أوقن أننا لن نجتمع لكني لم أستطع نسيانه!!

منذ 2017-08-07
السؤال:

دخل حياتي شخص جعل كل شيء جميلاً من حولي، دائمًا ما كنت أبحث عن سبب اختلافه عن الآخرين ولم أجد جوابًا، كان كل يوم يمر يزداد تعلقنا ببعضنا، ولكن فجأة أصبحت له رغبة مستميتة للزواج، وكنت رافضة تمامًا حتى أكمل تعليمي الجامعي، لكن حبي له جعلني أوافق، لا بل أتخيل كيف ستكون طبيعة حياتنا. هو من بلد خليجي آخر، لكني كنت أقابله بين الحين والآخر، اختار أن يحدث والدي، ولكن والدي تصداه ورفض حتى أن يستمع!

مرت الأيام وقرر أن يتزوج من أخرى، تبين فيما بعد أنه كان خاطبًا لها قبل أن يعرفني، وتزوج، ومرت سنين طويلة، ولكنه لم ينقطع، فبين الحين والآخر يرسل أحاديث تنم عن الغضب لأمور اختلفنا فيها، ولكن بعد أن تبين منها بات مراقبًا من وراء الستار، بين الحين والآخر يشارك أحاديث لا تتعدى الخمس الدقائق، وعندما سألته لم بين الحين والآخر؟ يرسل لي فيقول: إنه لا يعلم.

كلانا يعلم بأنه من الصعب أن نكون سويًا، ولكن لم أستطع أن أنساه مهما حاولت.

أوقن بقضاء الله وقدره، لكن الألم والحب يقسوان على قلبي، تارة أعيش حياة مشغولة بعيدة عنه حتى تأتي تلك اللحظة التي تعيدني للصفر، فما الحل؟

الإجابة:

ابنتي الغالية!

بدايةً: نُذكّرك بأنّ هذه العلاقة التي أقمتها مع هذا الرّجل علاقةٌ محرّمةٌ؛ لأنّه رجلٌ أجنبيّ عنك، ولا يجوز للمرأة أن تُقيم أيّة علاقة غرام خارج إطارها الشّرعيّ الذي هو الزّواج الصّحيح؛ ولذلك ندعوك إلى أن تتوبي إلى الله تعالى وتستغفريه، وتسعي في إصلاح علاقتك به؛ فإنّ من أصلح علاقته بالله؛ أصلح الله علاقته بغيره، وجعل كلّ شيءٍ من حوله يدور في تحقيق راحته وسعادته.

وبخصوص ما سألت عنه؛ فإنّ أفضل حلّ لمشكلتكما هو الزّواج؛ لما رواه ابن ماجه عن ابن عبّاس قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: إنّ عندنا يتيمةً، وقد خطبها رجلٌ مُعدِمٌ، ورجلٌ مُوسرِ، وهي تهوى المُعدِم، ونحن نهوى الموسر؟! فقال -صلّى الله عليه وسلّم-: «لم يُر للمُتحابّين مثلُ النّكاح»؛ فزواجكما على هذه الحال هو أفضل ما يُمكن نصيحتكما به، ولأن زواجك من هذا الرّجل في الظّرف الحاليّ غيرُ مُتيسّر حسبما فهمنا من كلامك؛ فإنّنا نُشير عليك من أجل التّخفيف من حدّة هذا التعلّق بما يُشار به على كلّ من ابتُلي بالحبّ ولم يقدر على الوصول إلى محبوبه:

1ـ استعيني بالدّعاء؛ فهو خيرُ عون لك على تخطّي هذه المرحلة، واستعيضي عن حبّ العبد بحبّ الله تعالى؛ فإنّ الإنسان كلّما استغرق في حبّ الله استغنى عن محبّة ما سواه؛ لأنّه الحبّ الحقيقيّ الخالص الذي يُورث السّكينة ويجلب الرّاحة ويدوم للأبد، وأمّا حبّ العبد؛ فهو ذاتيٌّ وعرضةٌ للتقلّب بين لحظة وأخرى؛ فإذا كنت تريدين التخلّص من هذا الحبّ الذي ملك قلبك؛ فعليك بالدّعاء والإلحاح على الله أن يُذهبه عنك ويُخرجه من قلبك؛ لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال فيما صحّ عنه: «إنّ قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرّحمن يُقلّبها كيف شاء».

2ـ اقطعي علاقتك نهائيًّا بهذا الرّجل الذي تعلّقت به، واتركي كلّ الأسباب التي تُؤدّي إلى زيادة الألفة معه؛ كما ننصحك بالتخلّص من أيّ شيءٍ يُذكّرك به، وغيّري أنت أيضا أرقامك وعناوينك؛ حتى لا يتمكّن من الوصول إليك؛ فينكأ فيك الجُرح من جديد، ويُطيل فترة معاناتك من هذا التعلّق الذي لا يُرى لنفقه نورٌ في الأفق.. بالتأكيد ستتعبين في بداية الأمر، ولكنّك ستحمدين العاقبة قطعًا، وتيقّني بأنّ الزّمن جزءٌ في علاج مشكلتك، وهو كفيلٌ بتخفيف حدّة ذلك التعلّق، وصرف قلبك عنه نهائيًّا، خصوصًا إذا شُغل بحّب حلال آخر.

3ـ خاطبي عقلك الباطنيّ، واسلكي معه ما يُعرف بأسلوب الإلغاء الذّاتيّ للذّكريّات والوقائع، وهو أسلوبٌ معروفٌ عند أطباء النّفس في مُعالجة بعض الأعراض العاطفيّة الحادّة التي يصعب على الإنسان أن يتخلّص منها بمُفرده، ولا مانع من مراجعة بعضهم والاستعانة بهم بعد الله في التّخفيف من آثار تلك العلاقة العاطفيّة التي مرّت بك.

4ـ أشغلي نفسك بما ينفعك في أمر دينك أو دنياك، ولا تُعرّضيها للفراغ؛ فإنّ الفراغ للرّجال غفلةٌ، وللنّساء غِلمةٌ؛ فأكثري من قراءة القرآن وحفظه، ومطالعة كتب العلم وآدابه، وانسجي علاقات أخويّة متينة مع الصّالحات من بنات جنسك؛ فإنّ الشّيطان من الواحد قريب، ومن الجماعة أبعد؛ وصدق نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم- عندما قال: «عليكم بالجماعة؛ إنّما يأكل الذّئب القاصية».

5ـ قلّلي ما أمكنك من خَلوتك ووحدتك؛ فهي مجلبةٌ للأفكار الرّديئة والخواطر المُتعبة، واخرجي مع المقرّبات من صديقاتك في نزهات ورحلات وزيارات؛ فذلك يجعلك تغفلين ولو مؤقّتًا هذه المشاعر التي تملّكت قلبك؛ وإذا كان لك هوايات مشروعةٌ فحاولي ممارستها والانشغال بها؛ فإنّ [لكلّ إنسان منّا العديد من الهوايات التي يُحبّها، ويُحاول دائما ممارستها؛ وهذا الأمر سوف يُؤدي إلى تناسي مشاعر الحبّ ولو قليلا].

 

ابنتي الفاضلة!

أنت فتاة في بداية عمرك وزهرة حياتك، والمستقبل أمامك مفتوحٌ على مصراعيه؛ فأعطي لنفسك فرصةً كي تُحِبّ وتُحَبّ من جديد؛ ووسّعي قلبك ولا تربطيه بهذا الحبّ، ولا تضيّعي أيّامك في الجري وراء السّراب! وتذكّري دائمًا بأنّ الصّالحين كثرٌ، ويوجد فيهم من سيحبّك ويتقدّم لخطبتك، ويكون لك نعم الزّوج المحبّ! فافتحي قلبك، وتأمّلي الخير من حولك.

كان الله معك وأصلح لك بالك.

 

المستشار: أ.د. محمد سماعي

  • 6
  • 0
  • 15,822

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً