ابنتي خدعتني مع زوجها
أنا ربة بيت، ومُعلمة قرآن، حافظتُ على الستر والعفاف، وربيتُ أولادي -وخاصة البنات- على الحِشْمَةِ والحجاب، وكانتا سبَّاقتين إلى ذلك، وحمدتُ الله على هذه النِّعمة، خُطِبَتْ إحداهما لشابٍّ ملتزم؛ محافظ على الصلاة، ومن عائلةٍ عاديةٍ طيبةٍ وغيرِ متكافِئَةٍ اجتماعيًّا معنا.
تم العقدُ، وفي ليلة الزفاف حَضَرَ العريسُ مع عائلته لأخذ العروس، وخرجت العروس مَستورةً من بيت أبيها، دخلنا صالة العرس، فكان فيها نساءٌ ورجالٌ من أبناء عمومته وأخواله وبعض الأصدقاء، كل ذلك والرجال مع النساء دون ساتر، فقلتُ: ربما ينصرفون بعد العشاء، أو يسدلون الستائر بيننا وبينهم، ولكننا فوجئنا ببقائهم، وكانت ابنتي كاشفةً لشعرها، وزوجُهَا بجانبها، تَكَلَّمَتْ أختي مع أم العريس على هذه المهزلة، لكن لا فائدة، أعراسُهم هكذا!
كلمتُ ابنتي بأن تغطيَ شَعْرَهَا، فردتْ بأنها عروسٌ! لم نكنْ نتوقع أن يكون زفافُ ابنَتِنَا هكذا، لم أجد ما أفعل، لقد كنتُ غيرَ راضيةٍ وغاضبةً طيلة العرس ومُندهِشةً؛ لأني أيقنتُ أن ابنتي التي كانتْ مِن قبلُ تعيب على كل عروس تفعل هذا، ووَافَقَتْ زوجها على ما يحدث، ولم تخبرني!
أحسستُ بأنها خدعتني، وهتكت السِّتر، وأصبحتْ نقطة ضعف في حياتي مع ربي، ومع مَن حضر من صديقاتي وأهلي، حتى إنَّ بعضهم انصرف، وأخذتُ أعاتب نفسي!
ابنتي العروس تزورني -وطبعًا هي محجبةٌ- وتأتيني بصور العرس والسي دي كي أشاهدها وهي فَرِحَةٌ وكأن شيئًا لم يحدثْ! ولكني لا أفرح، أحس بالخِزي والعار، وأعاتبها على أن هذا التصرُّف أطفأ فرحتي المنتظرة، ونكث العهد بيني وبين ربي، حتى عملي أحس أنني غير أهلٍ له.
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فَشَكَرَ اللهُ لك -أيتُها الأختُ الكريمةُ- تِلْكِ الغيرةَ على انتهاك حُدُودِ الله تعالى، ولا يخفى عليكِ أن الذَّنبَ مهما كان كبيرًا فلا يعني نهايَةَ العالم، ولا عدمَ العودةِ إلى الله، أنا مُقَدِّرٌ مقدارَ الصَّدْمَةِ التي تشعرين بها، والألَمِ الذي يعتَصِرَ فؤادك وأنتِ تَرَيْنَ ابنتَكِ المخدَّرَةَ كاشِفَةً أمامَ الرجال الأجانب، ولكن مع كل تلك الآلام لا بُدَّ أن تَعْبُرِي تلك الصدمَةَ وتتجاوزيها، حتى لا تصيبي ابنَتَكِ بالقُنُوطِ، ولا تحملي نفسك شيئًا مِن اللوم، فهذا أمرٌ قد دبر بليل بين ابنتك وزوجها، فضعفتْ وانقادتْ له.
أما الواجب عليك الآن فهو أن تواجهي الأمرَ بصلابةٍ وواقعيةٍ، فأنت لم تستشاري فيما حدَث، ولم ترضي به، بل على العكس كرهتِ ما حصل، وأنكرتِ عليهم.
الأمر الآخر رَغِّبِي ابنتك في التوبة الصادقة، وحَذِّرِيها مِن مَكْر الله لمن تَمَادَى، وابدئي معها من جديدٍ دَعْوَةً للخير، وساعديها على زيادة إيمانها بالأعمال الصالحة، وتابعيها من حينٍ لآخَرَ، ولا تترُكِيهَا للشيطان، كوني عونًا لها على نفسِهَا وشيطانِهَا.
والله أسأل أن يرزقنا جميعًا توبة نصوحًا.
- التصنيف:
- المصدر: