أختي المراهقة لا تحترمني وأمي تقف معها!
قلب الأم الدّائم التّعاطف مع الأصغر من الأبناء، فهي تنظر إلى أختك على أنّها الطّفلة المدللة، ولربّما ذلك الدّلال المبالغ فيه يمثّل السّبب والدّافع الأول وراء تلك الاتكاليّة والسّلوك الذي يعبّر عن ضعف القدرة على تحمّل المسؤوليّات، أو التّفاعل بإيجابيّة وتقديم المساعدة والتّعاون مع الآخرين.
دي أخت مراهقة عمرها١٥سنة، لا تحترم الكبير ولا تحترمنا عندما نطلب منها أن تفعل شيئًا أو أن تقوم وتساعدنا في أعمال المنزل لا تقوم، وتقول: لماذا أنا أعمل في المنزل؟! وتقول أنا أعمل، وهي لا تفعل شيئًا، ٢٤ساعة وهي على الهاتف، ولا تتحرك من مكانها، وعندما أكلمها تقوم وتصرخ في وجهي، وتمد يدها علي، وعندما أضربها بسبب ضربها لي، أمي تأتي وتخاصمني أمامها، ولا توبخها.
لدي أخوات من زوجة أبي، ووالدتهم ليست معنا في المنزل، وهم في النفس العمر، وهم مثل السمن على العسل، ويحترمونا، ولا يردون لنا الكلام، ويعملون في المنزل معنا، ويقومون بمساعدتنا، ولا أريدهم أن يتحسسوا لأنهم يعملون معنا في المنزل وهي لا تعمل معنا.
لا أعلم ماذا أفعل! إنها سليطة اللسان، فمها لا ينطق سوى الكلام السيئ، وقد مدت يدها علي مرتين، ولا أحد يتكلم معها ويقول لها هذا الشيء الذي تفعله ليس صحيحًا، وأمي لا تريد أن أوبخها، وعندما وبختها أتت أمي وقالت لي أمامها: أنت لماذا لا تحبين أختك، وتعامليها كأنها عدوتك؟ ولماذا قلبك أسود عليها؟ قلت لأمي: أنا أخاف عليها وأحبها، ويجب أن تصبح مثل إخوتها الباقين، أنا قلبي ليس أسود، ولا أعتبرها عدوتي. لم أتوقع هذا الكلام من أمي؛ فقد جرحتني جدًا، وأعطت لأختي الحرية الكاملة في كل شيء، حتى في عدم احترامها للكبير، فأنا أكبر منها بعشر سنوات، ولدي بنت، فأرجو منكم الاستشارة والنصيحة لأعلم كيف أتعامل معها.
الأخت الغالية: حفظك الله وأسعد قلبك.
نقدّر لكِ ذلك الاهتمام ومشاعر الود التي تحملينها لأختك الصّغرى، ونعلم بأنّ اعتراضك على سلوكها وتصرّفاتها لا يحمل النّقد السّلبيّ، وإنّما الغاية منه تحسين قدرتها على تحمّل المسؤوليّات، وتدريبها على أنْ تكون جزءًا فاعلًا في منظومة الأسرة.
ثمّ لا تحزني من كلمات والدتك؛ فإنّها لا تقصد القسوة عليك، وإنّما هو قلب الأم الدّائم التّعاطف مع الأصغر من الأبناء، فهي تنظر إلى أختك على أنّها الطّفلة المدللة، ولربّما ذلك الدّلال المبالغ فيه يمثّل السّبب والدّافع الأول وراء تلك الاتكاليّة والسّلوك الذي يعبّر عن ضعف القدرة على تحمّل المسؤوليّات، أو التّفاعل بإيجابيّة وتقديم المساعدة والتّعاون مع الآخرين.
أمّا الإخوة الآخرون؛ فالمصدر الأول للدّلال المفرط وهو الأم غير متوفّر؛ مما يجعلهم أكثر تجاوبًا وتعاونًا من أختك الصّغرى؛ لذلك عليك تفهّم الأمر بحكمة، ومساعدة أختك بالود والثّناء والبعد عن المشاحنات كونك الأكبر، وتعزيز قدرتها على المساهمة في مشاركات أسريّة ناجحة من خلال الثّناء والتّقدير والحد من الانتقاد؛ لأنّه يزيد الفجوة، ويحد من نقاط الالتقاء الإيجابي بينكما.
عليك بالتّعامل الحرفي والذّكي مع اتكالية أختك وإهمالها الذي يعبّر عن الدّلال المفرط، وننصحك بتوجيه كلمات الود والهدايا البسيطة التي تقرّب بينكما وتزيد من أواصر التّرابط، وتجمع بينكما على الألفة، ثمّ اجعلي التّعليمات الموجّهة إليها لطلب المساعدة مشحونة بالرّسائل الإيجابيّة وبعيدة عن الأوامر والضّغوط، وابدئي بأنّ تكوني شريكة لها بأي عملٍ يتم تكليفها بالقيام به؛ ليكون ذلك حافزًا مشجّعًا لها على الاستمرار في المساعدة وتلبيّة الطّلبات.
كما ننصحك بأنّ يتم انتقاء بعض المهام والمسؤوليّات التي يروق لها أداؤها وتجد من خلالها تلبية لميولها، كأنْ تشاركيها مثلًا متابعة بعض المواقع التي تهتم ببعض الأعمال المهنيّة التي تحاكي ميولها، مثل الاهتمام بترتيب الموائد وإعداد التّصاميم الشّيقة داخل غرفتها الخاصّة، أو صنع بعض الحلويّات المتميّزة، ثم الثناء على مهاراتها، والإشادة بإبداعها في بعض الجوانب، ثم الإطراء على حُسن الإتقان؛ مما يزيد دافعيّتها الذّاتيّة لإنجاز مهام أكثر إبداعًا.
وأخيرًا: اشرحي بود ورحمة خطّتك تلك للوالدة ورغبتك والنّية الخالصة لك في توجيه أختك لتكون ذات كفاءة مميزة على تحمّل المسؤوليّات، واجعلي دومًا الهدف القائم عليه توجيهاتك هدفًا نبيلًا؛ ليكون كافّة أفراد الأسرة عونًا لك، فالحوار والتّواصل الثّري بالعبارات التي تصل إلى القلب والعقل لا شك بأنّها المفتاح الأول لحل الخلافات الطّبيعيّة التي تواجه أفراد الأسرة الواحدة.
مع خالص التّمنيات بالسّداد والتّوفيق.
المستشار: أ.أميمة صوالحة