ثواب الإنسان على العمل مع جهل ثوابه

منذ 2015-09-03
السؤال:

السلام عليكم:

السؤال الأول: هل يُكتب للإنسان بفضل الله تعالى وكرمه ورحمته ثواب الأعمال حتى وإن كان يجهله أو لا يستحضر النية كل مرة أثناء القيام بالعمل؟
مثال: الشخص الذي لا يعرف ثواب من غسّل واغتسل، وتطيّب ولبس أجمل الثياب، وبكّر وابتكر، ومشي ولم يركب إلى صلاة الجمعة، ودنا من الإمام وأنصت ولم يلغُ: فهل يُكتب له الثواب العظيم لهذا العمل حتى وإن لم يكن يعلمه، وحتى وإن لم يكن مستحضرًا  النية في القيام بهذا العمل من أجل هذا الثواب الكبير؟

السؤال الثاني: ما مدى صحة القول: "من أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معاً فعليه بالقرآن"؟ وهل هو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وإن كان حديثًا صحيحًا كيف نطبقه بالطريق الأمثل لنسعد في الدنيا والآخرة؟ وإن لم يكن صحيحًا عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فهل هناك من أحاديث صحيحة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الإطار يمكن أن نستفد منها في حياتنا وآخرتنا بإذن الله تعالى؟

السؤال الثالث: ما هي جملة الأعمال التي نقدر على فعلها بحول الله وقوته وتقربنا من الله عز وجل وترضيه عنا سبحانه وتعالى؟
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال الأول: نعم ينال الإنسان ثواب العمل ولو لم يعلم هذا الثواب، ما دام قد نوى التقرب إلى الله تعالى بالعمل، والشواهد على هذا من الأحاديث كثيرة، والشرط أن ينوي التعبُّد لله تعالى بالفعل الذي يفعله أو القول الذي يقوله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمالُ بالنياتِ» (صحيح البخاري  [3430]). 

وأما السؤال الثاني: فالمقولة المشتهرة عند العلماء هي: (من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أرادهما فعليه بالعلم) وهذا ليس حديثًا نبويًّا، ولكنها مقولة مشتهرة عند العلماء من كلام بعضهم، وهي صحيحة المعنى، فإن الله تعالى عنده خزائن السموات والأرض، فمن أراد خيري الدنيا والآخرة فليتوجَّه إليه بالعمل الصالح. وأعظم الأعمال وأحبها إلى الله تعالى تعلم العلم الشرعي، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه: {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النساء :134]. وهذا هو المراد بهذه العبارة، فالعلم مفتاح للخيرات في الدنيا والآخرة.
وبعض الناس قد يطلب العلم للوصول إلى الدنيا فقط فينال ما يُريده، لأن الله تعالى جعل العلم من الأسباب التي تترتَّب عليها الأرزاق، ولكن مُريد الدنيا فقط ينال حظه ممَّا أراد إذا كان الله قد قدَّر له، ثم هو محروم من الثواب الآجل المرتَّب على هذا العلم، بل هو معرِّض نفسه لأشد العقاب عند الله، فإن العلم الشرعي لا يجوز أن يُطلب لإرادة الدنيا وحدها.

وأما السؤال الثالث: وهو عن الأعمال التي تُقربنا إلى الله تعالى، فالأعمال الصالحة كثيرة، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: «وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضته عليه» ثم قال: «ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّه» (صحيح الجامع  [10320]).​ فالواجب على الإنسان أن يتعلَّم ما فرض الله تعالى عليه فعله فيفعله، وما فرض الله تعالى عليه تركه فيتركه، ثم يتعلم نوافل الأعمال، وقد شرع الله تعالى نوافل الأعمال لكل جنس من الفرائض؛ فهناك صلوات نافلة، وهناك صدقات نافلة، وصوم نافلة، وحج نافلة، وعمرة نافلة ... وهكذا. فيُكثر من التقرب إلى الله تعالى بالنوافل، فهي سبيل المحبة كما أخبر الله في هذا الحديث القدسي.

فنصيحتنا لك أن تتعلم العلم الشرعي، وأن تبذل وقتًا وجهدًا لتعلم دينك، فإن العلم دليل على الخيرات.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يوفقك لكل خير.
------
الشيخ/ أحمد الفودعي.

  • 4
  • 0
  • 9,457

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً