ابني يستفزني ولا يحترم أحدًا!

منذ 2017-08-06

استثمار المواقف والتّجارب لغرس الخبرات سيجعل من ولدك الأصغر سنّاً بين الأخوات رجلاً تعتمدين عليه، ويسعد قلبك به، فاستعيني بالله والصّبر والصّلاة، واكثري له من الدّعاء بالهداية.

السؤال:

ابني عمره ١٣ سنة، أصغر أولادي –الكبيرة عمرها ٢٢ سنة، وأخرى عمرها ١٨ سنة- كان خلوقًا كثيرًا، صحيح أن طبعه الحدة لكنه يحترم الجميع، ويحبني كثيرًا، لكن له فترة مستفز كثيرًا، ولا يحترم لأي أحد، معي لا يتجرأ أن يقلل أدبه، لكنه يظل يستفزني ويريني أنه يستفزني، فيحدث مشاكل مع الكل، ويتكلم كثيرًا، ويتدخل بكل شيء حتى لو لم يخصه، ويحب أن يتكلم مع الكل حتى ولو كانوا غرباء، وأصبحت أخاف عليه كثيرًا. يعرف أني مريضة وصحتي غير جيدة، وفي كل مرة يعتذر ويقول سامحيني.

ماذا أعمل؟ قلبي يحترق، حتى صرت أدعو أن يموت؛ لأن أتعبني بالبيت جدًا.

الإجابة:

الأم الغالية: حفظك الله، وولدك وسائر أحبّتك.

لا تقلقي كثيراً.. وإنْ كنّا نقدّر منك ذلك القلق، خاصّة وأنّه الابن الأصغر، والذّكر على أنثيين، فالحرص والاهتمام لا شكّ يصبح بالغاً مع تلك الخصائص، ونود لقلبك أنْ يطمئن، فلا شيء من سلوك ولدك يفوق حدود وطبيعة المرحلة العمريّة والظّروف البيئيّة السّابقة التي أشرنا إليها، ولربّما يكمن الجذر العلاجي في بعض الاسترخاء والتّعامل مع التّصرّفات المرتبطة بالمرحلة العمريّة على أنّها جزء من الخصائص وليس أنّها رغبةً بالاستفزاز.

كما أنّ مشاركات ولدك في الأحاديث وتقديم بعض المقترحات التي يعدّها على أنّها الخطوة الأولى للدّخول إلى مرحلة النّضج، ويُعد ذلك من الجوانب الإيجابّية المساعدة على تكوين الشّخصيّة؛ كونه بحاجة للتّمرين والتّدريب، ورغم أنّ تلك التصرفات التي يبديها خلال هذه الفترة لا تشير إلى الوعي والنّضج، إلا أنّ الممارسة والتّوجيه والإرشاد، واستثمار المواقف والتّجارب لغرس الخبرات سيجعل من ولدك الأصغر سنّاً بين الأخوات رجلاً تعتمدين عليه، ويسعد قلبك به، فاستعيني بالله والصّبر والصّلاة، واكثري له من الدّعاء بالهداية.

 

ونوفّر لك أهمّ جوانب الدّعم في التّعامل مع تربية ولدك المراهق:

 

أولاً: الأسباب التي تدفع ولدك للاستفزاز واثارة المشاكل والشّغب:

  • الانفعالات اللاإراديّة النّاتج عن النّمو المتسارع في بنية الجسد وما يصاحبها من تغيّرات هرمونيّة.
  • حرمانه من بعض المزايا التي يشعر بأنّها من حقّه، كمعاملته على أنّه لا زال طفلاً في حين حاجته لإثبات العكس.
  • التّدخّل في شؤونه، وشعوره بالسّيطرة والتّحكم من قبل من هم أكبر منه، خاصّة وأنّه الأصغر.
  • التّردّد والصّراع الدّاخلي، والحاجة خلال هذه المرحلة لإثبات الذّات والإقرار بالكيان المستقل.
  • الضّيق النّاتج عن صعوبة التّكيّف مع محيط الصّداقات والأقارب.
  • التّمرّد على السّلطة من أجل الإقرار بالحرّيات الشّخصيّة التي تشعره بالرّجولة المنتظرة بشغف، مع نقص الوعي وعدم كفاية النّضج.
  • نقص الثّقة بالنّفس، والتّعصّب للأفكار الذّاتيّة والتّوجّهات الخاطئة.
  • قصور في تنظيم الانفعالات بسبب عدم اكتمال وظيفة الفص الجبهي المسؤول عن التّفكير المنطقي.

 

ثانياً: أشد وسائل ضبط حالات الاستفزاز التي يأتي عليها ولدك:

  • خلق أجواء الدّعابة والمرح المشتركة بينكما، وعدم التّشدّد بالتّوجيه، أو المبالغة في النّقد؛ لأنّ تلك الاستفزازات ترمي إلى الحصول على الانتباه والاهتمام.
  • تعميم اهتماماته الخاصة على الأسرة؛ لبث مشاعر الأنس والاحترام بينه وبين سائر أفراد الأسرة، وبث الطّمأنينة في نفسه؛ لبلوغ غاياته بشكلٍ إيجابي.
  • الصّبر والهدوء، والتّجاهل والتّعاطف مع رغباته دون تفريط، وتحذيره من ممارسة المزيد من الاستفزازات التي تؤثّر على الصّحة النّفسيّة لمن حوله.
  • تلافي المواجهات المباشرة بشكلٍ سلبي، والحرص على الثّناء على الجوانب الإيجابيّة، والحوار ضمن أطرٍ مثمرة كاختيار الأوقات الملائمة، والأساليب النّافعة، مثل الاحتواء، والبدء بالتّشجيع، وغرس الثقة والأمان.

 

ثالثاً: فنون التّعامل مع سائر التّحدّيات التي تواجه هذه المرحلة العمريّة:

  • توظيف جانب من المسؤوليّات التي تبلغه آماله في إثبات ذاته، وتدريبه على إتقانها بالتّدرّج.
  • عدم الانفعال والصّراخ في وجهه؛ لأنّ في ذلك تهديمًا لغاياته، وإحباطًا لمشاعره.
  • إبراز شخصيّته بين أخواته البنات، والمساواة في التّعامل، وعدم الإفراط في الدّلال.
  • عدم السخرية أو الاستهزاء به، والاستماع له وإتاحة الفرص له.
  • تمكينه على إدارة علاقاته مع البالغين، وتوعيته بأطر التّعامل، وتحذيره من المخاطر وتثقيفه بالمحاور أو المحاذير.
  • الإقرار له بالاحترام والتّقدير، والتّسامح معه، وتوفير الحب المقرون بالحزم.
  • إتاحة فرص التّعبير عن الذّات والانفعالات الدّاخليّة وعدم إنكار ذلك.
  • تلبية حاجته للشّعور بالثّقة بالنّفس.
  • غرس القيم الدّينيّة التّربويّة، ومنها طاعة الوالدين المرتبطة بطاعة الرّحمن والتّوفيق.

 

وأخيراً: الامتثال لتوفير القدوة الحسنة في كافّة علاقات التّواصل مع ولدك، سواءً الأقارب أو الأصدقاء والأسرة، وطرق أبواب الصّدقات والطّاعات، والعبادات والبر، والعمل الصّالح، والإكثار من الدّعاء له؛ فربّ دعوةٍ في خلوةٍ وسجود رفعت عن الأبناء كربة، وحققت أملاً، وأصلحت حالاً.

 

مع تمنيّات موقع " مستشارك الخاص " بالتّوفيق والسّداد.

 

المستشار: أ.أميمة صوالحة

  • 4
  • 1
  • 9,644

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً