النِّعَمُ الْمَنْسيّةُ عُقوبَةٌ ربّانيّة

منذ 3 ساعات

من أعظم الذنوب وأبغضها عند الله: نسيانُ العبد شكر ما أنعم الله عليه من النّعم الدّينيّة أو الدّنيويّة، وقد ذكَر تعالى نسيان النعم والطاعات في معرض الذمّ.

من أعظم الذنوب وأبغضها عند الله: نسيانُ العبد شكر ما أنعم الله عليه من النّعم الدّينيّة أو الدّنيويّة، وقد ذكَر تعالى نسيان النعم والطاعات في معرض الذمّ.

فالله تعالى يغضب ممن يعطيه نعمة ثم ينسى شكرها، ويمنّ عليه بالطاعة فيهجرها حتى ينساها..
وعلاج هذا النسيان بأمور ذكرها الله تعالى في كتابه:
الأمر الأول: الإيمان والقبول لشريعة الرحمن، قال تعالى: {فَلَمَّا ‌نَسُوا ‌مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}.
وفي هذا إشارة إلى أنّ من أسباب النسيان الغفلة والإعراض عن الدّين.

الأمر الثاني: قوة العزيمة على شكر النعم والقيام بالطاعات، قال تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ ‌فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}.
وفي هذا إشارة إلى أنّ من أسباب النسيان ضعف العزيمة..

الأمر الثالث: مجالسة الصالحين، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا ‌يُنْسِيَنَّكَ ‌الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)}.
وفي هذا إشارة إلى أنّ من أسباب النسيان مجالسة أهل الغفلة والسخرية..

الأمر الرابع: كثرةُ ذكر الله تعالى، قال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ ‌إِذَا ‌نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا}.
وفي هذا إشارة إلى أنّ من أسباب النسيان عدم ملازمة ذكر الله..

الأمر الخامس: ملازمة العلم قراءةً وكتابة، قال تعالى في سورة القلم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي ‌عَلَّمَ ‌بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}.

فأول ما طرق أذنَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: {اقْرَأْ.. اقْرَأْ.. ‌عَلَّمَ ‌بِالْقَلَمِ.. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ}..
فالقراءة والكتابة أصلُ العلم، والعلمُ لا يكون نافعًا إلا ما أُخذ من مصْدره، وهو الله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ}..
وتكْرارُ الأمر بالقراءة، وتكرار ذكر العلم: يُشير إلى ملازمة العلم قراءةً وكتابة، فمن لم يُلازمه نسي شكر النعم ونسي العلم والعمل به، فوقع فيما يكرهه الله ويُبغضه..
فمن توفيق الله للعبد أن يلازم قراءة ما ينفعه من العلم النافع، وأعظم العلوم النافعة: القرآن..

وأنْ يلازم الكتابة:
- فيكتب ما تعلّمه من الواجبات والمستحبّات؛ ليحفظها ويُراجعها لئلا ينساها.
- ويكتب نعم الله عليه حتى يستحضر على الدوام شكرها، فإنّ تذكّر النعم يورث شكرها، وقد أمر الله تعالى كثيرًا بتذكّر نعمه على عباده، كقوله: {اذْكُرُوا ‌نِعْمَةَ ‌اللَّهِ ‌عَلَيْكُمْ}.
- ويكتب العبر التي مرّت عليه وحصلت له؛ لتكون حاضرة في ذهنه على الدوام فيشكرها، ويَطَّلع عليها غيرُه فيعتبر بها.
قال السعدي رحمه الله: "الكتابة من أعظم نعم الله على عباده؛ ولهذا امتن تعالى على عباده بتعليمهم بالقلم في أول سورة أنزلها".
فمن هجر العلم قراءةً وكتابة عُوقب بنسيان الطاعة وشكر النّعم..
وتِجَارَةُ الدنيا تعتمد على الكتابة؛ لئلا تكون عرضةً للخسارة، فكذلك تِجَارَةُ الآخرة تعتمد على الكتابة؛ لئلا تكون عرضةً للخسارة..
ومما يُعينك على شكر نعم الله عليك: استشعارك منّة الله عليك بها، فهي ليست بحولك ولا بقوتك ولا ذكائك، بل هو الذي أعطاك وآواك وأغناك وستر عليك، كما قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ ‌مِنْ ‌نِعْمَةٍ ‌فَمِنَ}، وألا تنظر في أمور الدنيا إلى من هو فوقك، وإنما تنظر إلى من هو تحتك وأقلّ منك.
والله تعالى أعلم.

  • 0
  • 0
  • 43

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً