يا أحبابَنا في الشَّام

منذ 2012-03-16

ظَلامُ الصَّمتِ يعصِفُ باللَّيالي *** ويفتِكُ بالنُّجومِ وبالهِلالِ <br> كأنَّ العالَم المأفُونَ أعمَى *** أصمُّ فمَا يَرى سُوءَ الفِعالِ




ظَلامُ الصَّمتِ يعصِفُ باللَّيالي *** ويفتِكُ بالنُّجومِ وبالهِلالِ

كأنَّ العالَم المأفُونَ أعمَى *** أصمُّ فمَا يَرى سُوءَ الفِعالِ

"حمَاةٌ" تشْتكِي البَاغِي و"حِمْصٌ" *** و"دَرعةٌ" تشْتَكي و"أبو كمَالِ"

و"دير الزَّورِ" تشكو جور باغٍ *** و"إدلِبَ" و"المَعَرَّةُ" في اعتِلالِ

وفي "مصيافها" جرحٌ عميقٌ *** و"جسرُ شُغُورها" في شرِّ حالِ

وأمَّا "بانياسُ" فقد دَهَاها *** "كدُومَةَ" ما يدلُّ على اختلالِ

و"قامِشْلي" و"تَدْمُرُ" في عناءٍ *** وكُلُّ مدائِنِ الشَّامِ الغوالي

وفي وسطِ البلادِ لهيبُ نارٍ *** وفي أقْصَى السَّوافِلِ والعَوَالي

بلادُ الشَّامِ من شرقٍ لغربٍ *** تئنُّ، ومِنَ جنوبِ للشِّمالِ

ومَا في جَوْقَةِ العلَوِيِّ إلاَّ *** ثَعَالِبُ أو ذئابٌ أو سَعَالي

وما فيها سِوى النمْرودِ يقضي *** وأبرهَةٌ، وغدرُ أبي رِغَالِ

بأرْضِ الشَّامِ مُحْتَلٌّ عنيدٌ *** تمرَّسَ في التَّآمُرِ والجِدالِ

حَليفٌ لليَهُودِ وإن تَوَارى *** وَرَاءَ جِدارِ زُورٍ واحتِيالِ

تراهُ على مَدَى خمسين عاماً *** يُبارِكُ لليَهودِ بالاحتِلالِ

بَنَى أحلامَهُ كَذِباً وزُوراً *** على دَعْوى التَّمنُّعِ والنِّضالِ

وأيُّ تمنُّعٍ واللِّصُّ يَمْشي *** على جُولانِنا مَشْيَ اختِيالِ

وجامِعةُ العُروبةِ سُلْحَفاةٌ *** تُجَرْجِرُ خطْوَها فوقَ الرِّمالِ

ترى الأحداثَ كالإعصارِ تجْري *** ومَا عزَمَتْ على شدِّ الرِّحالِ

ومَجْلِسُ خوفِ عالمِنا صريعٌ *** على بَابِ التَّحَاوُرِ والجِدالِ

وهيئَتُهُم مُكبَّلَةُ الأيادي *** أمامَ الشَّامِ ضيِّقَةُ المَجَالِ

إذا اجْتَمعوا أُصِيبُوا بالتَّراخي *** وبالرَّأي المُفنَّدِ والخَبَالِ

كأنَّ دِمَاء أهلِ الشَّامِ نهرٌ *** هُلامِيٌّ تسلْسَلَ في الخيالِ

وليسَ حقيقةً تجري عياناً *** بياناً في السُّهُول وفي التِّلالِ

أَيا أحبابِنا في الشَّامِ إنِّي *** أُشاهِدُ مَصْرَعَ الباغِي حِيَالي

وأُبصِرُ في رُبوعِ الشَّامِ فجراً *** سينْسِفُ ليلَ تُجَّار الضَّلالِ

أيا أحْبابَنا في الشَّامِ صَبْراً *** على هذا التَّخاذُلِ والهُزالِ

أشِيحوا بالوُجُوهِ عنِ الدَّعاوى *** وعن هَذا التَّذَبْذُبِ في المقَالِ

دعوا تلكَ المجَالِسَ واترُكوها *** لأصحابِ السِّيادَةِ والمَعالي

ولُوذوا بالَّذي يحْمِي ضعيفاً *** ويهزمُ باغِياً، رَبِّ الجَلالِ

ولا تخْشوا مُكاثَرَةَ الأعادي *** وخَشْخَشَةَ الزَّواحِفِ والسَّحالي

فعِندَ اللهِ نصْرٌ حينَ يأتي *** سينْقُضُ ما تشَابَكَ من حِبالِ

 

 

عبد الرحمن بن صالح العشماوي

الشاعر المعروف أستاذ النقد الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود

  • 2
  • 1
  • 4,589

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً