التعريف الاصطلاحي ومصادره

منذ 2018-03-27

الفهارس الفنية للمصنفات التي طبعت طباعة حديثة مع قيام محققيها والقائمين على طباعتها بإعداد الفهارس الفنية لها، ومنها فهرس المصطلحات المتناوَلة في الكتاب؛ ومن الأمثلة على ذلك:

السؤال:

أقرأ كثيرًا عن تعريف أىِّ شيء: هو لغةً كذا، واصطلاحًا كذا، فما الفرق بين التعريفينِ، وهل نَعرِف التعريف الاصطلاحى من معاجم اللغة أو هناك مصادرُ مستقلةٌ نَعرِفه منها؟

الإجابة:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

فإن لكلِّ فنٍّ من الفنون لُغتَه الخاصةَ ومصطلحاتِه الكاشفةَ عن مفاهيمِ ومعاني موضوعاته، وقضيَّة تحديد المصطلحات والمفاهيم من القضايا الخادمة لمبدأ التصوُّرات، التي لا يَصِحُّ الدخولُ في بحثٍ ما دون درايتها؛ حتى يمكن الوصولُ إلى نتيجة مقنعة في الموضوعِ محلِّ البحث؛ إذ الحكم على الشيء فرعُ تصوُّرِهِ.

 

والمصطلح العلميُّ يمثل اللغةَ الفنيَّةَ الخاصَّة بكل علم، والتي يستخدمها أصحابه في التعبير عن قضاياهم وأفكارهم، وربما استغلقت على غيرهم، لكنَّ ضروراتِ البحث العلمي المتخصِّص ومقتضياتِه استوجبت نشوء هذه اللغةِ القائمةِ على العُرف الخاصِّ والاتفاق والمواضعة بين أصحاب كل فنٍّ أو علم في مجال تخصصهم.

 

والمصطلحات العلمية إنما هي أعلام يُطلِقها أصحاب كل فنٍّ على معاني موضوعات تخصُّصِهم، ومصطلحاتُ الفنون - بهذا الوصف - مقوِّمُها قَيْدانِ:

 

القيد الأول: وضْعُ عَلَم على معنًى جديدٍ من المعاني المختصَّة بفنٍّ منَ الفنون، والتي هي من عوارضها الذاتية.

 

القيد الثاني: أن يكون واضع هذا العَلَم فئةً مختصَّةً بفنٍّ من الفنون لا يَشْرَكُهَا في إطلاقه غيرُها إلا على سبيل الاستعارة.

 

ويلزم من هذين القَيْدَيْنِ أن تختص مصطلحات الفنون بأسماء المعاني دون أسماء الذوات؛ إذ إنها قائمة في أُسِّها على تمييز المعاني المجردة، والموضوعات المستحدثة التي ليس لها في العربية لفظ وضعيٌّ.

 

والشروع في تفسير مصطلحات كل فنٍّ يَستلزم البُداءةَ بتوضيح المعنى اللغوي؛ للارتباط بين المعنيينِ؛ فإن المصطلحاتِ أعلامٌ على المعاني المستخدمةِ في فُنونها، والأعلام منها المرتَجَل ومنها المنقول عن معنى آخرَ، والمصطلحات من جنس الأعلام المنقولة التي رُوعِيَ فيها لَمْحُ الأصل المنقولِ عنه؛ على طريقة: "سَمَّيْتُهُ يَحْيَى لِيَحْيَى"، وقد قيل لعبد المطَّلب - عندما سمى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم محمَّدًا -: "مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ سَمَّيْتَهُ مُحَمَّدًا وَلَمْ تُسَمِّهِ بِاسْمِ آبَائِهِ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يَحْمَدَهُ اللهُ فِي السَّمَاءِ، وَيَحْمَدَهُ النَّاسُ فِي الأَرْضِ".(ذكره البيهقيُّ في دلائل النبوة بإسناد مرسل، وانظر فتح الباري: 7/163)

 

ولهذه العلاقةِ بين المعنى اللغويِّ والمعنى الاصطلاحيِّ كان العلماء يُرجِّحون بعض المعاني الاصطلاحيَّة على غيرها؛ لكونها أقربَ إلى المعنى اللغويِّ من غيرها؛ ومن ذلك ترجيح الجلالِ المحليِّ كونَ أصول الفقه اصطلاحا يطلق على أدلة الفقه لا على معرفة تلك الأدلة؛ "لكون الأول أقربَ إلى المدلول اللغوي؛ إذ الأصول لغةً الأدلة؛ كما في تعريف جميعهم الفقهَ بالعلم بالأحكام لا نفسها؛ إذ الفقه لغة الفهم". (انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية العطار:1/47)

 

وأما مصادر التعريفات والمصطلحات:

فالمعاني اللغوية مصادرها المعاجمُ اللغوية لا سيما الأُمَّهات منها؛ كتهذيب اللغة لمحمد بن أحمد بن الأزهر الأزهري الهروي، أبو منصور (ت 370 هـ)، وتاج اللغة وصِحاحِ العربية للجوهري (ت 393 هـ)، والمحكَمِ لعلي بن إسماعيل الحافظ المعروف بابن سِيدَهْ (ت 458 هـ)، ولسانِ العرب لابن منظور محمد بن جلال الدين مكرَّم (ت 711 هـ)، والقاموسِ المحيط للفيروزأبادي محمد بن يعقوب (ت 817 هـ)،،، وغيرها.

 

وأما المعاني الاصطلاحية: فلها نوعان من المصادر:

النوع الأول: معاجم المصطلحات: والمراد بها المعاجم المصنفة خِصِّيصَى لشرح المصطلحات وتوضيح مفاهيمها.

 

وهذه المعاجم منها معاجم عامةٌ غير مختصة بفن من الفنون؛ بل تشمل مصطلحات من فنون شتى؛ ومن أمثلتها:

- "مفاتيح العلوم" لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب الخوارزمي التركي، (ت 380 هـ).

- "التعريفات" لعلي بن محمد بن علي، الشريف الجرجاني (ت 816 هـ).

- "معجم مقاليد العلوم": لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ).

- "الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة"، لشيخ الإسلام زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري الشافعي (ت 926 هـ).

- "التوقيف على مهمات التعاريف" لعبد الرؤوف محمد بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين الحداديِّ ثم المُنَاوِيُّ القاهريُّ الشافعيُّ، (ت 1030 هـ).

- "كتاب الكليات" معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، للقاضى أبي البقاء أيوبَ بنِ موسى الحُسَيْنِىِّ الكَفَوِىِّ الحنفي، (ت 1093 هـ).

- "كشاف اصطلاحات الفنون" لمحمد بن علي بن محمد حامد بن محمد صابر الفاروقي السني الحنفي التَّهَانَوِيِّ الهندي، فرغ من تأليفه عام 1158 هـ، وهو من علماء القرن الثاني عشر للهجرة.

- "جامع العلوم في اصطلاحات الفنون" الملقب بدستور العلماء للقاضي عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري.

ومنها معاجمُ خاصةٌ وُضِعَتْ لشرح مصطلحات فنٍّ بعينه؛ بل وضع بعضها لشرح وتوضيح مصطلحات كتاب واحد.

 

فمن معاجم المصطلحات الخاصة بفن واحد ما يلي:

 

أولا: معاجم مصطلحات العقيدة:

- "المبين في شرح ألفاظ الحكماء والمتكلمين"، لعلي بن أبي محمد بن سالم بن محمد الثعلبي، سيف الدين أبو الحسن الآمدي، الحنبلي ثم الشافعي (ت 631 هـ).

- "موسوعة مصطلحات علم الكلام": للدكتور/ سميح دغيم.

 

ثانيا: معاجم المصطلحات الفلسفية:

- "الحدود والرسوم" أبو يعقوب إسحاق بن سليمان الطبيب الإسرائيلي أبو يعقوب القيرواني ثم المصري المعروف بالكندي، (ت 320 هـ).

- "الحدود الفلسفية": لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب الخوارزمي التركي، (ت 380 هـ).

- "رسالة في الحدود": للحسين بن عبد الله الحسن بن علي ابن سينا أبو علي، الشهير بالرئيس ابن سينا، (ت 428 هـ).

- "الحدود الفلسفية": للحسين بن عبد الله الحسن بن علي ابن سينا أبو علي، الشهير بالرئيس ابن سينا، (ت 428 هـ).

- "الحدود الفلسفية": لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (ت 505 هـ).

 

ومن المراجع المعاصرة للمصطلحات الفلسفية:

- "المعجم الفلسفي": لجميل صليبا.

- "الموسوعة الفلسفية": د/ عبد الرحمن بدوي.

- "المعجم الفلسفي": ليوسف كرم ومراد وهبة (بالاشتراك).

- "المصطلح الفلسفي عند العرب": للدكتور عبد الأمير الأعسم (طبع بدار الكتب المصرية).

- "المعجم الفلسفي": لعبد المنعم حفني.

- "معجم المصطلحات الفلسفية": للدكتور خليل أحمد خليل.

- "موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب": تأليف: د/جيرار جيهامي.

- "موسوعة لالاند الفلسفية": تأليف: أندريه لالاند، وتحقيق: خليل أحمد خليل.

- "الموسوعة الفلسفية العربية"، تحرير الدكتور: معن زيادة.

 

ثالثا: معاجم مصطلحات أصول الفقه:

لا تكاد تَجِد كتابا مختصًّا بالمصطلحات الأصولية دون غيرها في مصنفات العلماء المتقدمين، باستثناء رسالة أبي الوليد الباجي في الحدود، وإنما ظهرت المؤلفات في شرح المصطلح الأصولي حديثا، ومن أهم هذه الدراسات والمراجع:

- "الفتح المبين في حل رموز ومصطلحات الفقهاء والأصوليين" للدكتور/ محمد إبراهيم الحفناوي.

- "المصطلح عند الأصوليين" للدكتور عثمان المنشاوي.

- "المصطلح الأصولي" للدكتور القطب مصطفى سانو.

- "موسوعة مصطلحات علم أصول الفقه" في جزأين للدكتور رفيق العجم.

 

رابعا: معاجم المصطلحات الفقهية:

- "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي"، لمحمد بن أحمد بن الأزهر الأزهري الهروي، أبو منصور (ت 370 هـ).

- "طَلِبَةُ الطَّلَبَةِ" في الاصطلاحات الفقهيه على مذهب ألفاظ كتب الحنفية: للنسفي عمرَ بن محمد، (ت 537 هـ).

- "الحدود الفقهية" لابن عرفة: الذي شرحه أبو عبد الله الأنصاري، المشهور بالرصاع، - وسماه: الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية.

- "أنيس الفقهاء": لقاسم بن عبد الله بن أمير علي القونوي الحنفي، (ت 978 هـ).

 

ومن المراجع المعاصرة للمصطلحات الفقهية:

- "لغة الفقهاء": للدكتور محمد رواس قلعجي.

- "المعجم الفقهي" لسعدي أبو جيب.

- "معجم المصطلحات الفقهية": للدكتور محمود عبد الرحمن.

 

ومن المعاجم الخاصة بشرح مصطلحات كتابٍ فقهيٍّ واحد:

- "تحرير ألفاظ التنبيه": للإمام يحيى بن شرف بن مري النووي أبو زكريا (ت 676 هـ).

- "المطلع على أبواب المقنع"، لمحمد بن أبي الفتح البعلي الحنبلي أبو عبد الله ابن اللحام (ت 709 هـ).

- "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي": لأحمد بن محمد الفيومي (ت 770 هـ).

- "تصحيح التنبيه": لعبد الرحيم بن حسن بن علي بن عمر بن علي القرشي المصري جمال الدين أبو محمد الإسنويِّ الفقيه الشافعي، (ت 772هـ).

 

خامسا: معاجم المصطلحات النحوية:

- "الحدود في النحو": لعلي بن عيسى الرماني، (ت 388 هـ).

- "الحدود النحوية": لجمال الدين عبد الله بن أحمد بن الجمال عبد الله بن أحمد بن على الفاكهيِّ المكي الشافعي النحْوي، (ت 972هـ).

 

سادسا: معاجم المصطلحات البلاغية:

ظهر في العصر الحديث عدة معاجم في علم البلاغة عنيت بالمصطلح البلاغي عناية كبيرة، منها:

- "معجم المصطلحات البلاغية": للدكتور أحمد مطلوب.

- "معجم البلاغة العربية": للدكتور بدوي طبانة.

 

سابعا: معاجم مصطلحات التصوف:

- "اصطلاحات الصوفية": لعبد الرزاق بن جمال الدين أحمد كمال الدين ابن أبي الغنائم الكاشاني الصوفي، (ت 730 هـ).

 

النوع الثاني من مصادر معاجم المصطلحات:

المصنفات في كل فنٍّ فنٍّ، لا سيما الأمهاتُ منها؛ ومن أمثلة المصنفات التي عُنِيَتْ بالمصطلحات ما يلي:

 

في علم الكلام:

• "الشامل في أصول الدين": لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني، (ت 478 هـ).

• "الغنية في الكلام": لأبي القاسم سلمان بن ناصر الأنصاري النيسابوري، تلميذ أبي المعالي الجويني، (ت 511 هـ).

• "نهاية العقول في دراية الأصول": لمحمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي التميميِّ البَكْرِيِّ الطَّبَرِسْتَانِيِّ الرازيِّ، فخرِ الدين، المعروف بابن الخطيب الشافعي الفقيه، (ت 606هـ).

• "أبكار الأفكار": لعلي بن أبي محمد بن سالم بن محمد الثعلبي، سيف الدين أبو الحسن الآمدي، الحنبلي ثم الشافعي (ت 631 هـ).

 

في علم أصول الفقه:

• "البرهان في أصول الفقه" لإمام الحرمين أبي المعالي الجُوَيْنِيِّ، (ت 478 هـ).

• "المستصفى في علم أصول الفقه": لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (ت 505 هـ).

• "البحر المحيط": لمحمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي بدر الدين المصري الشافعي، (ت 794 هـ).

 

في علم آداب البحث والمناظرة:

• "الكافية في الجدل": لإمام الحرمين أبي المعالي الجُوَيْنِيِّ، (ت 478 هـ)، ويتميز هذا الكتاب بأن خصَّص صاحبه الفصل الأول من الكتاب لشرح مصطلحات علم آداب البحث والمناظرة.

 

النوع الثالث من مصادر معاجم المصطلحات:

الفهارس الفنية للمصنفات التي طبعت طباعة حديثة مع قيام محققيها والقائمين على طباعتها بإعداد الفهارس الفنية لها، ومنها فهرس المصطلحات المتناوَلة في الكتاب؛ ومن الأمثلة على ذلك:

• كتاب "بديع القرآن" لابن أبي الإصبع العدواني: بتحقيق الدكتور حفين شرف الدين.

• كتاب "تحبير التحرير في إعجاز القرآن" لابن أبي الإصبع العدواني: بتحقيق الدكتور حفني شرف الدين.

• كتاب "غاية المرام" للآمدي في علم الكلام: يتحقيق الدكتور حسن محمود عبد اللطيف الشافعي.

• كتاب "الصنيع البديع في شرح الحلية ذات البديع" في علم البديع من فنون البلاغة.

 

بقلم/ أ. مصطفى حسنين عبدالهادي.

  • 9
  • 0
  • 33,934

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً