أختي سلوكياتها غير منضبطة وحركتها زائدة!
اضطراب فرط الحركة شائع تصل نسبته إلى حوالى 5% من الأطفال، لكنه أكثر ظهورًا في الأولاد عادة عنه في الإناث؛ إذ تصل نسبة الأولاد المصابين إلى البنات 1:4، ورغم أن هذا الاضطراب يظهر منذ الطفولة المبكرة، إلا أنه لا يشخص عادة إلا في مرحلة المدرسة؛ لأن المدرسين يبدءون بملاحظة حركة الطفل وقلة تركيزه ونشاطه الزائد؛ مما يؤثر على تحصيله الدراسي وحتى على علاقاته بأقرانه.
عندي أخت تبلغ من العمر ١٢ سنة، في الصف الأول المتوسط، تصل لنا شكاوى من المدرسة بسبب سلوكياتها غير المنضبطة، من الحركة الزائدة، وعدم الاستماع، وكثرة الكذب، وفي الفترة الأخيرة قصت شعرها! أحاول فهم ما تفعله، لكني لا أجد لذلك مبررًا. وأيضًا تدنت درجاتها الدراسية.
أريد حلاً لسلوكها؛ لأني تعبت، ولا أريدها أن تضيع. شكرًا لكم.
ابنتي العزيزة: دعيني أحييك بداية على هذا الاهتمام والإحساس بالمسؤولية نحو شقيقتك، وحرصك الصادق على مساعدتها وتقديم يد العون لها لكي تنجح في حياتها وتسعد -بإذن الله-؛ وهذا يدل على سعة قلبك وصدق محبتك لأختك، وإحساسك بمسؤوليتك نحو أسرتك، فحفظ الله تعالى لك أختك، وأصلح حالها، وجعلك لها نعم الأخت المحبة النصوحة.
وأختك -كما يظهر- ربما تعاني من وجود ما يعرف بمتلازمة النشاط الزائد أو متلازمة فرط الحركة، وقد يأتي فرط الحركة لوحده، وهذا ما يعرف بـ(HD)، أو مقترنًا غالبًا بنقص التركيز وسرعة التشتت، وهذا ما يعرف بـ(ADHD)، أي متلازمة فرط الحركة ونقص التركيز. وقد ذكرت أن أختك أيضًا علاماتها متدنية؛ وهذا يزيد من الاحتمالية بوجود مشكلة فرط النشاط وقلة التركيز معًا.
وهذا اضطراب شائع تصل نسبته إلى حوالى 5% من الأطفال، لكنه أكثر ظهورًا في الأولاد عادة عنه في الإناث؛ إذ تصل نسبة الأولاد المصابين إلى البنات 1:4، ورغم أن هذا الاضطراب يظهر منذ الطفولة المبكرة، إلا أنه لا يشخص عادة إلا في مرحلة المدرسة؛ لأن المدرسين يبدءون بملاحظة حركة الطفل وقلة تركيزه ونشاطه الزائد؛ مما يؤثر على تحصيله الدراسي وحتى على علاقاته بأقرانه.
وهذه حالة طبية يتم تشخيصها بناءً على مقاييس ثلاثة:
- فرط الحركة والنشاط.
- قلة التركيز.
- والاندفاعية والتهور في السلوك.
وينبغي أن تظهر في أكثر من بيئة، أي في المدرسة وفي البيت أيضًا، وأن يكون النشاط زائدًا بشكل ملحوظ، ويؤثر على قدرة الطفل على التركيز، وعلى علاقاته وتحصيله الدراسي حتى يتم تشخيصه.
وغالبًا ما يوصف الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب بالطفل السيئ السلوك أو الطفل الصعب، وكثيرًا ما يتم معاقبة هؤلاء الأطفال من قبل الأهل والمدرسين، ولكن المشكلة أن العقاب معهم إنما يزيد الأمور سوءًا ولا يحلها؛ فهؤلاء الأطفال لا يقصدون بسلوكياتهم أن يسببوا المشاكل أو يؤذوا أحدًا، لكن الجهاز العصبي لديهم يعمل بطريقة مختلفة إلى حد ما؛ مما يؤدي إلى استجابات غير مناسبة وسلوكيات صعبة؛ لذا فإن طريقة تعامل من حولهم معهم من أهل ومدرسين، وتبني الأساليب السلوكية والتربوية الإيجابية؛ سيساعدهم كثيرًا في تحسين سلوكياتهم وتحسين انتباههم وتفاعلهم وتحصيلهم الدراسي، وإن لم يحصلوا على المساعدة المطلوبة؛ فهذا بلا شك قد يؤثر على قدرتهم على النجاح الدراسي والاجتماعي والحياتي بشكل عام.
ومن الأعراض التي تظهر مع هذا الاضطراب:
- كثرة الحركة وصعوبة الاستقرار والجلوس.
- التصرفات الهوجائية المتهورة والتخريبية والمندفعة، والتسبب بإزعاج الآخرين.
- سرعة الملل وسرعة التشتت، وتحويل الانتباه.
- صعوبة التركيز إلا لفترات بسيطة.
- سرعة الانفعال والغضب، وتقلبات سريعة في المزاج.
- سرعة الإصابة بالإحباط، وقد يظهر لأقل الأسباب.
- صعوبة التقيد بالنظام والانضباط، وصعوبة الالتزام بالتعليمات.
- صعوبة الاستمرار في نشاط أو عمل معين، فيبدأ بعمل ما ثم ينتقل لغيره قبل أن يكمله.
وهذه أمور تؤثر عادة على ثقة الطفل بنفسه، وعلى قدرته على تكوين الصداقات والاحتفاظ بها، فقد ينفر الأصدقاء من الطفل لهوجائيته واندفاعيته؛ مما يؤثر سلبًا على ثقته بنفسه وشخصيته.
والعلاج لهذا الاضطراب على شقين:
العلاج الدوائي، وقد أثبت فعاليته في ضبط السلوك، وتقليل الحركة والاندفاعية، وزيادة قدرة الشخص على الانتباه والتركيز والتحكم بسلوكياته، وهنالك أنواع متعددة من هذه الأدوية سيقوم الطبيب بصرف النوع المناسب لها ومتابعتها.
العلاج السلوكي:
- وهو الشق الأهم في العلاج، ويقوم على التعزيز الإيجابي للسلوك، بحيث يستخدم نظام تحفيزي معها لتعديل سلوكها وزيادة قدرتها على التركيز والانتباه، والتحكم بسلوكياتها، وينبغي تحديد الأشياء التي تمثل حوافز ومكافآت جيدة لها، واستخدامها من أجل تشجيعها على السلوك الجيد وتعديل سلوكياتها السلبية
- التركيز على السلوكيات والصفات الجيدة لديها ومدحها، ومحاولة دعمها وتعزيزها.
- إيجاد نوع من الروتين الثابت في حياتها، ويكون هنالك جدولا تنظيما لوقتها ونشاطاتها، فيكون هنالك ساعة معينة للدراسة ينبغي أن تجلس وتدرس خلالها، وأخرى للترفيه والحركة، ومواعيد لكل نشاطاتها وأمورها اليومية.
- عند الدراسة ينبغي إبعاد المشتتات من حولها، وتقسيم واجباتها على فترات زمنية تتخللها استراحات قصيرة للحركة والترفيه، وينبغي مساعدتها وتشجيعها على التركيز وإنهاء دراستها وواجباتها.
- تجنب انتقادها ونعتها بصفات سلبية، فهؤلاء الأطفال يحتاجون كثيرًا لدعم ثقتهم بأنفسهم، والانتقادات السلبية تضعف هذه الثقة.
- إشراكها في تحمل مسؤوليات معينة في البيت؛ حتى تعودوها على الالتزام، وتركيز جهدها في عمل ما حتى تنهيه.
- والمدرسة تلعب دورًا مهمًا في مساعدة أختك على استخدامها طاقاتها وقدراتها، وتحسين مستواها الدراسي والاجتماعي والسلوكي؛ لذا ينبغي أن يكون هنالك تواصل بينكم وبين معلماتها، وأن يتم مناقشة حالتها معهم، وإخبارهم بأنكم ستعرضونها على الطبيب لتشخيص حالتها ومساعدتها دوائيًا وسلوكيًا لكي تنجح في حياتها، فهؤلاء الأطفال هم غالبًا أذكياء، ولا تنقصهم المقدرة الذهنية، لكن هنالك اختلاف في طريقة عمل الجهاز العصبي لديهم؛ مما يؤثر على سلوكياتهم، فإن وفرت لهم المدرسة التعديلات الملائمة لحاجاتهم التعليمية والسلوكية؛ ساعدهم هذا على النجاح في دراستهم وحياتهم.
ومن هذه التعديلات:
- أن تراعي المعلمة الفترة التي تستطيع أختك أن تركز خلالها، فتقسم الدرس لها إلى وحدات تتناسب مع قدرتها الزمنية على التركيز.
- وأن تتيح لها مجالاً للحركة، وأخذ استراحات قصيرة من فترة لأخرى.
- أن تحرص أن يكون مكان جلوسها في الصف بعيدًا عن ما يشتت انتباهها، مثل القرب من النافذة أو الباب، أو الجلوس إلى جوار صديقاتها.
- محاولة إفراغ طاقتها البدنية الزائدة في النشاطات الحركية المفيدة، وإشراكها في الألعاب الرياضية والنشاطات الحركية.
- أن تقوم المعلمة باستخدام الوسائل التعليمية الممتعة من حين لآخر؛ ولا تكتفي بالأسلوب التقليدي في التدريس؛ فهذا سيساعدها على الانتباه والتركيز.
- استخدام نظام الحوافز والمكافآت معها، وفي هذا قد تقوم المعلمة بإعطائها بطاقة تقوم بوضع نقطة أو علامة صح عليها في كل مرة تحسن فيها السلوك، وتتفق معها على أن يتم تبادل النقاط على البطاقة بمكافأة ما عندما تحصل على العدد الكافي من النقاط المطلوبة. والمكافأة ينبغي أن تكون شيئًا يمثل حافزًا لها، كأن تساعد المعلمة في ضبط النظام لمدة يوم مثلاً، أو يسمح لها باستخدام الكمبيوتر لفترة إضافية، أو غيرها من المكافآت المناسبة.
- أن تركز المعلمة على صفاتها الجيدة، وتكثر من تشجيعها، وتشعرها بإيمانها بقدرتها على النجاح والتفوق، فإن شعرت أن معلماتها يقدرنها ويرين فيها الصفات الجيدة؛ فسوف تتشجع على إظهار المزيد من السلوك الجيد والاهتمام بدراستها.
- أن يتم التنسيق بين معلمة المادة ومعلمة المصادر في المدرسة؛ من أجل دعم الحاجات التعليمية لأختك بشكل أفضل، فيتم دراسة ما يمكن مساعدتها به وتوفيره لها.
- وإن أهم شيء في التعامل مع هؤلاء الأطفال: أن ندرك أن لديهم مشكلة خارجة عن إرادتهم، فنتجنب الغضب والانفعال نتيجة سلوكياتهم، ونتجنب إطلاق الصفات السلبية عليهم، بل نتعامل معهم بضبط للنفس وهدوء الأعصاب وبالكثير من الحب والاحتواء والتشجيع؛ حتى نستطيع مساعدتهم بالشكل الأفضل، فهم أذكياء، لكنهم يحتاجون إلى فهم سلوكهم والتعامل الإيجابي الذي يساعدهم على توجيه طاقاتهم بالشكل الصحيح، والاختلاف -ابنتي العزيزةلا يعني السلبية مطلقًا، ولكن من المهم أن نعرف كيف نتعامل مع هذا الاختلاف بما يدعم يعزز القدرات ويدعم الاحتياجات.
- ولا بد من تعويدها على قول الصدق وتجنب الكذب، وتعليمها أن الصدق منجاة لها، وأنه طريق الجنة، وهو أفضل وأحسن من الكذب، وزيادة ثقتها بنفسها لتجنب الكذب، وتحفيزها بالمكافآت والتعزيز المادي والمعنوي، وسرد حكايات وقصص مؤثرة عن الصدق، وتوفير قدر عال من العطف والحنان لها.
ودمتم سالمين.