تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (ط. العلمية)

منذ 2015-03-19

المؤلف: إسماعيل بن عمر بن كثير.

تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (ط. العلمية)

تفسير القرآن العظيم - تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير للإمام الحافظ بن كثير (المتوفى سنة 774 هجرية) من أهم وأشهر ما دون في التفسير المأثور، وهو في هذه الناحية يعتبر الكتاب الثاني بعد كتاب ابن جرير الطبري. مع صغر حجمه ووجازة لفظه وشمول معانيه، ويحظى بقبول واسع بين الناس خاصة وعامة.

أهم مميزات تفسير ابن كثير

اختار الإمام ابن كثير أحسن الطرق في تفسير القرآن الكريم مثل الرواية عن مفسري السلف .. وتفسير ( القرآن بالقرآن ) .. وتفسير ( القرآن بالسنة ) والأحاديث والآثار المسندة إلى أصحابها .. وكذلك تفسير ( القرآن بأقوال الصحابة والتابعين. ) .. كما اهتم الإمام ابن كثير اللغة وعلومها .. واهتم بالأسانيد ونقدها واهتم بذكر القراءات وأسباب النزول.

المنهاج

قدم ابن كثير مؤلفه بمقدمة طويلة هامة .. تعرض فيها لكثير من الأمور التي تتعلق بالقرآن الكريم وتفسيره .. ولكن أغلب هذه المقدمة مأخوذ بنصه من كلام شيخه ابن تيمية الذي ذكره في "مقدمته في أصول التفسير" ... ويمتاز ابن كثير في طريقته بأن يذكر الآية .. ثم يفسرها بعبارة سهلة موجزة .. وإن أمكن توضيح الآية بآية أخرى ذكرها .. وقارن بين الآيتين، حتى يتبين المعنى ويظهر المراد منه. وهو شديد العناية بهذا النوع من التفسير الذي يسمونه ( تفسير القرآن بالقرآن ) .. وهذا الكتاب أكثر ما عرف من كتب التفسير سرداً للآيات في المعنى الواحد .. ثم بعد أن يفرغ من هذا كله .. يشرع في سرد الأحاديث المرفوعة التي تتعلق بالآية .. ويبين ما يحتج به منها .. ثم يردف هذا بأقوال الصحابة والتابعين ومن يليهم من علماء السلف.

ونجد ابن كثير يرجح بعض الأقوال على بعض .. ويضعف بعض الروايات .. ويصحح بعضاً آخر منها .. ويعدل بعض الروايات ويجرح بعضاً آخر .. وهذا يرجع إلى ما كان عليه من المعرفة بفنون الحديث وأحوال الرجال.

يمكن حصره منهج ابن كثير في "تفسيره" في ثلاث خطوات:

الأولى: اعتماده تفسير القرآن الكريم على المأثور؛ فهو أولاً يفسر الآية بآية أخرى، وهو في هذا شديد العناية، وبارع إلى أقصى غاية في سرد الآيات المتناسبة في المعنى الواحد. ثم بعد ذلك يشرع في سرد الأحاديث المتعلقة بالآية المراد تفسيرها، ويبين ما يُقبل من تلك الأحاديث وما لا يُقبل. ثم يشفع هذا وذاك بذكر أقوال الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم من أهل العلم، ويرجِّح ما يراه الأرجح، ويُعْرِض عن كل نقل لم يصح ثبوته، وعن كل رأي لم ينهض به دليل .

الثانية: وهو مما امتاز به - أن ينبِّه إلى ما في التفاسير من منكرات المرويات الإسرائيلية؛ فهو مثلاً عند تفسيره لقصة البقرة، وبعد أن يسرد الروايات الواردة في ذلك نجده يقول: "...والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا..." وقد حدد موقفه من الروايات الإسرائيلية، فقال: " وإنما أباح الشارع الرواية عنهم، في قوله صلى الله عليه وسلم: (... وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ...) فيما قد يُجوِّزه العقل، فأما فيما تحيله العقول، ويحكم فيه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه فليس من هذا القبيل".

الثالثة: تظهر من خلال التعرف على موقفه من آيات الأحكام، إذ نجده ينقل أقوال أهل العلم في مسائل الأحكام، مشفوعة بأدلة كل منهم، ثم يُرجِّح من أقوالهم ما يرى أن الدليل يدعمه، أو أن السياق يؤيده؛ وهو في كل ذلك مقتصد غير مسرف، ومعتدل غير مفرط .

ابن كثير والمسائل الفقهية

يلاحظ على ابن كثير أنه يدخل في المناقشات الفقهية ويذكر أقوال العلماء وأدلتهم عندما يشرح آية من آيات الأحكام. ومن الأمثلة على ذلك تفسيره قوله تعالى في {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [2:185]، فإنه ذكر أربع مسائل تتعلق بالآية، وذكر أقوال العلماء وأدلتهم على ما ذهبوا إليه.

وهكذا نجد أنه يدخل في خلافات الفقهاء، ويخوض في أدلتهم ومذاهبهم كلما تكلم عن آية لها تعلق بالأحكام، ولكنه مع هذا مقل مقتصد لا يسرف كما أسرف غيره من المفسرين.

تاريخ كتابته

لم يحدد الحافظ ابن كثير تاريخ بدايته في كتابة هذا التفسير ولا تاريخ انتهائه منه. لكن ثمة دلائل تدل على تاريخ انتهائه منه، فإنه ذكر عند تفسير سورة الأنبياء شيخه المزي ودعا له بطول العمر مما يفهم منه أنه قد ألف أكثر من نصف التفسير في حياة شيخه المزي المتوفى سنة (742 هـ).

واقتبس منه الإمام الزيلعي في كتابه تخريج أحاديث الكشاف (2-180) والزيلعي توفي سنة (762 هـ)، مما يدل على أن كتاب الحافظ ابن كثير انتشر في هذه الفترة.

هذا وتعتبر النسخة المكية أقدم النسخ التي وقعت بأيدينا، وقد جاء بآخرها: "آخر كتاب فضائل القرآن وبه تم التفسير للحافظ العلامة الرحلة الجهبذ مفيد الطالبين الشيخ عماد الدين إسماعيل الشهير بابن كثير، على يد أفقر العباد إلى الله الغني محمد بن أحمد بن معمر المقري البغدادي، عفا الله عنه ونفعه بالعلم، ووفقه للعمل به آمين.... بتاريخه يوم الجمعة عاشر جمادى الآخرة من سنة تسع وخمسين وسبعمائة هلالية هجرية".

أهميته

شهد تفسير الحافظ ابن كثير قبولا وانتشارا، فلا تكاد تخلو منه اليوم مكتبة سواء كانت شخصية أو عامة. وقد نهج الحافظ ابن كثير فيه منهجًا علميًا أصيلا وساقه بعبارة فصيحة وجمل رشيقة، وتتجلى لنا أهمية تفسير الحافظ ابن كثير،، في النقاط التالية:

  • ذكر الحديث بسنده.
  • حكمه على الحديث في الغالب.
  • ترجيح ما يرى أنه الحق، دون التعصب لرأي أو تقليد بغير دليل.
  • عدم الاعتماد على الإسرائيليات التي لم تثبت في كتاب الله ولا في صحيح سنة رسول الله، وربما ذكرها وسكت عليها، وهو قليل.
  • تفسيره ما يتعلق بالأسماء والصفات على طريقة سلف الأمة، رحمهم الله، من غير تحريف ولا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل.
  • استيعاب الأحاديث التي تتعلق بالآية،

رأيه في الإسرائيليات

للحافظ ابن كثير كلمات قوية في شأن الإسرائيليات وروايتها، وتفسيره يعد من الكتب الخالية من الإسرائيليات، اللهم إلا القليل الذي يحكيه ثم ينبه عليه، والنادر الذي يسكت عنه، وقد نبهت عليه في الحاشية.

ومن كلماته في الإسرائيليات قال في مقدمة تفسيره -بعد أن ذَكر حديثَ "بلّغُوا عنِّي ولو آيةً، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَجَ، ومن كذب عليّ متعمدًا فليتبوأْ مقعده من النار"-: "ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تُذكر للاستشهاد، لا للاعتضاد. فإنها على ثلاثة أقسام:

  • أحدها: ما علمنا صحتَه مما بأيدينا مما نشهدُ له بالصدق، فذاك صحيح.
  • والثاني: ما علمنا كذبَه بما عندنا مما يخالفه.
  • والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمِنُ به ولا نكذّبه، وتجوزُ حكايتُه لما تقدّم. وغالبُ ذلك مما لا فائدة فيه تعودُ إلى أمرٍ دينيّ. ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا، ويأتي عن المفسرين خلافٌ بسبب ذلك.

فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى في الآية (67) وما بعدها من سورة البقرة:(إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) إلى آخر القصة، نراه يقص لنا قصة طويلة وغريبة عن طلبهم للبقرة المخصوصة وعن وجودهم لها عند رجل من بني إسرائيل، ويروي كل ما قيل في ذلك عن بعض علماء السلف، ثم بعد أن يفرغ من هذا كله يقول:(وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدي وغيرهم فيها اختلاف، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا. والله أعلم).

ثناء أهل العلم على التفسير

قال السيوطي : وله (أي ابن كثير) التفسير الذي لم يؤلف على نمطه مثله.

وقال الشوكاني : وله التفسير المشهور وهو في مجلدات وقد جمع في فأوعى ونقل المذاهب والأخبار.

وقال أحمد شاكر في عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير : وبعد فإن تفسير الحافظ ابن كثير أحسن التفاسير التي رأينا، وأجودها وأدقها بعد تفسير إمام المفسرين أبي جعفر الطبري. والله أعلم.

  • 48
  • 4
  • 147,371
  • التصنيف:
  • المحقق: المحقق: محمد حسين شمس الدين
  • عدد الأجزاء: 9
  • الناشر: دار الكتب العلمية
  • سنة النشر: 1419 - 1998
  • رقم الطبعة: 1

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً