ابنتي عديمة التركيز وقراءتها ركيكة جدًا!

منذ 2017-07-16

لا شك بأنّ هناك بعض الصّعوبات والتّحدّيات التي يتوجّب علينا الإقرار بها للتعامل بإيجابيّة مع حلول واضحة لمساعدة ابنتك، لكن لا يعني ذلك التّعامل معها على أنّها مريضة أو غير مؤهلة للتعبير عن نفسها واكتساب الثّقة العالية بنفسها.

السؤال:

ابنتي الكبيرة عمرها 13 سنة، وطولها 174، وهي صغيرة تأخرت في النطق، نطقت في سن 3 سنوات، غير واثقة من نفسها، لا تسطيع تركيب جملة أو شرح موقف حصل بينها وبين صديقتها، سريعة البكاء، قراءتها ركيكة جدًا، لا تستطع التفكير، دائمًا غير مركزة، أي عديمة التركيز، مشتتة بين اللغة العربية في البيت والإنجليزية في المدرسة والشارع، خصوصًا أننا نعيش في أوروبا، لكن هناك إيجابيات فيها؛ حيث إني أعتمد عليها في البيت عندما أخرج إلى المستشفى بحكم أنني مريضة، وهي من تعتني بأختها الصغيرة ذات العشر سنوات، وتنظف البيت لي، وتغسل الملابس وتعلقهم، وتكوي ملابس أبيها، هي من تفعل لوحدها، لم أطلب منها أن تساعدني، وأحيانًا تطبخ لي أشياء بسيطة، مثل الأرز والمعكرونة.

أنا محتارة هل هي مريضة أم لا؟ وخصوصًا أن الطبيبة قالت عنها عندما كانت في سن 6 سنوات: عقلها أصغر من عمرها، وليس لديها أي هواية، وكثيرة الحركة.

الإجابة:

الأم الغالية: أسعد الله قلبك، وعافاك من المرض، وحفظك وسائر أسرتك.

نقدر لك المشاعر التي تعتريك وإحساس القلق حول بعض الضّعف الذي ذكرته في نمط شخصيّة ابنتك ومهارات التّواصل لديها، وقدرتها في التّعبير عن ذاتها، ونفيدك بالتّوضيح لك بأنّ التّمايز بالقدرات بين الأقران والأبناء لا يعني العجز أو المرض، أو حتّى وجود الخلل، كما أنّ من الضروري دوماً في التّعامل مع معطيات التّربية احترام الاختلاف، وقدرات الأبناء، والاعتراف بالفضل لهم، والثّناء على جوانب التّميّز في أدائهم كما فعلت حين ذكرتِ المزايا التي تتمتّع بها ابنتك.

كما أنّ وجود ضعف في جانب من جوانب المهارات لا ينتمي بأيّ حال من الأحوال للإصابة بالمرض أو الخلل، سواءً كان المقصود عضويّاً أو وظيفيّاً، وقد يكون كلّ ما تحتاج إليه ابنتك إتاحة الفرص أمامها لتنال الحظ الكافي من المثيرات البيئيّة التي تقدّم لها الحافز للإبداع ضمن حدود طاقاتها وقدراتها.

لا شك بأنّ هناك بعض الصّعوبات والتّحدّيات التي يتوجّب علينا الإقرار بها للتعامل بإيجابيّة مع حلول واضحة لمساعدة ابنتك، لكن لا يعني ذلك التّعامل معها على أنّها مريضة أو غير مؤهلة للتعبير عن نفسها واكتساب الثّقة العالية بنفسها.

ونؤكّد لك بأنّ الفجوة البسيطة التي تحدّثت عنها خلال أيام الطّفولة وبعض التّأخر الذي أشارت إليه الطّبيبة المختصّة؛ ليس عائقاً أمام وصول ابنتك لإحراز نجاحات وتميّز في جوانب تربويّة كثيرة، ودليل ذلك كفاءتها العالية بتقديم الدّعم والمساعدة لأفراد الأسرة مقارنة مع الأقران من ذات الفئة العمريّة.

 

وللمساعدة نشير عليك بما يلي:

  • من النّاحية العلاجيّة لمشكلة ضعف التّركيز وأساليب التّواصل ومنها اللغة، والتي تُعد السبب الرّئيس لضعف الثّقة بالنّفس:
     
  1. لا بد من مراجعة أخصّائي العلاج الوظيفي؛ لتقديم التّشخيص المناسب لمدى التّأخّر، وأسباب عدم التّركيز، وإمكانيّة علاج مشكلات التّواصل والقدرة في التّعبير عن الذّات.
  2. الاستعانة بالطّبيب لوصف بعض المكمّلات الغذائيّة التي تزيد من القدرة على التّركيز، وتعمل على تحسين الأداء وظيفيّاً.
     

ومن النّاحية التّربويّة:

  1. البعد عن النّقد والإقلال من شأنها، وحثّها على احترام ذاتها وقدراتها، والإيمان بقدرتها على رفع الكفاءة والقدرات اللغويّة ذاتيّاً.
  2. إعداد مكتبة متواضعة خاصّة بابنتك تحتوي على الكتب التي تحاكي ميولها في أي مجالٍ كان؛ لمساعدتها في تحديد جوانب اهتمام وهواية خاصّة بها.
  3. متابعة برامج الأنشطة بأنواعها، ومشاركتها في نشاط رياضي أو ثقافي أو اجتماعي لمرّة واحدة على الأقل في الأسبوع؛ لتجد نفسها بين المجموعات، وتتمكن من إثبات ذاتها، والمنافسة في أدوار بديلة مساندة لدورها الاستقلالي في تحمّل مسؤوليّات الأسرة وتقديم العون لهم.
  4. إكسابها خبرات عاطفيّة سارة للتمكن من تجاهل وتناسي الخبرات النفسيّة السّلبيّة التي تشكّلت خلال فترات الطّفولة كنتيجة لعامل التّأخر في مهارات اللغة، من خلال التّشجيع والتّحفيز، وتوفير المفاجآت التي تدخل لنفسها السّرور والفرح.
  5. بث الطّمأنينة في نفس ابنتك، والإيمان بقدراتها، والثّناء على إبداعها في الجانب الاستقلالي وتحمّل المسؤوليّات الأسريّة التي تفوق سنّها وقدراتها.
  6. تشجيعها على الحوار والمساهمة في أحاديث الأسرة وجماعات البالغين المقرّبين، وتحفيزها بالإطراء على محاولاتها وتحسين نظرتها لقدراتها.
  7. مساعدتها على أداء بعض التّسجيلات الصّوتيّة ذاتيّاً، والاستماع لصوتها عدّة مرّات، وتكرار المحاولات؛ حتى تتمكّن من الاعتراف الذّاتي في قرارة نفسها بأنّها تملك ما يؤهّلها للتّحدّث أمام الآخرين والتّعبير عن ذاتها.
  8. متابعة المختصّين في المجال التّربوي في المدرسة؛ لمساندتها وإتاحة فرص المشاركات الاجتماعيّة وسائر وسائل التّواصل أمامها؛ لإكسابها جانب الثّقة بالنّفس، وتشجيعها على بذل الجهود والمحاولات لتصل إلى المستوى المرجو من الكفاءة.

وأخيراً: ليس صعباً أن يتحوّل الضّعف عند ابنتك إلى قوّة، لكنّها تحتاج إلى من يساندها ويأخذ بيدها ويمثل لها القدوة والحافز لتحقق هدفاً متوافقاً مع قدراتها.

مع التّمنيّات الخالصة بالسّداد والتّوفيق.

المستشار: أ.أميمة صوالحة
  • 2
  • 0
  • 11,614

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً