يرفضون زواجي، فهل أخبرهم بما حدث بيننا؟

منذ 2014-03-19
السؤال:

أنا فتاةٌ في منتصف العشرينيات مِن عمري، تعرَّفتُ إلى شابٍّ وأحَبَّ كلٌّ منا الآخر، واتفقنا على الزواج.

علِمَتُ والدتي أني على علاقةٍ بهذا الشابِّ، فرفضتْ، وقالتْ لي: اتركيه، لكني رفضتُ لأني أُحبه، واستمرَّتْ علاقتي به، وكانتْ علاقةً محترمةً. أخبرتُ أبي برغبة الشابِّ في التقدُّم لي، فقال: لا بد أن تكونَ لديه شقَّة، فأبلغتُ الشاب بذلك، فوَعَدني بتوفير الشقَّة خلال أشهر قليلة.

في هذه المدة تقدَّم لي أكثرُ مِن شابٍّ للخطبة، ولكني رفضتُهم جميعًا مِن أجْل مَن أُحِبُّ، وكانتْ أمي تضربني بعد كلِّ رفْضٍ مني، وكنتُ أحيانًا أرفُض مُقابلة الخاطب، فتضربني وتُجبرني على مُقابَلتِه!

كلُّ هَمِّ أمي أن يكونَ العريس غنيًّا، مع الخُلُق الحسَن، حتى تقدَّم شخصٌ مِن هذه النوعية فرفضتُ الكلام معه، فأجبرتني أمي على الكلام معه، بل أعطتْه هاتفي ليُكلمني، لكني رفضتُ بشدة، وأعلنتُ العصيان! فضربتْني، وقالتْ لي: ستتزوجينه رغمًا عنك، ولَعِب الشيطانُ وقتها برأسي، وقررتُ الهرَب مِن البيت!

أخبرتُ حبيبي بقرار الهُروب، لكنه رفَض، فطلبتُ منه أن يَتزوَّجَني عُرفيًّا -على أن يكونَ الزواجُ كلامًا على ورقٍ- حتى لا تُزَوِّجني أمي رغمًا عني! فرَفَض هذا الطلَب، فهدَّدتُه بالهرَب إن لم يُنَفِّذْ طلبي، ثم وافَق، مع التعهُّد بعدم حدوث أي شيء بيننا.

قمتُ بمحاولة أخرى مع أبي لقبول تقدُّم العريس، فقال: إذا كنتِ مُصِرَّةً على ترْكِه، فلا هو، ولا حبيبك!

هَدَأ الوَضْعُ قليلًا بعد ذلك، فطلبتُ مِن أبي مُقابَلة الشاب وإعطاءَه فرصة ليتكلَّم معه؛ لكي يثبتَ حسن نيته، وجديته في الزواج، لكنَّ أمي مُسَيْطِرة على أبي ورافضة مجرد الحديث في الموضوع.
 

مرَّت الأيامُ الأشهُر، واتَّصل الشابُّ بأبي لعله حنَّ، لكن فُوجئتُ بأبي يُخبرني بأنه إذا تَمَّ هذا الزواج فسيغضب عليَّ، وقال: يتم بشرط ألا نعرفك ولا تعرفيننا! فوافقتُ أن أتزوَّج بهذا الشكل، فسمعتني أمي وأنا أقول ذلك؛ فضربتني بشدة، لدرجة أني كدتُ أقتُل نفسي، وبالفعل قطعتُ شرايين يدي، لكنها لحقتني قبل أن أكملَ قطْع يدي، قرَّرْتُ وقتها الهروب مِن البيت! وذهبتُ لحبيبي مُنهارةً، وللأسَف وقَع بيننا المحظور! لكنه طمأنني بأنه سيظلُّ معي، حتى يُوافِق أبي، ولن يُخبره بما حدَث!
 

ألحَّ في الاتصال على أبي حتى جاء وقابَلَه هو وأهله، لكن أمي قابلتهم أسوأ مُقابلة، وعاملتهم أسوأ مُعامَلة، حتى ذهبوا وهم رافضون للأمر!

جاء الشابُّ وأهله مرة أخرى، وبعد وضْع أمي في موقفٍ محرجٍ وافقتْ، واتفقنا على الخطبة، لكنها مع كلِّ اتصال بحماتي تفتعل المشكلات وتُحْدِث مشادَّات معها، حتى رفض أهلُ الشاب الخطبة تمامًا!
 

أخبرني حبيبي أنَّ أفضل حلٍّ أن أُخبر الأهل بما حدَث بيننا، لكنني لا أقْدر على ذلك، أصبحتُ أُفَكِّر في الانتحار الآن لأتخلصَ مِن هذا العذاب!
 

أَشِيروا عليَّ هل أواجه أهلي بما حدث بيننا؟

 

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فيتبيَّن مِن رسالتك أنَّ هذا الشابَّ على الرغم مما حَصَلَ بينكما مما لا يجيزُه شرعٌ ولا عُرفٌ أنه حريصٌ على الارتباط بك؛ لأنه فَعَلَ ما يقدِر عليه للارتباط بك؛ ولذلك اترُكي هذا الأمر إليه ليتواصَل مع أسرتك؛ ليتزوجك؛ لأنَّ الظاهر مما ذكرتِهِ أنَّ رفْضَ أسرتك ليس بالرفض الذي يستحيل معه التواصلُ مرةً ثانيةً، ولكن تشعرين بأنهم يتركون البابَ مفتوحًا، وليتحملْ مسؤوليَّته في ذلك، فيُحاول الوصول لوالدك، وينفرد به بعيدًا عن والدتك، فيُقابله خارج منزلكم، ويكلِّمُه ليُقْنِعَه، ويُثبتَ له تمسُّكَه بك، وحُبَّهُ لَكِ.
 

وبعد هذه الخطوة يحاولُ بِجِدٍّ الوصول إلى أُمِّكِ، وَيَتَحَبَّب لها، وَيَتَعَرَّف منها على سَبَبِ رفْضِها، ويطلب منها أن تعطيه فرصةً؛ لِيُثبِتَ لها صِدْق رغبته، وإصراره عليكِ.
 

وفي الوقت نفسه يُفاتحُ أهلَهُ، ويُبين لهم سَبَبَ موقف والدتك، ويُشعرهم بأنه لن يتخلى عنكِ، مهما ضغطوا عليه، وَتَمَسَّكُوا بالرفض، ولْيَسْتَعِنْ في تلك المحاور الثلاثة بمَنْ يراه مناسبًا؛ مِن صديقٍ، أو قريبٍ، أو غيرِ ذلك.
 

واحذَري أن تخبري أحدًا بما حدَث بينكما، إلَّا في حالةٍ وحيدةٍ -أرجو مِن الله ألا تصلوا إليها- وهي: إن استَمَرَّ رفضُ أسرتك، فأخبريهم -حينها- مشافهةً أو مراسلةً بما حدث؛ فذلك أدعى للقبول، ولكن اجعليه آخرَ الحُلُولِ.
 

وَسَأُلخصُ لك بَعْضَ الأمور تستعينين بها للوصول لبر الأمان:

أولًا: تجب عليك التوبةُ النصوحُ مما حَدَثَ.

ثانيًا: الزَّوج الصالح رِزقٌ، يسوقُه الله تعالى، وله أَجَلٌ لا يتقدَّم ولا يتأخَّر، والطريقُ إلى تيْسيره وتعجيلِه يَكونُ باللُّجوء إلى الله تعالى بالدُّعاء في أوقات الإجابة، ثُمَّ بلزوم الطاعة لله -عزَّ وجلَّ- وتجنُّب المعاصي.

ثالثًا: تَوَقَّفِي -ولو لفترةٍ محددةٍ- عن الكلام في موضوع زواجك، وارتاحي مِن عناء الحرب مع أسرتك، ودعي الأمر للطرف الآخر؛ حتى تَتَقَوَّيْنَ -ولو قليلًا- على مُواجَهة أحداث المستقبل.
 

واللهَ نسألُ أن يتوبَ عليكما، وأن يوفِّقَكما لكلِّ خير، ويُسهِّلَ أمركما، ويُعينَكما على طاعته.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 3
  • 12,561

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً