ الأبطال قدوة!
فينشأ ناشيء الفتيان فينا على الأسوة بأهل الصلاح خاصة من أهل التضحيات، ولذا ثبت في مسلم ﻋﻦ اﻟﻤﻐﻴﺮﺓ ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ، ﻗﺎﻝ: ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻧﺠﺮاﻥ ﺳﺄﻟﻮﻧﻲ، ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﺇﻧﻜﻢ ﺗﻘﺮءﻭﻥ: {ﻳﺎ ﺃﺧﺖ ﻫﺎﺭﻭﻥ}، ﻭﻣﻮﺳﻰ ﻗﺒﻞ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻜﺬا ﻭﻛﺬا، ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﻘﺎﻝ: «ﺇﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻤﻮﻥ بأنبيائهم ﻭاﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ».
وكان النبي ﷺ يسمى أبناء الصحابة بأبطالهم الذين استشهدوا، ولذا ففي الصحيحين أن النبي ﷺ سمى ابن ﺃﺑﻲ ﺃﺳﻴﺪ اﻟﻤﻨﺬﺭ.

وذلك لأن المنذر ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ اﻟﺴﺎﻋﺪﻱ اﻟﺨﺰﺭﺟﻲ، كان قد استشهد قبل ولادته في بئر معونة.
وسمّى عمر بن الخطاب ابنه عاصمًا، بعاصم بن ثابت، وكان قد قتله مشركو هذيل في قصة مشهورة عظيمة من قصص بطولة المؤمنين وإبائهم.
 
ومن ذلك الأمر النبوي بالاعتزاز بالدين كما في قصة وفد بني سحيم لما قال لهم النبي ﷺ: «ارفعوا رؤوسكم إذ رفعكم الله».

والقرآن يذكر المؤمنين بمراتبهم العلية على الجاهلية، قال سبحانه: {وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرࣱ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ}.
فالقرآن والإيمان والسنة شرف لصاحبها، وسوف يُسأل عن هذه الرتبة وتلك النعمة.

ومما هو جار في هذا السياق أن الشرع المطهر قذّر للمؤمن المعصية، لتستخبثها نفسه، فسماها بالقاذورات، حتى يكون المؤمن متنزها عنها تشريفًا لنفسه، وحمية لها، وترفعا بها.

ففي الموطأ مرسلا قال النبي ﷺ: «ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﺁﻥ ﻟﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬﻮا ﻋﻦ ﺣﺪﻭﺩ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺻﺎﺏ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺫﻭﺭاﺕ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻠﻴﺴﺘﺘﺮ ﺑﺴﺘﺮ اﻟﻠﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﻳﺒﺪﻱ ﻟﻨﺎ ﺻﻔﺤﺘﻪ، ﻧﻘﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ».

ومن عجيب الأوامر القرآنية الأمر القرآني بالاستعلاء عند سماع كلام المبطلين، والأمر بالاستعلاء عند مواجهة المبطلين قوله سبحانه:
{وَلَا یَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِیعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ}.

ولا زال هذا الأمر تتوارد عليه نصوص الوحي حتى ترى أن الله سبحانه لما علّم المسلمين صلاة الخوف في سورة النساء عقّبه بما ينفي صفة الخوف والضعف والاستكانة عن المسلم، فقال سبحانه:
{وَلَا تَهِنُوا۟ فِی ٱبۡتِغَاۤءِ ٱلۡقَوۡمِۖ إِن تَكُونُوا۟ تَأۡلَمُونَ فَإِنَّهُمۡ یَأۡلَمُونَ كَمَا تَأۡلَمُونَ}، فنهى عن الضعف والتضعضع في أوقات المآزم.

ومن كريم التطبيقات الفقهية التي أكدت على التربية الرجولية للطفل: تحريم إلباس الصبي قبل بلوغه ما يحرم على الرجل، تربية له على الشهامة التي ﺗﻨﺎﻓﻲ ميوعة من سيلبسها، كما هو مذهب أحمد وغيره من الفقهاء.

وهنا فيعجبني ما قاله سيء الذكر: تشرشل -رئيس وزراء بريطانيا السابق-: العقيدة المحمدية عقيدة نضالية وتبشيرية!

فالمسلم مصطبغ في حياته بالشأن النضالي! حتى لما أراد النبي ﷺ أن يعلم عليًا طريقة من طرق الحفظ؛ ربطه بشأن متعلق بذلك، فعن ﻋﻠﻲ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﻗﻞ اﻟﻠﻬﻢ اﻫﺪﻧﻲ ﻭﺳﺪﺩﻧﻲ، ﻭاﺫﻛﺮ ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻫﺪاﻳﺘﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻭاﻟﺴﺪاﺩ ﺳﺪاﺩ اﻟﺴﻬﻢ»! (رواه مسلم).

وفي سنن أبي داود وأصله في مسلم، أن النبي ﷺ قال لعمرو ﺑﻦ ﻋﺒﺴﺔ اﻟﺴﻠﻤﻲ: «صلّ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ -أي من الليل-، ﻓﺈﻥ اﻟﺼﻼﺓ ﻣﺸﻬﻮﺩﺓ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ، ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻠﻲ اﻟﺼﺒﺢ، ﺛﻢ ﺃﻗﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ، ﻓﺘﺮﺗﻔﻊ ﻗﻴﺲ ﺭﻣﺢ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻄﻠﻊ ﺑﻴﻦ ﻗﺮﻧﻲ ﺷﻴﻄﺎﻥ».
فجعل القياس بالرمح دون غيره.
والله أعلم

____________________________________
الكاتب: د. محمد آل رميح

  • 0
  • 0
  • 17

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً