قضايا البيئة من منظور إسلامي
د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
قال الله تعالى في محكم تنزيله: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]؛ جاء في تفسير ابن كثير: "ومعنى قوله تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ أي: بان النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي.
وقال أبو العالية:
مَنْ عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض؛ لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة؛ ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود: "لَحَدٌّ يقام في الأرض أحبّ إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحا". والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت، انكف الناس -أو أكثرهم، أو كثير منهم -عن تعاطي المحرمات، وإذا ارتكبت المعاصي كان سببا في محاق البركات من السماء والأرض؛ ولهذا إذا نزل عيسى ابن مريم عليه السلام، في آخر الزمان فحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت، من قتل الخنزير وكسر الصليب ووضع الجزية، وهو تركها - فلا يقبل إلا الإسلام أو السيف، فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه ويأجوج ومأجوج، قيل للأرض: أخرجي بركاتك. فيأكل من الرمانة الفئَام من الناس، ويستظلون بقَحْفها، ويكفي لبن اللّقحة الجماعةَ من الناس. وما ذاك إلا ببركة تنفيذ شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلما أقيم العدل كثرت البركات والخير؛ [ولهذا] ثبت في الصحيح: "إنَّ الفاجر إذا مات تستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب".
يناقش د. "حسني حمدان" قضايا البيئة من منظور إسلامي عقدي، فالله استخلف الإنسان في الأرض ليستمتع فيها بكل ما أباحه له الشره، ومن ثم وجب على الإنسان أن يحفظ أمانة الاستخلاف، فيراعي التوسط والاعتدال، وألا يفجر في الأرض، ويفسد فيها، بل ينهى عن الفساد، ويحرص الإسلام على عمارة الأرض والسعي فيها والأمر بالتعاون على البر والتقوى، والحرص على ثروات الأرض المختلفة وعدم إهدارها وحفظها للأجيال القادمة.
قال تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].
وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 85].
- التصنيف: