ما احتمالية الإصابة بالأمراض في زواج الأقارب؟
الزواج سنة الله في خلقه، وهو الفطرة الصحيحة التي جعلها الله سبحانه وتعالى داخل كل رجل وامرأة، واستمرار عبادة الله سبحانه وتعالى فيها، وتحقيق المقاصد السامية منه.
أنا أم لثلاثة أولاد، أنجبت ابني البكر وعمري 18 سنة، الآن هو في السنة الأولى بالجامعة بشهادة الجميع ولله الحمد، فهو خلوق ومهذب وملتزم بالصلاة، وبارٌ بي وبوالده، علاقتنا فيها من الصراحة والصداقة الكثير.
فاجأني أنه يكن مشاعر لابنة أختي التي تصغره بعامين، ولم أظهر تفاجئي، بل قلت المشاعر الراقية تدفع الإنسان ليكون دائمًا أفضل، وأتوقع منك أن تحسن التصرف ولا تقوم بشي خطأ.
وبعدها بفترة طلب ابني من قريب لنا أن يكلمني في الموضوع، وأن أكلم أختي حتى لا يخطبها أحد، أو ما شابه.... ماذا أفعل؟ أختي وزوجها طيبان، وعلاقتنا طيبة جدًا، ولكن كنا نفكر دائمًا أن نظل أخوات، وأن زواج الأقارب خطأ، فمشاكله طبيًا واجتماعيًا كثيرة، علمًا بأن زوج أختي هو ابن خالتنا، وعندهم 5 أطفال، واحدة منهم عندها مشكلة في نمو أحد أعضائها، ممكن تكون بسبب الوراثة، والله أعلم.
ما التصرف الصحيح؟ أرجوكم أشيروا عليَّ.
الأخت الفاضلة حفظها الله: أحيّي فيك رقيّك في التعامل مع أبناؤك حماهم المولى لك، وكما أحيّي فيك سعة قلبك ووعيك وحكمتك في التصرّف.
أختي الفاضلة: الزواج سنة الله في خلقه، وهو الفطرة الصحيحة التي جعلها الله سبحانه وتعالى داخل كل رجل وامرأة، واستمرار عبادة الله سبحانه وتعالى فيها، وتحقيق المقاصد السامية منه؛ وكما أنّه الطريق الحلال الذي اختاره ابنك حماه المولى كونه يتحلّى بالأخلاق العالية والفضيلة، وهذا مؤشر إيجابيّ جدًّا لحسن تربيتك له؛ ولكن كما فهمت من رسالتك أن ما يقلقك هو أنّ ما اختارها قلبه هي ابنة أختك، وأنّ قلقك هو ليس من الفتاة نفسها، وإنّما يعود إلى تخوّفك من سلبيّات زواج الأقارب.
أختي الفاضلة: المعروف أن زواج الأقارب يلعب دورًا كبيرًا في الإصابة بالأمراض الوراثية؛ خاصة تلك الناتجة عن الخلل الوراثي المتنحي، كأمراض فقر الدم، وأنيميا البحر الأبيض المتوسط؛ ولكن هذا لا يعنى أن عدم زواج الأقارب يضمن أن تكون الذرية سليمة من أي مرض وراثيّ، ولا حتى من الأمراض الوراثية المتنحية؛ وكما أنّ قول أن زواج الأقارب يعطي الفرصة لزيادة الأمراض الوراثية في الذرية "قد يكون صحيحًا في حالات معينة؛ وليس في كل الحالات؛ وبالتالي لا ينبغي أن يكون قانونًا عامًّا؛ بالإضافة إلى أن زواج الأباعد لا يكون ضمانًا لإنجاب أصحاء وراثيًا.
لذلك: من المهم القيام بما يعرف بفحوصات ما قبل الزواج، بغض النّظر عن صلة القرابة بين الخطيبين؛ وذلك للاطمئنان على عدم انتقال الأمراض الوراثية للأبناء حال وجودها.
وأمّا بالنسبة إلى الأحاديث التي ساقها البعض ليدلل على النصح بعدم زواج الأقارب؛ فهي لم تثبت صحة إسنادها إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولو كان في زواج الأقارب ضرر لما أحلّه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك}.
أختي الغالية: حل المشكلة يكون بالحوار البنّاء، وذلك أن تجلسي مع ولدك -حماه المولى- جلسة صفاء، وأن تسمعي منه، اسأليه عن سبب اختياره لهذه الفتاة، اطلبي منه أن يعطي لنفسه وقتًا قبل أن يقرّر؛ وأن يفكّر جيّدًا، أخبريه عن مخاوفك من هذا الزواج، ولكن بهدوء وحكمة، واطلبي منه أن يفكّر جيّدًا بكل الاحتمالات، وأن يستعرض نتائجها قبل أن يقدم على هذه الخطوة، واطلبي منه أن يستخير الله سبحانه وتعالى.
وإن وجدت منه إصرارًا؛ فتوكّلي على الله سبحانه وتعالى، وتحدّثي مع أختك؛ ولكن ليكن هذا بعيد عن علم الفتاة حاليًا حتى يتم القبول المؤكّد؛ فقد يكون لأختك أيضًا مخاوف من هذا الزواج.
وختامًا أختي الغالية: لا تنسي الدعاء له؛ وأن يهيئ الله سبحانه وتعالى له الزَّوجة الصَّالحة، التي تعينه على البرّ والتقوى، وأن يختار له الخير.
أسأل الله تعالى لك ولعائلتك السعادة وراحة البال.
المستشار: أ. باسمة شحادة