ضعف الشخصية

منذ 2018-09-27

تَدَخُّل الآخرين في حياتك هو نتيجة لما تعانيه من تردد وضعف ثقة بقراراتك واختياراتك، أريد منك في المرة القادمة أن تكون سبَّاقاً لدراسة الأمر، واتخاذ قرار حكيم ومنع أي شخص من التدخل..

السؤال:

أنا شاب أبلغ من العمر 23 عاماً، وأعيش مع أسرتي، ومشكلتي هي: إنني أشعر بالضعف في أمور مهمة في حياتي، حتى وصل الأمر أن يتدخَّل أفراد أسرتي في كل صغيرة وكبيرة في حياتي؛ مما زاد الطين بِلَّة أن أصدقائي تسلَّطوا عليَّ، حتى أصبحت عُرضة للسخرية وحديث الناس، مع العلم أن كل من يعرفني يمدحني ويثني علي، ومع العلم - أيضاً - أنني أجاهد نفسي وأحافظ علي الصلاة والنوافل الأخرى، حتى لا أُصبح أكثر ضَعفاً، ولكن؛ هل مشكلتي مع نفسي أم مع الناس؟

الإجابة:

ما تعانيه هو مشكلة شائعة لدى الكثير من الشباب، ولكن الخبر الجيد هنا هو أنها مشكلة يمكن التخلص منها، مع العمل والصبر والاجتهاد.

 

سأطرح هنا بعض النقاط الأساسية في هذا الموضوع:

أولاً: أول ما تحتاجه أخي الكريم هو أن تحب نفسك؛ فحب الذات وقبولها كما هي هو البداية لبناء شخصية متكاملة. شخصية تمتلك الثقة بنفسها وتنظر بإكبار إلى ذاتها وكيانها. هو حب غير مشروط، تماماً كحب الأب لابنه أياً كان هذا الابن.

 

ثانياً: تَدَخُّل الآخرين في حياتك هو نتيجة لما تعانيه من تردد وضعف ثقة بقراراتك واختياراتك، أريد منك في المرة القادمة أن تكون سبَّاقاً لدراسة الأمر، واتخاذ قرار حكيم ومنع أي شخص من التدخل.. أخبرهم بوضوح: هذه حياتي وأنا حر فيها.. لكن انتبه يجب أن تتأكد من أنك تتخذ القرار الصحيح، ولا تتخلى عن مشورة من لا يعرفك ومن تثق به.

تذكر أن طلب المشورة ممن حولك - بطريقة مبالغ فيها - له آثار سلبية أحياناً؛ إذ يعطيهم الفرصة لكي يتحكموا أكثر في حياتك، وهذا أمر مرفوض.

 

ثالثاً: من المهم أن تراجع بوضوح طريقتك في التفاعل مع السخرية التي يوجهها أصدقائك إليك.. لقد تعرضنا جميعاً للسخرية في فترة من الفترات ولكن السؤال لماذا استمرت السخرية مع البعض ولم تستمر مع الباقين؟؟ والجواب هو طريقة تفاعلك مع السخرية.. فلو أظهرت الغضب والحَنَق والانزعاج من سخرية الساخر، فسيكون هذا محفزاً للساخر لكي يواصل فعله. في حين لو كان تفاعلك هو الضحك وإظهار عدم الانزعاج وكأن شيئاً لم يكن، فستقل تدريجياً، وستختفي بمشيئة الله.

 

رابعاً: هناك وسائل عدة لكي نزيد من ثقتنا بأنفسنا. لكني وجدت أن أنفعها هو القيام بأعمال يومية إيجابية صغيرة لا يقوم بها الناس عادةً, وبطريقة دائمة ومتكررة, كقيام ليلة، أو صيام نهار، أو الالتزام بورد يومي إضافي من الذَِّكر، أو الصدقة في السر، أو القراءة المركزة في موضوع ما، أو إتقان رياضة ما، أو القيام بعمل يخدم الشأن العام، وغير ذلك كثير. ومن ثم تسجيل هذه الإنجازات في دفتر شخصي. ستصبح مثل هذه الأفعال دليلاً يومياً على أن نفسك تستحق كل الحب والامتنان.     

إضافة إلى ذلك؛ يجب أن تسعى - بينك وبين نفسك - نحو التميز في مجال ما في عملك أو دراستك أو بعيداً عنهما.. هذا التميز سيمنحك الرضا عن نفسك وسوف يكسبك مكانة بين الناس.. وهنا أدعوك أخي إلى القراءة ثم القراءة ثم القراءة في الكتب النافعة والمشهورة في تطوير النفس وزيادة فعاليتها, والاهتمام بموضوع معين؛ والتركيز على القراءة فيه؛ والإبداع والتميز فيه.

 

خامساً: احترام الناس لك يأتي كخطوة ثانية بعد حبك واحترامك لذاتك، ومن السهولة أن تكسب الآخرين حينما تهتم بهم، وتنصت إليهم، وتستشعر ما يهتمون به.. أنصحك بقراءة كتاب الكاتب الأمريكي (دايل كارينجي) (كيف تكسب الأصدقاء؟)؛ ففيه الكثير مما تبحث عنه.

أخيراً: تجربتي الشخصية تدلني على أهمية اللجوء إلى دعاء الله عز وجل، قد تستغرب لكني وجدت أن لها مفعولاً هائلاً وهذا أمر لا يحتاج إلى كثير بيان.

 

الكاتب: د. ياسر بكار.

  • -3
  • 0
  • 30,524

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً